د. كمال الشريف يكتب: تفكيك المتمكن من المتفكك!!!
الاتجاه الخامس
د. كمال الشريف
تفكيك المتمكن من المتفكك!!!
بعد انتفاضة ابريل باسمها الأول وحجم كبرها الأول وهدفها التاريخي الأول التي كانت لإسقاط نميري وجهاز أمنه القومي الذي ضرب في السودان نموذجاً مخيفاً في أوساط المثقفين من السياسين والفنانين والتجار ورجال الأعمال ورجال الإعلام وأصحاب البقالات الكبيرة وقتها ومشاريع الرفاهية من رحلات وقعدات وونسات، كلها كانت تخشى من جهاز الأمن القومي.
وللعلم أغلبية هذه الفعاليات هم منتمين للأمن القومي ببطاقاتهم ومسدساتهم وملابس بعضهم وحياة بعضهم الاجتماعية.
جلست مع اللواء عمر الطيب، سألته بعد الانتفاضة من هم منتسبي الأمن القومي في السودان؟
ابتسم الرجل بكل هدوء وقال لي: اسألني عن من لا ينتسب لجهاز الامن القومي في السودان من كل أنحاء السودان، من كل قبيلة، من كل قرية، من كل مدينة، من كل إقليم، من كل وزارة، ومن كل أسرة.
سألته عن هل توجد لديكم قوائم بأسماء هؤلاء؟
نعم.. نحن جهاز أمن نجح في التعامل مع cia وأجهزة أخرى في العالم، نحن إذن نحتفظ بكل عملائنا في الداخل والخارج بمسمياتهم ورتبهم المختلفة.
50% من أهل السودان أمنجية يا سعادتك
ضحك اللواء
أكثر كثير وكثير
إذن. نحن شعب ينتمي للأجهزة إياها من أجل
حزب
أو عقيدة
أو عرق
أو بلد مليون ميل مربع
أو أكل عيش
للتفاصيل الآمنة لمهنة منتسبي أجهزة الأمن في حياة ميسرة من مرتب لسيارة ولبطاقة تسهل لك أمور الحياة نهاية بي صف العيش
وجاءت الإنقاذ بكامل تفاصيلها، كان أولها تفكيك قوة جهاز أمن نميري التي كانت متمكنة من وظائف الدولة المختلفة
وقال الطيب إبراهيم وقتها: نفكك كل قواعد نميري نسيطر على الدولة
نعم، هكذا كانت فكرة مشروع الإنقاذ الأول في التمكين من مفاصل الدولة
وتم تصفية الخدمة المدنية في السودان بأكملها
نعم بأكملها
حرقت اكثر من 2 مليون وظيفة كانت قبل 89.
وجاءت 5 مليون وظيفة جديدة في 7 سنوات أولى للإنقاذ، وقتها جاءت هذه الوظائف باستراتيجية التمكين تحت مظلة مشروع عقائدي وتناست أن المشروع العقائدي يحتاج لترميم كامل للبلاد أولها ثقافياً وتانيها عرقياً وتالتها اقتصادياً ورابعها اجتماعياً حتى تأتي العقائدي
وكانت هذه الوظائف التمكينية قد نجحت أولها في تفكيك البنية التحتية للسودان بدءاً من الإنسان
إذن فكرة التمكين هي فكرة مشروع الاستقلال نفسه من الإنجليز. وقتها فككت البنية التحتية للوطنية السودانية وللقومية السودانية وللسياسة السودانية بتفاصيلها المختلفة.
وانتقلت العدوى من جيل لجيل حتى وصلت لثلاثين سنة من الإنقاذ، وهؤلاء هم من وضع أكثر 14 مليون وظيفة باستراتيجية واحدة ومطللة لكل قواعد المجتمع السوداني في استراتيجية تدمير 75% من المجتمع السوداني، ويكفي أن يستفيد 25% فقط من المجتمع السوداني بحدود جغرافيته وثقافاته المختلفة.
إذن. نحن من الممكن أن نبقى قروناً من الزمان تحت خدمة تفكيك المتمكن من المتفكك
من يفهم؟؟
ونضيع سنوياً أكثر من 4 مليار دولار ونحن نعيش في مشروع المتمكّن الذي يفسد ويفكك بوظيفته وقبيلته وحزبه ومشروعه حتى الوطني منه.