محمداني عبد الحميد رابح يكتب: قُبة عبد البنات
محمداني عبد الحميد رابح يكتب: قُبة عبد البنات
المكانُ كان يَعجُ بالنسوةٍ اللّاتي جِئنَ من مناطق متفرقة، عَوج الدرب، التيتل، العكيرشة.. تغطت تِلك القلعة بنهيق الحمير وصوت طائر الهُدهد الذي كان يُغرَّد متحسراً بعد أن أكل الصقر ابنه الوحيد، أباريق وأواني من الفخار مليئة بالماء، حبات من عيش الدُخن والماريق منثورة في الجانب الاخر خصيصًا للطيور التي كانت تقتات منها؛ ثعبان في وضع الاستعداد للانقِضاض على فريسته، صوت زُمبارة حزين يأتي من تحت الوادي المجاور للقلعة اطلقهُ راعي الضأن الذي مَرّ قبل قليل، همهمات الرجال وهم عائدون إلى قُراهم بعد أن انفضّ سوق الماشية بمليط، إمرأة وهي تزحف على ركبتيها وتتضرّع من فوق ضريح الشيخ عبد البنات لكي يعود ابنها الذي كان غائباً منذ مُدة طويلة..
حاولتُ أن أتقدم خطوتين إلى الأمام، نظرتُ يَمنةً ويَسرة، لوّح لي ذلك الشاب الذي كان يجلس وحيداً على جذع شجرة القَفْل، كان يرتدي جلابية ممزقة وحذاء من البلاستيك شعره أشعث، عيناه واسعتان سوداوان؛ قال لي بلهجة محلية بعد أن اقتربت منه وقد بدا على قسماته بعض الضيق: العوين ديل من قبيل أنا قاعد نشوف ليهن وهن بخمن في التراب وبصرن قالن تراب القُبة ده بعالج كل الأمراض، في تلك اللحظة انتابني شعور جارف للضحك إلاّ انني تملكتُ نفسي وأنا أمرر يدي على فمي بطريقة طولية لاُجدد ملامح الجدية بعد أن كادت تنسف بها جملة الشاب الأخيرة.. قلت له وقد ازدادت نبرة صوتي قوة: أعلم ان ذلك لا يفيد شيئاً ولكن هذه نتيجة الجهل والتخلف لذلك لا تقلق سوف يأتي اليوم الذي تنتهي فيه كل هذه الخزعبلات.