حامد نحوله يكتب: الاقتصاد في عهد جبريل بين الانهيار والفشل الذريع
لا يختلف اثنان على أنّ أسوأ الظروف الاقتصادية حدثت خلال ولاية وزير المالية جبريل، لكن أيضاً لا يختلف اثنان على أنّ للسياسات المتراكمة الخاطئة والانقضاض دائماً دور كبير في ما يحدث في الاقتصاد السوداني، خصوصاً في بلدٍ تتداخل فيه المصالح والزبائنية وتتضارب، بين فرقاء الطبقة السياسية.
وبلغ سوء الواقع الاقتصادي في السودان منذ بداية عام 2022م من أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخ السودان الحديث، لكن المسبِّب لهذا الانفجار، وإنّما نتيجة لسياسات مالية ملتوية في السنوات الماضية أدّت إلى ما أدّت إليه، ولسوء حظّه “انفجر اللغم بوجه وزير المالية جبريل”، وهذا ما بدأ بمعاناة الناس الذين وقفوا في الطوابير على كافة السلع، من الخبز والدواء ولا سيما البنزين، وغيرها، وعانوا ويعانون من غياب الكهرباء والارتفاع الهائل في كلفة المعيشة، وكانت الكارثة الكبرى المتمثِّلة بشحّ الدولار من السوق، ليصبح هذا العهد برعاية “قدّيه الدولار اليوم؟”. وجاء فشل في اجازة الميزانية ليسحق ما بقي من اقتصاد، ويعود السودان إلى أسفل السافلين.
تُعدّ هذه الموازنة الأفشل على الإطلاق كونها استغرقت كل هذه الفترة ولم تتم إجازتها، والحكومة، وهي “سابقة تاريخية”، بحسب نراه. وعاش السودان حينها في هذا العام على وتيرة مخجلة للموازنة لعدم مراعاة حقوق الآخرين الذين يعيشون حياة جهنمية في أبسط مقومات الحياة من مأكل ومشرب للمواطن العادي البسيط.
يجب أنّ يكون هناك تدقيق جنائي ويأتي من ضمن الخطوات الإصلاحية التي يعتزم السودان لتحقيقها خلال الفترة المقبلة… ويستجيب التدقيق لحق السودانيين في معرفة أسباب الانهيار الاقتصادي والمالي والاجتماعي والمعيشي الذي أصاب البلاد والعباد”.
وعلى الرغم من كل العوائق السياسية، تشكّلت الحكومة في السودان، ويجب أن تتعهد بأن تطلق خطة طوارئ إنقاذية، ومكافحة الفساد والقيام بمعالجات في المالية العامة مع إجراءات اقتصادية للانتقال من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد منتِج. وكان السودان يستعد لإطلاق ورشة عمل لمعالجة أزماته كافة، وعلى رأسها الاقتصادية والمالية منها، حين تقوم بالتصدير والاستيراد ، فيجب على الحكومة إعلان حالة طوارئ اقتصادية، ما فرمل إلى حد ما انطلاقة الخطة وفاقم من أزمات البلاد وأضاف إليها الأزمة المالية و الإدارية والسياسية، تهدف إلى استعادة الثقة بالاقتصاد، وإلى خفض الدين العام ووضع المالية العامة على مسار مستدام، وإلى إعادة النشاط والثقة إلى القطاع المالي.
إن “البرنامج الإصلاحي للسودان يحتاج إلى دعم مالي خارجي حتى يعوّل عليه وبشكل كبير على التمويل الذي سيخصص بشكل أساسي للاستثمار في مشاريع البنية التحتية”.
في الفترة التي سبقت اندلاع الثورة، برزت مؤشرات عديدة أنذرت باهتزاز النظام المصرفي، ولم تكن سوى نقطة المياه التي فاض منها الكوب، بعيد الثورة، سارع الناس لسحب أموالهم من البنوك، لكن سرعان ما أقفلت وحجزت الودائع، وبدأت اجتهادات بنك السودان عبر إصدار تعاميم تسمح للمودعين بسحب ودائعهم الدولارية بالجنيه إلى جانب تعاميم أخرى تخصّ الحسابات الصغيرة على وجه الخصوص، لهذا تسبب في الانهيار والفشل لإدارة المال العام لتسيير دولاب الدولة الذي توقف تماماً وكاد أن يدخل الجميع في مجاعة بسبب الفاشلين القائمين على أمر وزارة المالية.