البترول بغرب كردفان..تراجع التنمية وتفشي العطالة
الشباب: مؤهلاتنا عالية ولم نجد سوى التهميش والمماطلة
أبناء المنطقة: العطالة وضعف التنمية وانتشار الأمراض المستعصية أبرز سمات الولاية
إحدى الشركات في طريقها للتصفية وسيذهب موظفوها للشارع
برلماني: ما قدمته الشركات لا يتجاوز الـ 1% والبترول أفرز صراعات قبلية
إدارة النفط: الوزارة لا علاقة لها بملف شباب غرب كردفان
تحقيق: النذير دفع الله
يبدو أن لعنة النفط ليست حكراً على منطقة أو مكان محدد، فأينما وُجد الأسود اللزج وُجدت اللعنة وحل شيطان التفاصيل مارداً يتلاعب بالأشياء كيف يشاء، وما ولاية غرب كردفان التي بها أكثر من أربعة حقول منتجة البترول إلا واحدة من المناطق التي حلت عليها لعنة النفط فبدلاً من أن ينعكس عليها فى التنمية والتطور لم تجن وتكسب غير عطالة أبنائها الذين تخصصوا في مجال النفط والبترول، بل حلت عليهم مأساة تلك الشركات التي نثرت سمومها وموادها القاتلة لتنعكس على أهل المنطقة أمراضاً لا قِبل لهم بها، ولا يعرفونها سابقاً، ومع ذلك لم يطالب أهل المنطقة وشبابها الخريجون المتخصصون في مجال النفط سوى بتوظيفهم واستيعابهم في تلك الشركات، بل أن تقوم تلك الشركات بمسؤوليتها الاجتماعية كاملة تجاه المنطقةن وتوفير فرص للعمالة المحلية، والاهتمام بالخدمات الضرورية باعتبار أن ذلك حقاً مشروعاً حسب ما نصت عليه الاتفاقيات المحلية والدولية مناشدين المجلس العسكري والحكومة المقبلة بالنظر في معاناتهم وأمر توظيفهم ..
حبر على ورق:
حامد بخيت مصطفى، من شباب مواطني محلية الفولة إدارية بليلة، إحدى مناطق النفط بغرب كردفان، أكد (للصيحة) وجود واجهات وقفت أمامهم منها ممثلو المنطقة من المجلس التشريعي المحلي والبرلمان القومي والمعتمدون وغيرهم لأنهم من يمثلوننا بواسطة الشرعية القانونية، وهو ما أفقدنا البوصلة والاتجاه حول هؤلاء. وقال بخيت: نناشد الدولة إنصافنا في أمر العمالة والتوظيف والخدمات الاجتماعية والبيئة والصحة.
مضيفاً أن كل ما نطالب به من خدمات موجود في العقود فهو حبر على ورق فقط، ولكن على أرض الواقع لا يوجد شيء، حيث قال إن (الشعلة) موجودة من فوق رؤوسنا، بل عندما يفتح عمال شركات البترول (السورس)، وهي مادة مشعة من غير إبعاد المواطنين أو تحذيرهم وهم فى منطقة قريبة أو محيطة بها، الشيء الذي يعرضهم لخطر كبير، وقال: نريد أن يصل صوتنا لكل المسؤولين باعتباره رأي المجتمع هناك، ونطالب بتوظيف أبنائنا في تلك الشركات وفقاً للقانون والاتفاقيات، مؤكداً على وجود فوضى كبيرة من الشركات في حقول البترول بغرب كردفان، وحسب قانون (أوبك) فإن هنالك ضوابط عالمية ومحلية لم تلتزم بها تلك الشركات مثل عدم توفير الخدمات ومخلفات البترول تكب في العراء مما عرض الأطفال والمواطنين للإصابة بكثير من الأمراض الخطيرة مثل السرطانات والأمراض الغريبة.
ظلم وإجحاف:
وكشف أن عملية بيع التخلص من الفائض المتعلقة بشركات النفط تصل سنوياً لمبلغ 200 مليار لم تنشأ منها (مزيرة) لتلك المناطق، بل عللت لجنة التخلص من الفائض أن التنمية تشمل كل المناطق التي يمر بها خط البترول حتى منطقة الجيلي شمالاً في الخرطوم مع العلم آن الآبار داخل منازلنا .
تجاهل ومماطلة
أما الحبيب آدم دبة، ولاية غرب كردفان هندسة النفط جامعة السودان، قال (للصيحة): نحن شباب مناطق البترول بغرب كردفان من (نيم بليلة وهجليج ومن أم العدارة إلى زرقة الحديد وحقل السفيان) غرباً، ومنطقة نيم تشمل نيم نفسها إلى دفرة وكنار وغيرها من مناطق هجليج من بامبو إلى حدود جنوب السودان، موضحاً أن منطقة غرب كردفان بها ثلاثة حقول رئيسية للبترول منها حقل بليلة وحقل هجليج والبراصاي جوار الفولة.
أما حقل بليلة فتعمل فيه شركة (بيتروانيرجي) الصينية وحقل هجليج تعمل فيه شركة (تبيو أوبكو) السودانية، بالإضافة لشركة (جمبك)، وهي شركة النيل الكبرى سابقاً.
وأضاف الحبيب: أنه حسب اتفاقية العام 98 للبترول التي تقول بأن هنالك نسبة 60% لأبناء المنطقة من المهرة والمهندسين يجب استيعابهم في حقول البترول ونسبة 100% من العمالة المحلية، بالإضافة لبناء القرى النموذجية والتي يجب تشييدها في تلك المناطق والمعاهد الفنية المتعلقة بدراسات البترول، كاشفاً انه في مجال التوظيف لم يتم حتى تاريخ اللحظة استيعاب أي من أبناء تلك المناطق في تلك الشركات نهائياً، ونحن خريجو العام 2012 لا زلنا عطالة، والبترول يخرج من أراضينا وحول منازلنا، وللأسف فإن زملاءنا الذين تخرجوا معنا في ذات التخصص من مناطق أخري يعملون في تلك الشركات، وهو ما شكل لنا حاجزاً نفسياً كبيراً.
وقال الحبيب: قدمنا شهاداتنا التي تؤهلنا على مستوى وزارة النفط، ولكن لم نجد غير التهميش والتجاهل والمماطلة، الشيء الذي دفع بالكثيرين للهجرة أو تغيير تخصصهم الأكاديمي واللجوء للعمل الحر المفتوح، لذلك نتوجه بصوتنا عالياً لكل المسؤولين سواء في الحكومة الانتقالية المقبلة أو المجلس العسكري الحالي، بأننا ظلمنا كثيراً، ويجب أن يتم إنصافنا.
وأضاف الحبيب أن العمالة المحلية تم الاستغناء عنها من تلك الشركات، وهم الآن عطالة، ويمكن أن يسببوا كثيراً من المشاكل.
استهتار:
وقال إن التنمية في مناطق البترول تساوي صفراً بل على العكس لم نجن من البترول غير الأمراض المستعصية التي وصلت لبعض الحالات الخطرة خلال الفترة الماضية، وبعض الوفيات، أما البيئة فإن النظام الذي تعمل به الشركات العاملة في تلك المناطق مخالف تماماً لمعايير السلامة الدولية، ولا يوجد أي تأمين، بل يتم إطلاق الأشعة دون إخطار الناس أو تحذيرهم مما سبب كثيراً من أمراض السرطان والعقم والإجهاض وتشوّه الأجنة، منادياً الجهات المسؤولة بتطبيق كل معايير السلامة طالما أن نظام البترول هو نظام عالمي..
صراعات قبلية:
وذكر أن تلك الشركات قامت بحفر (الترينشات)، وهي عبارة عن خندق عمقه (5) أمتار وعرضه (5) أمتار يتم حفره حول موقع الشركة من أجل التأمين، وهو ما سبب إشكالات وأضراراً كبيرة منها انسداد مجرى مياه الوديان الطبيعي، علماً بأن إنسان المنطقة يعتمد بصورة مباشرة على مياه الأمطار، بل هناك وديان تاريخية قد أغلقت تماماً وتسبب في ضيق المرعى، وقفل المراحيل الرئيسية مما أحدث بعض الصراعات القبلية.
وظائف بديلة
كباشي هنو فرح، خريج جليوجيا للعام 2014م، قال إن المعاناة كبيرة وقاسية بالنسبة لنا، ومنذ العام 98 وهو أول عام تم فيه استخراج البترول في مناطق غرب كردفان كان هدفنا الأساسي ونحن أطفال في تلك الفترة أن نتخصص ونعمل في تلك الحقول والشركات، واجتهدنا لتحقيق ذلك، ولكن بعد التخرج وحصولنا على شهاداتنا للأسف تم إقصاؤنا من العمل في تلك الشركات وحقول البترول حتى العمالة المحلية يأتون بها من مناطق أخرى في وجود أبناء المنطقة.
وأشار هنو: تقدمت للوظيفة باجتهاد فردي في العام 2016 مع مجموعة من خريجي المنطقة، وتم قبولي بعد قضاء فترة التدريب لمدة شهرين في شركة (جمبك) ولكن بعد انتهاء مدة ثلاثة أشهر كانت الممطالة سيدة الموقف، وحتي اللحظة لا أعرف أين ملفي.
وقال هنو: قابلنا وكيل وزارة النفط الذى جاء رده مخيباً للآمال بأنه لا حق لنا في التوظيف في تلك المنطقة.
اعتراف وإقرار:
مدير إدارة استكشاف النفط بوزارة النفط، مهندس عاطف عبد الله والذي تم تكليفه من قبل مكتب الوكيل بالرد على استفسارات وأسئلة (الصيحة)، قال إن ملف شباب غرب كردفان لا علاقة له بوزارة النفط، وأقر عاطف بأنه منذ العام 2015م بدأت الوزارة في (فك) الناس بدلاً من تعيينهم، لأن الاستثمارات قلّت، والمستثمرون لا يوفون بالتزامهم، وأبان أن إحدى الشركات العاملة في النفط الآن في طريقها للتصفية، وسيذهب معظم موظفيها للشارع، بل هنالك شركة كبرى أخرى انسحب المستثمرون منها وستواجه إشكالية، حيث ستتم هيكلتها مرة أخرى، لتعمل بأقل تكلفة، وأشار عاطف أن الوزارة لم تقم بالتعيين منذ مدة طويلة، وآخر تعيين استوعب جزءاً من أبناء غرب كردفان، ولكن لا ندري كيف كانت وضعية هؤلاء الشباب، وأقر عاطف بأن بعض التعيينات التي تمت لأبناء تلك المناطق لم تمر عبر التقديم العام أو المعاينات، ولكنها تمت عن طريق وزراء وبرلمانيين عبر مذكرات. وأرجع ذلك إلى عدم وجود استكشافات جديدة تسمح باستيعاب هؤلاء الشباب، مما ينعكس هذا الأمر على التوظيف. موضحًا أن عدد العمالة قبل انفصال الجنوب كان 130 ألف عامل، والآن أصبح العدد 70 فقط، وأضاف عاطف أن أبناء المنطقة في الجامعات الأخرى قليلون مقارنة بجامعة غرب كردفان التي خرجت مجموعات كبيرة، وهو ما أدى لتكدس هذا العدد من أبناء المنطقة الخريجين في هذا المجال ..
تماطل الشركات:
صالح جمعة عضو البرلمان السابق، ونائب دائرة السلام الكبرى غرب كردفان، والتي تشمل مناطق البترول منها بليلة وهجلبج والرصايا والفولة، بل يوجد عدد من النواب المشتركين من مناطق الحقول الأخرى، إذا كانت الشرفاية أو الزرقة، قال إنه منذ ظهور البترول في غرب كردفان حدثت مشاكل كثيرة، وأضاف: الشركات كانت تتعامل بطريقة جيدة مع المجتمعات المحلية، ولكنها تحولت بعد الإنتاج وظهرت مشاكل ومنها عدم تطبيق الشروط الأساسية في تلك المناطق ومنها المسؤولية المجتمعية التي يجب أن يستفيد منها السودان عموماً وأبناء المنطقة على وجه الخصوص، ولكن وجود اللجان والأجسام الأهلية كان خصماً على هذا الأمر بوضع يدها مع الحكومة وجهاز الأمن الذي كان يسيطر على تلك الحقول.
وأضاف: للأمانة الشركات قدمت، ولكن ليس بالصورة المطلوبة منها حتى لا نظلمها، ولكن ما قدمته الشركات لا يتجاوز 1% من المطلوب، وكشف صالح أن الإفرازات التي حدثت من تمرد بعض أبناء المنطقة كان نتيجة للظلم الذي وقع عليهم.
وأوضح صالح أن البترول أفرز صراعات قبلية بين أبناء المسيرية بعضهم البعض من أجل الموارد، أما التعيين فلم يكن تعييناً رسمياً، بل كان مؤقتاً، وأحياناً يتم إدخال عمالة من خارج المنطقة، بل أن أبناء المنطقة العاملين في البترول لأكثر من عشرين عاماً لم تتم ترقيتهم.
كاشفاً أن مناطق في غرب كردفان جميعها لا يوجد فيها (شبر زلط) بل معظم الشركات تقوم بعمل ردميات، وفي فترة الخريف يتم التعاقد مع شركات أخرى لرش وتسوية الردميات بالدولار، وطالبنا بأن يكون البديل للردميات هو الطريق المسفلت، لأن المبلغ الذي ينفق جراء رش الردميان يمكنه إنشاء أكثر من طريق معبد في غرب كردفان، والأغرب أن عاصمة الولاية الفولة مع أقرب منطقة لا يوجد طريق مسفلت، وأكد صالح تصديق ميزانية لثمانية سدود منذ العام 2016 لم يتم تحريكها حتى اللحظة.
من جانبه قال صالح، إن كلية النفط في غرب كردفان خرجت مجموعة شباب، ولكن الوزارة لم تعرهم اهتماماً، وفي ذات الوقت هناك تعيين يتم بطريقة غير معروفة. مضيفاً أن نسبة 2% نصيب الولاية من البترول حتى اللحظة (ما عارفنو كم)، ومن أين يخرج، وما هي طريقته كلها قضايا كانت غائبة، وللأسف الكثير من الولاة استغلوا هذه النسبة ونفذوا بها مشاريع خارج ميزانية الولاية، هناك تلاعب كبير تم في نسبة 2% وهو يحتاج لمراجعة حتي تتم محاسبة أي مفسد في ظل التغيير بصورة واضحة.
وأشار صالح أن الشباب الذين يطالبون حالياً بتوظيفهم كانوا ضمن لجان البترول في الأحداث الأخيرة، وهو ما ساهم بصورة مباشرة في استقرار الأوضاع في الحقول ومناطق البترول، وهم الذين دعوا الذين تمردوا من أبناء المنطقة للسلام وتعاملوا بصورة إيجابية، وعندما طالبوا بنصيبهم في التوظيف والخدمات حدث بينهم سوء فهم مع النظام والأجهزة الأمنية، هناك تماطل الشركات التي تدير أعمالها بعيدًا عن سياسة الوزارة التي كانت ضعيفة أمام تلك الشركات، وهو ما أحدث فراغاً، ولا نعرف من المسؤول؟؟
تلاعب:
وقال صالح: حدث أن تعطلت حركة الإنتاج من خلال خطف الموظفين الأجانب، وهو ما دعا الحكومة لاستخدام الجانب الأمني بدل الجانب المجتمعي، وقامت بحفر ما يسمى (بالترانش) والذي أثر بيئياً على الناس، وظهرت الكثير من الأمراض مثل أمراض العيون والإجهاض وبعض السرطانات نتيجة لعدم التوعية، مشيرًا أن الخدمات التي تقدم لا ترضي طموح الناس، لأن تلك الشركات كانت تتعامل مع أفراد وليس مناطق أو مجموعة مواطنين.
وأوضح صالح أن البترول أفرز صراعات قبلية بين أبناء المسيرية بعضهم البعض من أجل الموارد، أما التعيين فلم يكن تعيينًا رسمياً، بل كان مؤقتاً، وأحيانا يتم إدخال عمالة من خارج المنطقة، بل أن أبناء المنطقة العاملين في البترول لأكثر من عشرين عاماً لم تتم ترقيتهم, كاشفًا أن مناطق في غرب كردفان جميعها لا يوجد فيها (شبر زلط) بل معظم الشركات تقوم بعمل ردميات، وفي فترة الخريف يتم التعاقد مع شركات أخرى لرش وتسوية الردميات بالدولار، وطالبنا بأن يكون البديل للردميات هو الطريق المسفلت لأن الرقم الذي ينفق جراء رش الردميات يمكنه إنشاء أكثر من طريق معبد في غرب كردفان، والأغرب أن عاصمة الولاية الفولة مع أقرب منطقة لا يوجد بها طريق مسفلت، وأكد صالح تصديق ميزانية لثمانية سدود منذ العام 2016لم يتم تحريكها حتى اللحظة.
من جانبه قال صالح إن كلية النفط في غرب كردفان خرجت مجموعة شباب، ولكن الوزارة لم تعرهم اهتماماً، وفي ذات الوقت هناك تعيين يتم بطريقة غير معروفة.