التغيير لـ(الصيحة): التحرُّك المصري يُعمِّق الأزمة في السودان
التغيير لـ(الصيحة): التحرُّك المصري يُعمِّق الأزمة في السودان
الخرطوم- فرح أمبدة
وصف عضو مجلس السيادة السابق، القيادي البارز بقوى الحرية والتغيير، محمد الفكي سليمان، إصرار مصر على عقد ورشة دعت لها أطرافاً سودانية للمُساهمة في حل الأزمة، بأنها محاولة لخلق منبر جديد وهو – حسب قوله – عملٌ يُعمِّق الأزمة السياسية الناشبة في البلاد منذ سقوط النظام السابق، فضلاً عن كونه تحرُّكاً منحازاً لطرف من الأطراف وليس محايداً، وعدّد أسباب رفضهم للتحرك المصري لكونه جاء متأخراً من جهة، ولأن العملية السياسية التي بدأت بتوقيع الاتفاق الإطاري “قطعت شوطاً بعيداً وهي في خواتيمها”.
وقال الفكي لـ(الصيحة) “كنا نتمنى أن تكون مصر من المبادرين في دعم العملية السياسية، لأن السودان يُشكِّل العُمق الاستراتيجي لها، أمنياً واقتصادياً، لا أن تجنح لخلق منبر جديد يُعمِّق الصراع السياسي في السودان، مُشيراً إلى أنّ واقعاً سياسياً جديداً تشكّل بالكامل في السودان بعد الاتفاق الإطاري “وصل إلى خواتيمه وليس هناك جدوى من خلق منبر آخر”، لذلك “نحن لن نحضر الورشة بالتأكيد، ولكن سنزور مصر بعد انتهاء الورشة وفي الوقت الذي نحدده”. وقال إنّ مصر خسرت كثيراً من إصرارها على إقامة الورشة (خسرت ناس مهمين وناس حريصين على علاقة صحية معها، ويرون أنها دولة مهمة وجارة استراتيجية بالنسبة للسودان)، لكنه عاد وقال (التواصل مع المصريين لم ينقطع ولن ينقطع لأسباب كثيرة، وهي علاقة لا فكاك منها وهي ترتفع وتنخفض لأسبابٍ مُتقاطعة، ونحن نعتبر الورشة غير مُحايدة ومُنحازة لطرف من أطراف الصراع الماثل في السودان وتؤدي إلى تعميق الأزمة وليس حلّها)، وتابع (إذا أردت أن تكون وسيطاً لا بُدّ أن تكون مُحايداً). واختتم الفكي تصريحه لـ”الصيحة” قائلاً: “نعتقد بأن التحرُّك المصري عمّق الشرخ وسط القوى السياسية في السودان، خاصّةً وأنّ الاتفاق الإطاري وجد قبولاً واضحاً من الشارع السوداني وتأييداً إقليمياً ودولياً كبيراً، وهو بهذا يصعب على أي قوة أن تقوم بمناورة لخلق منبر واتفاق جديد”، وأضاف “بشكل واضح مصر هدفت إلى خلق مسار آخر يُعرقل العملية السياسية الجارية، ويُؤخِّر التوصُّل إلى الاتفاق النهائي حول بقية القضايا. نحن في حوجة ماسّة لتشكيل الحكومة بأسرع وقت سدّاً للفراغ السياسي الكبير الذي تسبّب فيه الانقلاب، وقد تتسبّب الورشة في تعطيل هذا الأمر”.
إلى ذلك، وخلال حديثه في ورشة الإعلام والسياسة (نحو مدونة لأخلاقيات المُمارسة السياسية والإعلامية)، التي نظّمتها نقابة الصحفيين السودانيين، قال الفكي إنّ الاتفاق الإطاري الذي وُقِّع في الخامس من ديسمبر الماضي يحتاج إلى توسعة أكبر ولنقاش أوسع، خُصُوصاً في المرحلة التي تسبق تشكيل الحكومة المنوط بها إدارة الفترة الانتقالية، معللاً ذلك بأنّ الصراع في السودان صراعٌ قائمٌ على السلطة، لذلك لا بُدّ من مُناقشة كل الناس وتوسيع المشاركة (لا بُدّ من أن يرى كل الناس في الولايات وفي كل بقاع السودان أنفسهم في السلطة القادمة)، وكشف أنّ قِوى الحرية والتغيير قرّرت ألا يكون لها وجودٌ في السلطة المقبلة، بل تكتفي أن تكون في موقع القيادة السياسية.
من جهته، وجّه الأكاديمي والمفكر السوداني د. النور حمد، انتقادات حادة للقيادة المصرية لمحاولتها قطع الطريق أمام العملية السياسية الجارية بخلق منبر تفاوضي جديد، وقال خلال تقديمه ورقة بعنوان “نظرة تحليلية في السياق السياسي الراهن” إن مصر لا تزال تتعامل مع السودان بالعقلية الخديوية التي ترى في السودان دولة تابعة لها، وأضاف “المصريون يتعاملوا مع السودان من خلال الملف الأمني وليس الدبلوماسي، وهذه مشكلتهم مع السودان منذ ما قبل الاستقلال).
وحسب قوله، فإنّ العلاقة مع مصر علاقة استراتيجية ولا بُدّ أن تتم من خلال الملف الدبلوماسي وليس الأمني، ولتعزيز رؤيته ضرب مثلاً بزيارة رئيس المخابرات المصري لتسويق الورشة المصرية، في وقتٍ زار السودان، رئيس الوزراء الإثيوبي بهدف المساعدة في إيجاد حلٍّ للأزمة السياسية، وأضاف هذا الأمر يحتاج إلى تصحيح من خلال إحداث صدمة “عندما يكتشف المصريون أنّ السودانيين قد أداروا لهم ظهرهم”.