كتب: موسى حامد
(1)
قبل عشر سنوات، يستدعي الموسيقي وعازف الفلوت، عبد الله محمد عبد الله، في موقع سودان للجميع، لوحةً من نهاية السبعينيات، يُصوّر فيها رقصة الراحلة عفاف حمد النيل، وعركي في احتفالٍ نهاري.. يكتب عبد الله (ها هو عركي، ذات نهار احتفالي في قسم الدراما، ينجز رقصته الأولى مع عفاف الصادق حمد النيل.
(2)
كنا في عجب من أمر طالبة الدراما التي قدمت من أقاصي أرض السودان لتنهمك في رقصة عاصمية الطابع والمزاج مع فنان لم نره يوماً في عداد الراقصين.. كنا في دهشة مما تيسَّر لهما من اندماج و توافق.. التفت نحوي جعفر نصر غامزاً : (زولك وقع).. وقد صدقت نبوءة جعفر نصر تلك، فما أن مر وقت قصير إلا و كانت خطوبتهما حديث الناس.
(3)
وللأمانة، فقد ظلّت رقصة عفاف التي أهدتها لعركي، هي هي. في ذات اندماجها وتوافقها، وإن اختلف المكان والزمان. لكن الحلبة دوماً لهما، وهي من يُهديه الرقصة.ولو قِيل لي من أين يستمد عركي قوته وصموده وأنفته المحبوبة، لقلتُ بلا تردد: من عفاف!! فهي على الدوام احتفظت بموقف المساند العاتي والحاني.
(4)
وقفت معه بمشورتها، ورقيق كلماتها، التي تستمدها من رقيق التجربة، وبديع العاطفة. ووقفت معه وهو يواجه صلف السلطة الممتدة. سلطة القديم الفني، وسلطة نظام الحكم الباطش، وسلطة الظروف السيئة. وسلطة البلاد التي أحبها رفيقها فأورثته المطاردة والمنع والفاقة، وسوء الطالع.
(5)
وقفت معه وهو يُربي الأسرة على طريقتهما التي اتفقا عليها، وحين قالت ظروفهما لا، شمّرت عفاف الساعد، وحزمت وسطها بثوبها المورّد، وواجهت الاغتراب بجسارة أبطال الأساطير.
عفاف الصادق، ظلّت حتى انسراب روحها، تقدّم فواصل من الرقص الإنساني والعاطفي النبيل. رقصات إنسانية ترجمتها في تهنئتها لشريكها في رقصة الحياة الكبيرة.وقبل عام، في ذكرى زواجهما. تقول عفاف:(الشكرُ لله على نعمة عركي، رائعةٌ هي أيّامنا، شمعاتها فلذاتنا وإحساسٌ لن تمسه عواصف الزمان). فالرحمةُ والمغفرة لعفاف الصادق.