محمداني عبد الحميد رابح يكتب: أنثى من بئر كدكون
الآن السماء تبدو صافيةً لا يوجد بها إلا طائر رهو وحيد كان يحلّق من فوق شجرة أم كركور النائمة فوق الرمال، ثمة آثار على التَل توحي بمرور صبية حافيين الأقدام ربما قبل أسبوع أو أكثر، لم يتسن لي معرفة ذلك لأن هناك أسراب من الطيور مشت عليها، حمار يحمل (باغات) مليئة بالماء يمشي وحيداً، سراب يحسبه الظمآن ماء يبدو لي بعيداً ثم يقترب، شاب بكامل أناقته يرتدي جلابية ناصعة البياض وعمامة من التيل المستورد ومركوب من جلد النمر يعتلي ظهر بعير متجهاً نحو زريبة المواشي..
بكاء طفل متقطّع يأتي من حي المرابيع ويختفي لبرهةٍ من الوقت، ثم فجأة يرتفع صوت آذان من خلوة الشيخ محمد عيسى معلناً عن صلاة الظهر، اقترب مني ذلك الرجل الكهل الذي كان يرتدي ثياباً باليةً وحذاءً من وبر الماعز البري! بعض التجاعيد تظهر على وجهه كـ خطوط الرمال التي يمشي عليها؛ شعره ابيض كثيف يغطي جبهته بالكامل، له لحية مستديرة ومسترسلة إلى الأسفل، عيناه الصغيرتان أشبه بعينا الحرباء عندما تكون في مكان مكشوف، اقترب مني بعدما أن عدّلَ من وقفته واستند على عصاه قال لي بنبرة صوت غليظة: هناك أنثى داخل تلك البئر المهجورة أرجوك أن لا تقترب منها، رددّتُ بصوت تمتمات تكسوه بعض الشكوك والفضول يراقص قلبي: (أنثى في بئر كدكون) قلتها باستغراب ليؤكد لي ذلك.. قال لي نعم وهو يرسل ابتسامة خبيثة تجاهي ثم يردد قائلاً: بالأمس جاء أحد أبناء الحي المجاور بعد أن حذّرته من اقتراب تلك الأنثى الجميلة فذهب لكي يصافحها! ما إن أرسل يده إليها إلاّ اختفت والآن أصبح يصافح جميع أشجار العُشر التي تجاور هذه البئر وهو يومياً يفعل هذا الأمر، ألا تراه الآن.. يقول لي هذا وهو مُحركاً أصبعه السبابة ليخبرني بذلك الشاب، فجأةً أسمع أحد الزملاء يردِّد وهو على باب منزلنا: محمد محماداااااني أرح المدرسة جرس طابور الصباح ضرب..
وصلة
علينا أن لا نصدق الخرافات وأن لا نبث الشائعات بين الناس
فاصل
الزول الكنّه بسطونه
سكونه جوه غرونا
فاصل أخير
وكيف ينساك وذكراك لي دماهو عروق
ومما الهجرة حلت ليهو لابسك انتي عمة وطوق
وعايشك جوه وجدانه معايشة الحنين لي الشوق
وممزوج فيك ممازجة اللسان لي الضوق