27يناير 2023
“يا عمك أنت لسع من زمن الحلال والحرم”… يا عمك دي ما اسمها رشوة .. اسمها تسهيلة.. لو ما دفعته حقك راح” مثل هذه العبارات سمعتها كثيراً للأسف، وأظن أنك -أيضاً- قد سمعتها أيها القارئ الكريم، لماذا بات الناس يستسهلون الحرام؟ ويتفنون في إطلاق المسميات بحثاً عن مخرج محرَّم يدركون تماماً أنه كذلك… والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يقول بوضوح الحرام بيِّنٌ والحرام بيِّن وبينهما أمورٌ مشتبهات… إلى آخر الحديث، الرشوة انتشرت وسط مجتمعاتنا حتى صار الناس لا يتذكرون بأنها محرَّمة وأنها مِن وسائل الفساد الأكثر خطورة في المُجتمع، لا تقل خطورتها عن انتشار المخدرات أو التفكك الأسري .. أو..أو، الشعوب التي تقدَّمت عننا بمئات السنوات الضوئية، لم تصل إلى تلك المكانة الرفيعة باستخدام الرشوة كوسيلة لتسهيل المعاملات أو لتمرير المعلومات أو العطاءات أو غير ذلك، فكم من مصالح عامة ضاعت بسبب الرشوة، وكم من أصحاب كفاءات أبعدوا بسببها، وكم وكم من جرائم ارتكبت، ومصائب دخلت البلاد عن طريقها، وأضرار الرشوة على المُجتمع لا تعد ولا تحصى فهي وسيلة تدمير فعالة لقيم المُجتمع لا تقل خطورة عن انتشار المخدرات والرشوة تسفه القيم والمبادئ السامية وسط الناس، وتضيع حقوق الآخرين وتساعد في انتشار الظلم وتفسد المُجتمع وتفعل الأفاعيل بأنظمة الحكم، عن طريق الرشوة تستباح البلاد وتطلق في السهلة، من يصدق أن مئات الأطنان من صنوف المخدرات تدخل البلاد دون رشوة، وكاذب من يقول إن مئات الكيلوات من الذهب يتم تهريبها هكذا دون أن يدفع صاحبها رشوة..الرشوة هي سبب رئيس من أسباب تخلف الدولة.
وفي الإسلام تعد الرشوة من أخطر جرائم الفساد في المجتمع، لكونها اعتداء على مقاصد الشريعة وعلى المصالح العامة، وهي صورة من صور أكل المال بالباطل وتم تحريمها بنص قرءاني قال تعالى في سورة البقرة الآية 18 (وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) وهي من الكسب الحرام ولا شك، وقد نهى الإسلام عن كسب المال بطرق غير مشروعة قال رسول الله (صل الله عليه وسلم) : (لعن الله الراشي والمرتشي والرائش بينهما)، والراشي هو من أعطى الرشوة سواءً أكانت مالاً أو تقديم خدمة أو ترقية أو غيرها، والمرتشي هو من أخذ الرشوة بأي شكل كانت، والرائش هو من يتوسط بين الراشي والمرتشي ويساعد على تقدير الرشوة.
فلنتق لعنة الله ولنبعد عن أنفسنا أكل أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ ونحن ندرك ونعلم بأن الرشوة أكل أَمْوَالِ الغير بالباطل.
والله من وراء القصد