زيارة اليوم الواحد: آبي أحمد.. الحل السوداني أفضل تفاصيل
تقرير- مريم أبَّشر
على نحو خاص استقلبت الخرطوم صباح اليوم، رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد في زيارة رسمية استغرقت يوماً واحداً، ولكنها حفلت بلقاءات واجتماعات مهمة مكثفة على المستوى الثنائي وتطورات الأوضاع السياسية في البلدين،خاصة أن السودان يمر بمرحلة سياسية غاية في التعقيد في كل المجالات تسببت في تعطيل دولاب الدولة وإبقاء السودان في شبه عزله، بعد أن أعادته الثورة للأسرة الدولية بعد غياب استمر لأكثر من عقدين.
قمة استثنائية
وفي ظرف استثنائي عقدت بالقصر الجمهوري بعيد وصوله مباشرة قمة مهمة جمعت رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، بضيف البلاد رئيس الوزراء الأثيوبي أبي أحمد .
وتناولت القمة العلاقات الثنائية بين الخرطوم وأديس وسبل دعمها وتطويرها وتعزيز التعاون المشترك بينهما، بما يحقق المصالح المشتركة للشعبين الشقيقين.
وبحثت القمة حسب تصريح صادر عن القصر سبل تقوية آليات التنسيق المشترك بين البلدين في القضايا ذات الاهتمام المشترك، إقليمياً ودولياً.
وأعرب البرهان عن ترحيبه بالزيارة والتي تأتي في إطار العلاقات المتميزة بين البلدين. أما أبي أحمد فقد أبدى سعادته بزيارة السودان، مشيراً إلى عمق ومتانة العلاقات السودانية الإثيوبية وحرص بلاده على دعمها وتطويرها.
جلسه فوق العادة
أعقبت القمة المغلقة بين البرهان وأبي أحمد، جلسة مباحثات ثنائية مشتركةK وتطرَّق الفريق البرهان إلى ضرورة تعزيز التعاون والتنسيق المشترك بين السودان وإثيوبيا في القضايا الثنائية إقليمياً ودولياً.
وأكد البرهان أن السودان وإثيوبيا متوافقين ومتفقين حول كافة قضايا سد نهض النهضة. وفيما يتعلق بقضية الحدود بين البلدين أكد رئيس مجلس السيادة أن الوثائق والآليات الفنية والحوار تمثل المرجعية الأساسية في هذا الشأن. وأشار البرهان إلى أن تجربة السلام في إقليم التيجراي تعتبر مشرِّفة وتدعم الاستقرار في إثيوبيا.
وأطلع البرهان رئيس الوزراء الأثيوبي على تطورات الأوضاع السياسية بالبلاد والجهود المبذولة لتجاوز الأزمة السياسية الراهنة.
ليس عقبة
وأوضح أبي أحمد، في الجلسة المشتركة أن الغرض من الزيارة إظهار التضامن مع السودان والوقوف معه في هذه المرحلة المهمة في مسيرته السياسية.
وقال: إن السودان وإثيوبيا يذخران بكل عناصر التنمية والازدهار المتمثلة في المياه والأرض والموارد البشرية ونحن كدول وحكومات يجب علينا المحافظة على العلاقات التاريخية بين البلدين.
ولفت إلى ضرورة الاستفادة من تجربة الحرب في البلدين التي أدت إلى انفصال الجنوب في السودان والتيجراي في إثيوبيا واللجوء للحوار في كافة القضايا الداخلية.
وأكد أبي أحمد، أن سد النهضة لن يسبب أي ضرر للسودان، بل سيعود عليه بالنفع في مجال الكهرباء. وفيما يلي قضية الحدود قال رئيس الوزراء الأثيوبي إنها قضية قديمة يجب الرجوع إلى الوثائق لحلها، داعياً السودان لتقديم إثيوبيا للعرب والأفارقة بحكم موقعه التاريخي.
وحول لقاءاته مع الأحزاب السياسية أكد أبي أحمد أنه لن يقدِّم مقترحات جديدة وإنه يثق في قدرة السودانيين على تجاوز قضاياهم السياسية.
المركزي وأبي أحمد
وانخرط أبي أحمد في لقاءات مهمة مع أطراف الأزمة السودانية وكان أول لقاء له من القوى السياسية بوفد من قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي برئاسة اللواء م فضل الله برمة ناصر رئيس حزب الأمة القومي.
وقال الأستاذ الواثق برير: إن اللقاء تطرَّق لأواصر العلاقات التاريخية التي تربط الشعبين الشقيقين وتناول ضرورة دعم الحوار السوداني السوداني دون أي تدخلات خارجية من أي جهة بجانب دعم العملية السياسية الجارية حالياً.
وأضاف: إن رئيس الوزراء الإثيوبي دعا إلى الإسراع في إكمال العملية السياسية لإخراج السودان من الأزمة، مرحِّباً بالزيارة المرتقبة لوفد الحرية والتغيير لدولة إثيوبيا الفيدرالية.
وعبَّر الواثق البرير عن ترحيب الحرية والتغيير بزيارة رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد .
أوضاع السودان حاضرة
وفي لقائه بالفريق أول محمد حمدان دقلو، نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي تطرَّق النقاش للتطورات السياسية الراهنة التي يشهدها السودان والمنطقة. ووصف حميدتي علاقات الخرطوم و أديس ، بالأزلية والاستراتيجية وأن السودان حريص على تعزيزها وتطويرها بما يحقق المصلحة المشتركة للدولتين. وقدَّم شرحاً لأبي أحمد، حول الجهود المبذولة على ضوء الاتفاق الإطاري الموقع في الخامس من ديسمبر الماضي، وأكد الالتزام بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه لتحقيق الاستقرار في البلاد.
أما أبي أحمد فقد أبدى حرصه، على استقرار السودان باعتباره يشكِّل دعامة أساسية لتحقيق التنمية والاستقرار في المنطقة، لما يتمتع به من إمكانيات كبيرة، وأكد أن بلاده تدعم جهود السودانيين في التوصل إلى حلول للأزمة السياسية التي يشهدها السودان، داعياً إلى ضرورة تعاون الأطراف السودانية فيما بينها وتغليب المصلحة الوطنية لتحقيق الأمن والاستقرار.
نصيحة غالية
الفريق برمة ناصر، رئيس حزب الأمة و القيادي بمركزية قوى الحرية والتغيير أكد لـ(الصيحة) أن الحرية والتغيير حريصة جداً على خلق علاقات جيِّدة مع كل الدول خاصه الجوار وبالذات إثيوبيا التي تربطنا بها علاقات تاريخية. وقال في سياق تعليقه لـ(الصيحة) على زيارة أبي أحمد ولقائه بمركزية قوى الحرية والتغيير: إن الزيارة مرحَّب بها، وأضاف: رحَّبنا بزيارته لبلده الثاني ونقلنا له (إننا ما ناسين دوره في إيجاد حلول لمشاكل السودان إبان الفترة الأولى للثورة) وقال: إن أبي أحمد قال كلاماً واضحاً ونصيحة جميلة أخوية، وهي أن مشاكلكم أنتم الأقدر الأجدر بحلها لا أمريكا ولا غيرها، و قال -أيضاً- إن ما يقوم به يأتي في إطار النصح وأن إثيوبيا حريصة على أن الأمور في السودان تكون مسيطر عليها و أنهم على أتم الاستعداد للمساهمة في الحل نظراً للعلاقات الاستراتيجية، وأشار برمة إلى أن هنالك مصالح مشتركة تربط البلدين، واعتبر برمة حديث أبي أحمد ينطوي على قدر عالٍ من الوضوح وهو أن أهل السودان هم الأجدر بحل مشاكلهم. وقال برمة: إن جزءاً من مشاكلنا التدخلات الإقليمية والدولية.وقال: نقلنا له أننا نسعى لعلاقات طيبة. وفيما يلي المبادرة المصرية والتطورات وتبنيها عبر الكتلة الديموقراطية يرى زعيم حزب الأمة أن مصر دولة جارة وشقيقة والسودان يدعم حسن الجوار سواءً إثيوبيا أو مصر ونسعى للمصالح معهما وحريصون على ذلك، ولكن نرى أن الخيار السوداني يكمن في حل مشاكلنا بأنفسنا .
أطراف الأزمة
وعقد أبي أحمد بالقصر الجمهوري عددًا من اللقاءات مع أطراف الأزمة السياسية ومن بينها وفد لجان المقاومة.
وأوضح الطيب محمد صالح، ممثل إعلان مبادئ ثورة ديسمبر المجيدة في تصريح أن الوفد سلَّم رئيس الوزراء الأثيوبي رؤية لجان المقاومة وموقفها من العملية السياسية الجارية والاتفاق الإطاري ونسخة من إعلان مبادئ ثورة ديسمبر المجيدة.
وأكد الطيب أن دعم رجال المقاومة للاتفاق الإطاري يتوقف على تضمينه إعلان مبادئ ثورة ديسمبر المجيدة.
الديموقراطية حاضرة
كما التقى كذلك بوفدي الحرية والتغيير الكتلة الديموقراطية والقوى الوطنية.
وقال د. جبريل إبراهيم، الأمين العام لقوى الحرية والتغيير الكتلة الديموقراطية: إن الاجتماع تناول الوضع السياسي الراهن بالسودان، مؤكداً أن الوفد نقل له رغبة الكتلة الديموقراطية في تحقيق وفاق وطني شامل لا يقصي أحداً، مبيِّناً أن الوفد قدَّم شرحاً مفصلاً حول موقفهم من الاتفاق الإطاري. وأضاف د. جبريل: إن الكتلة ترى أن هذا الاتفاق لا يمكن أن يحقق الوفاق الوطني المنشود،لذلك فإن أي حكومة يتم تشكيلها بموجبه لن تصمد طويلاً ولا مستقبل لها.
ولفت د. جبريل إلى أنه من الضرورة بمكان أن يكون هنالك وفاق وطني شامل يجمع شمل أهل السودان، مشيراً إلى أننا نحتاج لمساعدة الآخرين ولكن يجب أن يكون القرار والحل للأزمة سودانياً خالصًا.
ونوَّه د. جبريل إلى أن رئيس الوزراء الأثيوبي أكد لهم أن الحلول ليست في يد الخارج وإنما عند أهل السودان، لذلك ينبغي عليهم توحيد أنفسهم من أجل تحقيق الوفاق الوطني الشامل.
وقال د.جبريل: أبي أحمد أبدى استعداد بلاده للمساعدة في تقديم كل ما من شأنه تحقيق وفاق وطني سوداني سوداني خالص.
أما محمد حمد سعيد، ممثل كتلة الحرية والتغيير القوى الوطنية أثنى على تعاطف أثيوبيا حكومة وشعباً مع القضية السودانية، مشيراً إلى أن أبي أحمد، أكد لهم بأن زيارته للسودان ولقاءاته ليست بهدف أن تكون بلاده وسيطاً في الأزمة لأنه على قناعة بأن الحل بيد السودانيين، مشيدًا بقدرة أهل السودان على حل مشاكلهم الداخلية بأنفسهم وأثنى على الدور الكبير الذي قدمه أهل السودان للكثير من حركات التحرر في العالم والمساهمة في حل كثير من الخلافات بين الدول.
وأكد ممثل المجموعة استعدادهم للجلوس مع الجميع لتحقيق الوفاق الوطني الشامل بالبلاد، داعياً إلى أهمية ترك نهج إقصاء وعزل الآخرين في هذه المرحلة، مبيِّناً أن القوى التي شاركت في صنع الثورة وسقوط النظام السابق معروفة .
إلى ذلك قال أسامة سعيد، ممثل الجبهة الثورية التي التقت رئيس الوزراء الإثيوبي، إن اللقاء تناول عدداً من القضايا في مقدمتها موقف الجبهة الثورية من العملية السياسية الجارية الآن، مؤكداً موقف الجبهة الثورية الداعم للاتفاق الإطاري.
وأضاف سعيد، أن الوفد اطلع أبي أحمد على مخرجات الورش التي انعقدت مؤخراً لدعم العملية السياسية في السودان.
وأبان أن رئيس الوزراء الإثيوبي أكد التزام حكومته بدعم العملية السياسية ودعم الحوار السوداني السوداني، مشيراً إلى دعوة الزعماء الأفارقة لدعم العملية السياسية في السودان بما يحقق مصالح وتطلعات الشعب.
وكان رئيس الوزراء الأثيوبي أبي أحمد وصل الخرطوم أمس، يرافقه وفد رفيع يضم، وزراء الدفاع والسلام والداخلية ومستشار الأمن القومي ومدير المخابرات الأثيوبي ووزير مكتب الاتصال الحكومي ونائب وزير الخارجية.
الزمن الضائع
أما القيادي بقوى الحرية والتغيير محمد وداعة الله، قال: إن زيارة أبي أحمد جاءت في الزمن بدل الضائع، وأضاف: إن مجموعة المركزي أضاعت فرصة لقاء البرهان وأن عيونها على الخارج ومع ذلك ترفض الدعوة المصرية. ووصف وداعة الله الوضع السياسي بالسودان تتصدره أربع مجموعات هي: المركزي، الكتلة الديموقراطية،مجموعة الجذريون والمجموعة الإسلامية، وتابع الآخرين خارج حلبة الصراع، وأضاف وداعة الله لـ(الصيحة): إن صراع المركزي والكتلة هو صراع حول السلطة وليس القضايا .ويرى أنه لابد من مائدة مستديرة سودانية وأن يكون حواراً سودانياً سودانياً يقتصر على القضايا ويضيف لا معنى لأي حل لا يستصحب معاش الناس والحالة الأمنية والغلاء والركود والعزوف عن الزراعة، معتبرًا ذلك مهدَّداً للأمن الغذائي والقوى تتصارع حول الحكم. وتابع وداعة الله: لا أتوقع أي شئ يذكر في الأزمة جراء زيارة أبي أحمد، ويرى أن الأزمة في السودان لا تحتاج وساطة وأن الحل في عدم الإقصاء.