تحذيرات مجموعة الأزمات الدولية.. رسائل للقوى المحلية والدولية
الخرطوم- الطيب محمد خير
حذَّرت مجموعة الأزمات الدولية التي تنشط في تنبيه العالم إلى الصراعات قبل أن تخرج عن نطاق السيطرة من أن تؤدي خلافات القوى المدنية السودانية إلى انقلاب على الحكومة المقبلة المتوقع تشكيلها في فبراير، ورهنت نجاح الاتفاق الإطاري توحيد الجبهة المدنية، محذِّرة الفصائل المعارضة للإطاري من التمادي في الصراع الذي من شأنه أن يجعل الحكومة التي ستنشأ عن العملية السياسية عرضة لحدوث انقلاب، لافتة لأهمية أن تسعى الولايات المتحدة والقوى الخارجية التي دفعت الصفقة لإقناع الجهات الرافضة بالانضمام للعملية السياسية، وفي الوقت نفسه طالبت المجموعة قوى الحرية والتغيير بالتوصل إلى تسوية مؤقتة مع القوى السياسية المدنية بالتركيز على لجان المقاومة ومنظمات المجتمع المدني ونقابات العمال والمجموعات النسائية.
واشترطت مجموعة الأزمات حال التوقيع على الاتفاق النهائي أن تبدأ الدول الغربية والخليجية والمؤسسات المالية الدولية ترتيبات عاجلة لإنقاذ الاقتصاد بتقديم الدعم المالي الفوري للحكومة المدنية التي اقترحت أن تقتصر برامجها على الإصلاحات الاقتصادية وتشكيل هيئة مستقلة للانتخابات وإقرار قوانين من أجل استعادة مصداقية مؤسسات الدولة والإشراف على السلام والسعي لإجراء حوار دستوري.
وقال أمين الاتصال التنظيمي لحزب الأمة القومي، إمام الحلو لـ(الصيحة): هناك حديث مسرَّب متعمَّد عن محاولة انقلابية لقطع الطريق على العملية السياسية الجارية الآن وهذا التسريب القصد منه خلق بلبلة، لكن مجموعة الأزمات ركزت في حديثها على الإسراع لتشكيل حكومة مدنية وضرورة إيفاء المجتمع بالتزاماته تجاهها خاصة في جانب إنقاذ الاقتصاد واستكمال السلام.
وأضاف الحلو: في تقديري الجيش الآن في وضع لا يجعله يقدم على انقلاب كمغامرة لا هدف لها، وبالتالي لن ينجح لأنها ستكون انتحاراً، لأنه ثبت بعد انقلاب 25 أكتوبر، إن الانقلابات في السودان أصبحت ليست ذات جدوى وإنما انتحارية، لكن قد يُقدم فلول الإنقاذ على الانقلاب كعملية ارتدادية مقابل العملية السياسية، وبالتالي من العقلانية عدم الالتفات لمثل هذه الشائعات والتسريبات التي تتحدث عن احتمال وقوع انقلاب القصد منها خدمة أجندة سياسية من هنا أو هناك وهي محاولة يائسة لدعم عودة المؤتمر الوطني التي لن تتحقق ويجب الإسراع في العمل لإكمال العملية السياسية الجارية لإنهاء الحالة المضطربة والانتقال إلى تأسيس الحكومة المدنية وإنهاء المرحلة الانتقالية حتى تستقر الأوضاع على أسس مشروعة .
وأشار الحلو إلى ضرورة الالتزام بوضع برنامج واضح لمواجهة التحديات في مقدمته الأزمة الاقتصادية وانفراج الضائقة المعيشية التي تمسك بخناق المواطنين والعمل على ترسيخ السلام واستتباب الأمن وإيقاف النزاعات وهذا يتطلب تحقيقه إيفاء المجتمع الدولي بالتزاماته سواءً عبر تفعيل وعد إعفاء الديون أو دعم الاقتصاد ومساعدة الحكومة في توفير الخدمات الأساسية والبدء في تأهيل البنى التحيتة المنهارة بالتركيز على المناطق المتضررة من الحرب.
وحول تحذيرات مجموعة الأزمات الدولية من حدوث انقلاب في حال لم تجد الحكومة المدنية المزمع تشكيلها الدعم والعون من قطاع واسع من قطاعات الشعب السوداني ودعم اقتصادي من الدولة الصديقة والمساندة للتحوُّل الديموقراطي، قال الحلو: إذا لم تتوفر تلك المطلوبات وارد أن الحكومة المدنية المنتظرة ستفشل وتنهار.
واعتبر الناطق باسم حزب البعث العربي عادل خلف الله، أن ما ذهبت إليه مجموعة الأزمات في حديثها متسق تماماً مع التوجه المطروح لشرعنة انقلاب 25 أكتوبر، عبر مايعرف بالاتفاق الإطاري للإبقاء على المجموعة الانقلابية في مواقعها ليكون طرفاً أساسياً في الحل. وقال لـ(الصيحة): إن تحذيرات مجموعة الأزمات يقرأ في إطار سياسة الجذرة والعصا أن فعلتم كذا ستكون المكافأة كذا وأن لم يتم ذلك انتظروا الانقلاب، السؤال هنا من ينقلب على من؟ هل هي القوى المسيطرة على الأجهزة والمعلومات التي تشكل الأساس في تنفيذ الانقلاب؟ ولماذا تقدم على ذلك بعد شرعنتها مايسمى بالحل الإطاري ومنحها صك على بياض للاستمرار في السلطة بالاتفاق الذي يرتب له؟ فهذه القوى لايمكن أن تنقلب على نفسها وهذه المجموعات الدولية تحاول تسمية الأشياء بغير أسمائها وما لم تذكره مجموعة الأزمات في تقريرها هو أن قدر الوصول لانقلاب لن يحدث لكنها ستكون مواجهة ببلورة الإرادة الشعبية الرافضة للحكومة التي ستنشأ من شرعنة الانقلاب وستقاوم هذه القوى الرافضة وتسقطها وتصفي ما ترتب عليها.
وأضاف خلف الله لـ(الصيحة) ومايؤكد ذلك عملية تصوير الأزمة بأنها مدنية عسكرية في حين أن جوهر الأزمة الماثلة الآن وعمقها انقلاب 25 أكتوبر فهي مرحلة متقدمة من الصراع الاقتصادي والسياسي الدائر في السودان منذ الاستقلال ونتج عنه اصطفاف قوتين قوة مؤمنة بالتداول السلمي للسلطة ونهج اقتصادي وطني واصطفاف غير مؤمن بذلك وبالتالي أي حديث حكومة في ظل شرعنة الانقلاب بغض النظر عن الدعم الإقليمي والدولي الذي سيقدَّم لها لن تحقق استقرار السودان.