صراعات (التغيير) و(الكتلة الديموقراطية).. هل تنعي (الإطاري)؟
تقرير- صبري جبور
عمَّق الاتفاق الإطاري الذي وقع بين المكوِّن العسكري وأطراف مدنية في الخامس من ديسمبر الماضي،خلافات الحرية والتغيير” المجلس المركزي” و التغيير “الكتلة الديموقراطية”، حيث امتنعت الأخيرة عن الانضمام للاتفاق.
وتضم الكتلة حركتي تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي والعدل والمساواة بزعامة جبريل إبراهيم علاوة على الحزب الاتحادي الأصل قيادة جعفر الميرغني، بجانب المجلس الأعلى لنظارات البجا ممثلاً عبر الناظر محمد الأمين تِرِك وآخرين.
الحرية والتغيير تحاول ضم مناوي وجبريل للعملية السياسية باعتبارهما من القوى الموقعة على اتفاق السلام، وأن بقية الأطراف لا مكان لها في هذه المرحلة من العملية السياسية.
وترفض القوى المدنية المُوقعة على الاتفاق الإطاري التحاور مع الكتلة الديموقراطية وتقول إنها مصنوعة وأيَّدت الانقلاب العسكري، لكنها تستثنى منهم حركتي العدل والمساواة وتحرير السودان باعتبارها من القوى الموقعة على اتفاق السلام ومعنية بالعملية السياسية.
فيما ترفض الكتلة الديموقراطية الاتفاق الإطاري، ترى أنه لا يحقق توافق وحل شامل، كما توعدت بإسقاطه عبر الجماهير، مع توقف المشاورات غير الرسمية مع الموقعين عليه.
بينما يرى خبراء ومختصون إلى أهمية التوافق بين الأطراف من أجل الوصول إلى حلول عاجلة تنهي الأزمة الحالية في ظل تصعيد لجان المقاومة للشارع من خلال المواكب الرافضة للوضع السياسي والاقتصادي .
سحب الوساطة
قرر رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان التخلي عن الوساطة التي كان يقودها لتقريب الشقة بين الحرية والتغيير والكتلة الديموقراطية، ويجئ قرار البرهان بحسب (سودان تربيون) بعد فشله في جمع الطرفين على مائدة واحدة رغم عدة محاولات بذلها خلال الأسابيع الماضية، حيث يرفض ائتلاف الحرية والتغيير الاعتراف بالكتلة الديموقراطية ويقول إنها مصنوعة.
وبحسب المصادر فإن البرهان أبلغ ممثلي الكتلة الديموقراطية سحب الوساطة بين الكتلتين، وأضافت الحرية والتغيير متمسكة بضم أفراد من الكتلة للعملية السياسية دون البقية، وحضر الاجتماع مع البرهان حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي ورئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم، حيث كان ذات الاجتماع مقرراً الأحد، لكنه أرجأ بطلب من الكتلة .
وكان البرهان طلب في وقت سابق من الطرفين تسمية ثلاثة ممثلين لكل طرف للتشاور حول الأجندة التي يمكن أن تجسِّر هوة الخلافات بين الطرفين لكن ائتلاف الحرية والتغيير تجاهل تسمية ممثليه.
أبواب مفتوحة
قال الخبير والمختص في العلاقات الدولية د. محمد أبوالسعود، في تصريح لـ(الصيحة)، إن هنالك سببين للخلافات بين التغيير والكتلة الديموقراطية، وأضاف التغيير ترى أن الكتلة هي عبارة عن تمومة جرتق الأمر الذي ترفضه الكتلة الديموقراطية، باعتبار أن الاتفاق الإطاري متاح لكل القوى السياسية وليس حكرًا على أحد.
ولفت أبو السعود أن أبواب الاتفاق يجب أن تكون مفتوحة لكل القوى السياسية المؤثرة في المشهد السياسي، لافتاً إلى أن الكتلة الديموقراطية ترفض التوقيع على الإطاري لشعورها بأن الحرية والتغيير المركزي مسيطرة كلياً على الوضع .
دعا أبو السعود القوى السياسية بما فيها الأطراف الرافضة الجلوس في طاولة واحدة للتفاكر حول القضايا الوطنية والوصول إلى اتفاق وتوافق حول القضايا الوطنية وإنهاء الأزمة بالبلاد.
وأشار إلى أن الاتفاق إذا لم يوقع نهاية الشهر الجاري ننعي هذا الاتفاق، وأضاف “على الجميع أن يذهبوا لدعم المبادرة المصرية باعتبارها سيدة الموقف في الساحة الآن بعد فشل كل المبادرات الوطنية السابقة .
سياسات محاور
يرى المحلِّل السياسي محمد علي عثمان، إن إصرار الكتلة الديموقراطية لعدم التوقيع على الاتفاق الإطاري مرده لخلافات آيديولوجية فكرية ولسياسات المحاور الظاهرة للعيان، وأضاف: “الكل يرى بأنه صاحب الحق الأصيل في التفاوض مع مايسمونهم الانقلابيين ..وهذا في حد ذاته المحك الحقيقي وأساس هذا التشاكس”.
ويؤكد محمد علي، في تصريح لـ(الصيحة) أن الحرية والتغيير المركزي مع محور الإمارات والسعودية وأمريكا، بينما الكتلة الديموقراطية استندت على المبادرة المصرية كونها تلبي لها أهدافها ومطالبها.
وأشار عثمان “كل تلك التباينات جعلت من مبادرة رئيس مجلس السيادة لتقريب وجهات النظر أن يعلن عن توقفها لبعد الشقه بينهم”، وأبان ” الآن وبالتحديد الاتفاق الإطاري في مفترق الطرق، أما المواصلة فيه بمن حضر وتشكيل حكومة انتقالية تكون غير مستقرة..أو فتح الإطاري بطريقة مرضية لجميع الأطراف تتشكل بعده حكومة وفاق”، وأوضح عثمان “مابين هذا وذاك هناك تردي اقتصادي وصحي ومجتمعي وأمني ينتظر هؤلاء لإصلاحه عن طريق تشكيل حكومه ما”.
أسباب الصراع
تعليقاً على خلاف التغيير المركزي والكتلة الديموقراطية، يقول المحلِّل السياسي أحمد عابدين، أن مايدور بين الطرفين صراع وليس خلاف وجذوره قديمة منذ مفاوضات جوبا نشأت خلافات حول السلطة والحصص ونظرة المركزي آنذاك لاتفاق جوبا ثم التباينات في المواقف السياسية كانت أو عتبات عدم الثقة، فتأكد لمجموعة الحركات نوايا تحالف قحت وفسَّروها أنهم لايريدون سلام وتوسعت الخلافات بعد تشكيل حكومة السلام.
وقال: “الكل يتهم الآخر حتى وصلوا لمحطة ٢٥ أكتوبر، فافترقا علناً وفي الحقيقة وقف الجميع مندهشاً لصراعهم والذي أودى بالفترة الانتقالية كلها لمفترق الطرق وتكوَّنت حالة من الندية لدرجة أن كلا الفريقين صارا يلجئان للأساليب الخشنة لإيذاء الطرف الآخر فتكونت أحلاف نقيض وتخندق كل منهم في معسكر”.
ويؤكد عابدين في تصريح لـ(الصيحة) “إذا رجعت لتفسير هذه الحالة فلن تبتعد عن صراع السلطة والمكاسب والطموح في وراثة الدولة وفي ظل انعدام الخبرة والتركة الثقيلة من التجارب السياسية السودانية الفاسدة ثم أن هذا انسحب على المحاور المتنافسة على ثروات السودان فصارت كل دولة تختار أي المجموعتين ستحقق لها مطامعها ولهذا تجدهم الآن حتى المبادرات التي يعلنونها لا تخلوا من أيدي أجهزة المخابرات والسفارات العاملة في الخرطوم.
خيارات مفتوحة
القيادي في الكتلة الديموقراطية مصطفى طمبور، قال خلال مؤتمر صحفي سابق إنه إذا استمر الطرف الآخر في المضي قدمًا، ستكون خياراتنا مفتوحة ومن بينها تحريك قواعدنا الشعبية لإسقاط الاتفاق الإطاري”.وشدَّد على امتلاكهم قاعدة جماهيرية كبيرة تؤيد موقفهم الرافض للاتفاق الإطاري.
بدوره، أعلن القيادي في الكتلة مبارك أردول، عن قرارهم بإيقاف النقاشات غير الرسمية مع موقعي الاتفاق الإطاري، وقال إنهم أبلغوا رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان بهذا الأمر وطالبوه بعدم اعتماد المواقف الشخصية للمنتمين للكتلة.
وأشار إلى أن المشاورات غير الرسمية تركزت على ضرورة تجاوز الاتفاق الإطاري، موضحًا أنهم طالبوا بتحويلها إلى لقاءات رسمية عبر لجان مشتركة.