ما إن تكشفت بنود الاتفاقية المزمع توقيعها بين المجلس العسكري، وقوى إعلان الحرية والتغيير، بأن العسكري قد أعطى الحرية كل ما طلبت، سيما ما يتعلق بنسبة الـ 67 بالمائة من عضوية المجلس التشريعي ….
* حتى سارعت الكتل والمجموعات والأحزاب الأخرى، التي ترك لها فتات الـ 33 بالمائة من عضوية التشريعي، حتى سارعت تلك المجموعات واحدة تلو الأخرى إلى الإعلان برفض المشاركة في المجلس التشريعي المرتقب، وذاك لعدة أسباب أهمها …..
* إن هذه المشاركة، نسبة الـ 33 بالمائة، ستكون مشاركة صورية يقصد منها إعطاء المزيد من الشرعية والقومية لحكومة قوى إعلان الحرية والتغيير الحزبية، على أن هذه القوى ستمرر لا محالة كل أجندتها بآلية الأغلبية الميكانيكية، ولن تكون القوى الأخرى إلا “كومبارس”، ودلالة على أن هنالك تنوعاً وتوسعاً يشمل معظم القوى السياسة السودانية الأخرى !!
* على أن اقتصار تشكيل الحكومة على كتلة قوى الحرية والتغيير دون غيرها، يجعل حكومة قوى الحرية مسؤولة مسؤولية مباشرة أمام الشعب والتاريخ والرأي العام، دون التداري خلف أي مشاركة صورية، على أن هذه الحقبة من تاريخ السودان خالصة لليسار السوداني ….
*وقديما قال أهلنا في البادية السودانية، (الفي البر عوّام) لطالما قدم اليسار نقداً باهظاً للآخرين، وزعماً كبيراً بأنهم الأجدر في بناء دولة العدل والكفاية والرفاهية والأحلام.. فحكم دولة مثل دولة السودان مثقلة بكثير من العقبات والتعقيدات ليس نزهة وأمراً يسيراً .. سيكون التحدي كبيراً جداً سيما فيما يتعلق بأحلام شباب الثورة، الذين يعتقدون أنه بمجرد التحول إلى المدنية، ستتحقق كل الآمال والطموحات، وسيكون السودان لا محالة كتلك الدول المدنية التي على شاشات الأحلام وأشواق الميديا !!
*صحيح أن قوى الحرية والتغيير سوف لن تعدم قوى رديفة يمكن أن تصنع منها (تمامة شرعية)، فهنالك دوماً من هو مستعد لعرض خدماته في سوق السياسة الرائجة، غير أن القوى الوطنية الأصلية سوف لن تبيع مواقفها مهما كان الثمن.. وستكون في خانة المعارضة لحراسة ثوابت الأمة وأصول القيم، طالما حذّرت هذه القوى الوطنية من مغبة عملية عدم صناعة إجماع للفترة الانتقالية، مما يجعلها فترة للشد والجذب وعدم الاستقرار…
* وتلك الأيام نداولها بين الناس، ها هي إرادة الله سبحانه وتعالى تتيح لليسار فرصة للحكم في أكثر مراحل الدولة السودانية تعقيداً، بعد غيبة امتدت لأكثر من نصف قرن من الزمان، منذ صدر سبعينات القرن الماضي، عندما وثب الشيوعيون على ظهر السلطة على حين انقلاب ثورة مايو، أتوا على ظهر ذات العسكرية التي ينعتونها اليوم بأشد الأوصاف، وسننتظر كيف يعملون.. و… و…