محيي الدين شجر يكتب : قصة مستشفى لعلاج سرطان الأطفال بالمجان قَتَلَتْهُ لجنة إزالة التّمكين (4)
24 يناير 2023
مستشفى علاج سرطان الأطفال الذي قَتَلَتْهُ لجنة إزالة التمكين كان قد وصل إلى مرحلة بداية التشييد، حيث طرح عطاء للشركات الراغبة، وكان الفوز من نصيب شركة صينية لها أعمال عالية المُستوى في السودان، وشرعت الشركة بالفعل في ترتيبات البناء، إلا أنّ اندلاع ثورة ديسمبر المجيدة أوقف عملها.
وبعد الثورة، رفضت مفوضية العون الإنساني إطلاق سراح مشروع المستشفى، لأنّ الأمين العام للمفوضية وقتها، ظنّ أنه عنتر زمانه اشترط عودتها بالانضمام إلى منظمة أخرى، الأمر الذي رفضته إدارة المستشفى وقتها.
ولم يكن الأمين العام للمفوضية عنتر زمانه وحده، بل كل الذين تولّوا المناصب سواء في الحكومة أو أيِّ منصب آخر كان همّهم الأساسي قتل أي عمل له علاقة بنظام المؤتمر الوطني، كان تفكير مُعظمهم الانتقام من المؤتمر الوطني أولاً قبل التفكير في تقديم أيِّ عملٍ ملموسٍ، والذي كان يعمل هو رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك، وحده تحرّك في كل الاتجاهات ونجح في فك عزلة السودان ولم يجد أيِّ مُعاونة.
مُعظم الوزراء كَانَ هَمّهم تصفية كل من له علاقة بالنظام البائد، ولهذا فشل وزير التجارة مدني ودخل في صراعات مع رجال الأعمال! وفشل وزير النقل واهتم بتعيين أهله في المناصب! وبدأت الخلافات تدب في جسد الحكومة، وليس مستغرباً بعد ذلك أن يتركوا مشروعاً حيوياً مُهمّاً لينجح.. ركّزوا على إزالة تمكين المؤتمر الوطني، لكنهم في المقابل مكّنوا أنفسهم بطرق أخرى!!!
والمؤتمر الوطني بعيد انقلابه عام 1989 كان حزباً واحداً، مكّن نفسه وأزال من دربه كل من وقف في طريقه، أجرى جراحات مُؤلمة في الخدمة المدنية، ونفّذ عملية تشريد واسعة.
وهم حينما تولّوا السُّلطة أرادوا تكرار نفس الخطأ، ونسوا أن المؤتمر الوطني حين يُشَرِّد جماعة يُعيِّن أنصاره بدلاً منهم، ولكن حكومة ما بعد الثورة كانت من عدة أحزاب وكل حزب يُعيِّن أهله وأنصاره، وكل وزير يُعيِّن أهله، فتشتت الحكومة وأصبحت لقمة سائغة التهمها المُكوِّن العسكري بكل سهولة!!!
وهناك فرقٌ ما بين حزب واحد يعمل على تمكين ذاته، وبين عدد كبير من الأحزاب تعمل على التمكين.
المُهم، إنّ مَشروع (7979) لم ير النور بعد الثورة بسبب قرار لجنة إزالة التمكين بمُصادرة معظم المُنظّمات الطوعية، ولأنها لم تستجب لنداء الواجب والوطن وتسمح للمشروع، لأن يستكمل نهاياته.
كَانَ من المُمكن أن يستمر المشروع بأيِّ رؤية، ولم تكن أدارته لترفض، لأنّ المشروع كان هدفاً مُشتركاً لكل السودانيين، كان حلمهم أن يروا صرحاً طبياً عملاقاً يُقدِّم خدمةً مُتطوِّرةً لأطفال السرطان.
ونُواصل،،،