الاتفاق الدستوري.. مُهدّدات وعقبات
تقرير: عبد الله عبد الرحيم
أنهى أمس طرفا التفاوض، قوى إعلان الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي، التفاهم حول ميثاق الإعلان الدستوري باتفاق تام حول كل البنود التي وردت فيه, وقد نقل الوسيط الأفريقي محمد الحسن لبات في تصريحات فجر الأمس الاتفاق الكامل فيما تبقى فقط بحسب لبات استكمال الترتيبات الفنية المتعلقة بمراسم التوقيع النهائي، فيما رجحت بعض الأطراف ذات الصلة بالاتفاق أنه سيتم التوقيع على الاتفاق اليوم الأحد، بينما يتم الاحتفال رسمياً بالمناسبة الأسبوع المقبل.
ورغم شلالات الفرح التي اجتاحت الشوارع مهللة بهذا الاتفاق، إلا أن البعض لا زال يرى أن الكثير من التحديات لا زالت تقف أمام مهر هذا التفاهم بالتوقيع النهائي. حيث أن الحركات المسلحة التي دخلت في تفاوض بأديس أبابا بشأن الاتفاق لا زال هناك الكثير من الاشتراطات لم توضع نقاطها في حروف استكمال الاتفاق في وقت لا زال فيه موقف بعضها الآخر الذي لم يدخل المفاوضات يمثل حجر عثرة أمام أي تفاهم قادم مثل مجموعة عبد الواحد نور بجبل مرة، وعبد العزيز الحلو.
وغير هذا، لا زالت الجبهة الثورية وبعض قوى نداء السودان كالحزب الشيوعي يمثلان عقبات كأداء أمام الاتفاق الدستوري الذي لا زالت جماهير الأمة السودانية تتطلع إلى اتمام التفاهم حول بنوده التي تؤدي إلى السلام المستدام والاستقرار النهائي وتشكيل الحكومة المدنية التي طال انتظارها.
مواقف متشددة
محاولات ولد لبات وقوى طرفي التفاوض العسكري والحرية والتغيير الأخيرة، تأتي لتتويج الجهود التي بُذلت وأثمرت الاتفاق السياسي بين الطرفين، ومحاولة تتويج ذلك بالتوقيع على الميثاق الدستوري الذي ظل يترقبه العالم بأسره.
بينما لا زال الحذر يحيط بمواقف رفاق الأمس بالنسبة لقوى إعلان الحرية، والذين ينظرون بأسف كبير لمحاولة إقصائهم من الاتفاق لبعض التعقيدات التي لازمت المواقف المختلفة بين قوى الحرية والتغيير، وهو الشيء الذي أكده الحزب الشيوعي في بيانه الذي نشره بالتزامن مع إعلان الاتفاق. وترى قوى سياسية أخرى لا يقل موقفها تشدداً من موقف الشيوعي، أن الاتفاق الذي تم يعتبر هبوطاً ناعماً لمعالجة الأزمة السودانية، فيما ترغب بعض القوى السياسية وقوى التغيير حلاً قاسياً على منسوبي النظام البائد يعمل على رد كل أملاك السودان التي أخذت دون وجه حق وردع المعتدين.
وقال لـ(الصيحة) مبارك دربين رئيس حركة جيش تحرير السودان إن الخطوة جيدة ومن شأنها أن تحدث الجديد في ملف الأزمة التي طرفها دون شك كل القوى السياسية والحركات المسلحة، ولكنه أكد أن موقف الحركات المسلحة كان واضحاً أثناء الاتفاق الذي تم التوقيع عليه في أديس، بعد أن وضعوا اشتراطاتهم المشهودة وفقاَ لما صدر من مضابط لقاءات أديس أبابا. مثمناً موقف المبعوث الأفريقي ومواقف الطرفين من التوقيع على الاتفاق الدستوري، مشيراً إلى الترقب الإقليمي والدولي الكبير اللذين ينظران بترقب للاتفاق في الوقت الذي يمكن أن تكون مخرجات لقاءات قوى إعلان الحرية بالحركات المسلحة لم تتخطّ هاجس التخوف من الخطوة القادمة، ويمكنها بذلك إعاقة الإتفاق الدستوري إذا لم يُستصَحب موقفها.
عهد جديد
وثمن الاستاذ مصطفى خاطر خليل، الأمين السياسي لحزب الحرية ما تم من تفاهم حول توقيع الاتفاق النهائي للوثيقة الدستورية بين العسكري والتغيير، ويأتي في إطار التوصل للحلول ودحر للتدخلات الخارجية. وقال: نطالب بالاتفاق على القضايا الوطنية أكثر من أن نختلف، وأشار إلى ضرورة تفادي المسائل العالقة للتفاوض وتأجيلها لحكومة الكفاءات القادمة، مؤكداً أن الحديث عن القوانين وغيرها في هذه المرحلة الحساسة غير مجدٍ لأن المرحلة ليست مناسبة لذلك، وقال إن الطرفين شريكان في التغيير وفي الثورة، ويجب أن تتوافر الثقة فيهما معاً لدورهما الكبير والمحوري في التحولات التي حدثت.
وقال إن الاحتفال بالاتفاق يعتبر تاريخاً وعهداً جديداً للدولة السودانية والذي تبنته الكنداكات، معرجاً بحديثه لحزبه الذي أوجد نسبة 40% للمرأة.
فيما طالب الحزب الشيوعي بتغيير ومراجعة موقفه وأكد أن انسحابه الآن يشكل خطراً كبيراً على مستقبل الاتفاق الذي تم، ذلك لأن الخيار الآن صار خيار الشعب وليس القوى السياسية، كما طالب الحركات المسلحة وتحديداً عبد العزيز الحلو بمباركة الاتفاق كما طالب جميع الحركات المسلحة التي جلست بأديس للتفاوض بأنه لا داعي لعرقلة هذه الجهود والاختلافات طالما أن الثورة حققت أهدافها ومطالبها. وقال إن الدولة المدنية التي سوف تأتي سيكون لها أثر كبير في التغيير القادم، وغير ذلك سيعرقل مسيرة الدولة المدنية التي ينتمي إليها الشعب السوداني إرضاءً لأرواح الشهداء، ونادى بضرورة أن تكون الفترة الانتقالية للكفاءات المهنية العالية وليس بالضرورة من الأحزاب.
لا للتعنت
ويقول الاستاذ تاج السر إدريس، أحد القيادات بالحركات المسلحة الموقعة على السلام بالخرطوم، إن التحرك الأفريقي مؤخراً لعب دوراً كبيراً في الذي تم بالخرطوم مؤخراً عبر توحيد رؤى ومواقف الحركات المسلحة المختلفة، ولكنه قال إن التعنت الذي يحدث بين الفينة والأخرى من بعض الأطراف إن كانت حركات مسلحة أو قوى سياسية لا يفيد القضية السودانية، ولا يحقق سلاماً ومن شأنه إعاقة كل الجهود التي تم التوصل إليها بما فيها الاتفاق حول الدستوري، لجهة أن قضية الهامش والحركات الحاملة للسلاح قضايا مستوطنة، وأن عملية التوصل لاتفاق حولها قد يأخذ فترات طويلة.
هناك أسباب جوهرية تسببت فيها الحكومات المتعاقبة على السودان وعلى رأسها المؤتمر الوطني، وأدى هذا لتعقيدات، والتدخل الأجنبي دائما يتدخل لمصالح أو أجندة تكون في الغالب لأغراض هذه الجهات، وقال إن جذور المشكلة يعلم أسبابها كل السودانيين، لذلك طالب بأن يجمع الكل على حلولها، وقال إنه آن الأون لتوحيد الرؤى والمواقف حول الجهود الرامية لإحداث تحولات في الساحة السودانية نحو إقامة الدولة المدنية.
وقال: يجب ألا يقف البعض مكتوفي الأيدي ومعارضين لكل أواصر التقارب بين القوى السياسية، ولذلك ينبغي أن تكون المبادرا ت سودانية، وأن يتفاكر أصحاب المصلحة ومن ينيب عن الحكومة على كيفية إيجاد الحلول المرتقبة بكل ثقة.