3 أشهر مهلة البنك الدولي.. العصا والجزرة
الخرطوم- الطيب محمد خير
طلب رئيس مجلس السيادة الفريق عبدالفتاح البرهان، من البنك الدولي والصناديق المالية الدولية مهلة 3 أشهر، قبل إصدار قرار إلغاء إعفاء الديون الذي كان مقرراً صدوره في 31 ديسمبر الماضي، ورفع تجميدها حال توصل الأطراف إلى اتفاق يستعاد بموجبه الانتقال وتشكيل حكومة مدنية قبيل نهاية المهلة الممنوحة لرئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان من البنك الدولي استجابة لطلبه بتأجيل إلغاء برامج إعفاء ديون السودان لثلاثة أشهر، تنتهي نهاية فبراير.
وكانت الحكومة الانتقالية برئاسة الوزراء المستقيل، عبد الله حمدوك، وقعت في يوليو 2021م، مع البنك الدولي ونادي باريس ودول أصدقاء السودان، اتفاقات قضت باستفادة السودان من مبادرة الدول الفقيرة المثقلة بالديون (هيبك) بإعفاء ديونه البالغة أكثر من 50 مليار دولار، وتقديم مساعدات ضخمة لدعم الانتقال المدني الديموقراطي، وتعد هذه الاتفاقات أكبر عملية إعفاء للديَن في التاريخ لدولة أدرجت حديثاً ضمن مبادرة الدول الفقيرة المثقلة بالديون (هيبك).
ويرى مراقبون أن التلويح بجزرة إعفاء الديون يكشف بوضوح أن مسار المحادثات بين الفرقاء السودانيين وخاصة الجانب المدني بات في عهدة الطرف الغربي الذي يصر على موقفه بضرورة الوصول إلى توقيع اتفاق سياسي نهائي بين المدنيين والعسكريين السودانيين، واستعادة الحكم المدني الديموقراطي وتشكيل حكومة مدنية في مارس بنهاية المهلة، لكن في الوقت الذي ضيق فيه المجتمع الدولي عبر أذرعه الاقتصادية مساحة المناورة والضغط على للوصول لاتفاق نهائي إنجازه في شهر مارس، لكن لاتزال الأطراف المدنية تتبارى بالتصريحات وتبادل الاتهامات في أجهزة الإعلام كل طرف يُدافع عن موقفه ويرسل وابل من الاتهامات اتجاه الآخرين وتتمترس كلتة المجلس المركزي وحلفائها على موقفها الرافض لاشترطات الكتلة الديموقراطية التي تصر على فتح الإطاري حتى يكون اتفاقًا جيدًا وتصر على أنها لن توافق على اتفاق الإطاري بوضعه الحالي الذي تصفه بالسيئ.
والسؤال هل لدى الفرقاء السودانيين خيار سوى القبول بالجدول الزمني الذي حدَّده المجتمع الدولى بإنزال لافتة إعفاء الديون التي تعني خسارة السودان لأهم ميزة تفضيلية حصلت عليها دولة مدرجة حديثاً في مبادرة الدول الفقيرة المثقلة بالديون (هيبك)؟
ويقول المحلِّل السياسي عبدالله آدم خاطر لـ(الصيحة): إن البنك الدولي هو مؤسسة دولية تعمل وفق قوانين مسخَّرة لخدمة الشعوب وليست الأنظمة الحاكمة، وبالتالي جاء ربط البنك الدولي المضي في إنفاذ قرار إعفاء الديون بتكوين حكومة مدنية تشرف على مجمل العملية الاقتصادية في إطار المنظومة السياسية لإدارة الدولة والآن الجميع ماضي في هذا الاتجاه .
وأشار خاطر إلى أن الجديد في الأمر حديث الفريق البرهان الذي يعد بمثابة التزام شخصي بالمهلة الممنوحة له وأنه لن يتأخر عن الثلاثة أشهر، وستكون هناك حكومة مدنية في السودان مسؤولة عن إدارة شؤون البلاد وهذه هي النقطة الأهم في هذا الخبر، أما ما يلي جانب البنك الدولى كما أشرت أنه مؤسسة معنية بخدمة الشعوب وبالتالي طالما هناك رغبة من الجانب المدني والأطراف كافة للمضي في طريق الوصول للحكم المدني في الفترة الانتقالية فليس هناك ما يمنع البنك الدولي أن يكون أكثر مرونة في تعامله مع ملف السودان بأن يكون داعم للتحوُّل المدني .
وأضاف خاطر: صحيح التجاذبات الموجودة في الساحة السياسية السودانية قد تبعث على المخاوف من إيفاء السودان بإحداث التحوُّل المدني خلال المهلة و اعتقد أن المهلة كافية حتى نهاية فبراير بأن تكون كل القوى السياسية قد وصلت لتوافق أو تستفيد من هذا الاتفاق الإطاري في صورته النهائية، لاسيما أن التقارب أصبح واضحاً بين الفرقاء وشاملاً بدليل أن المؤتمرات الخاصة بالاتفاق النهائي أصبحت قاب قوسين من النهاية وهذا يؤكد أن الجميع قوى مدنية وعسكرية مدرك للقيمة الخاصة بأهمية الوقت وهذا يؤكده ما رشح من التصريحات عن الاقتراب من التوقيع النهائي في نهاية يناير أو منتصف فبراير.
ونبَّه أستاذ العلوم السياسية د. عبد الرحمن أبوخريس، إلى أن الخطأ الذي وقع في البرهان وهو باتخاذه لقرارات 25 أكتوبر، ولم يضع في حساباته بأن هناك اشتراطات دولية على السودان ووافقت عليها الحكومة الانتقالية برئاسة حمدوك، ومن بين القضايا عملية إعفاء الديون المرتبطة بتحقيق الحكم المدني، ووجود البعثة الأممية برئاسة فولكر هي جزء من هذه الاشتراطات للتأسيس لحكومة مدنية لإدارة الفترة الانتقالية وبالتالي المنظومة الدولية مراقبة لإنفاذ هذه الاشتراطات.
وأضاف د.أبوخريس، في حديثه لـ(لصيحة) لكن لا أتوقع أن يفي البرهان بالتزامه للبنك الدولي في ظل التجاذبات التي تشهدها الساحة السياسية بعدم التوافق حول الاتفاق الإطاري الذي يعول عليه من قبل البرهان وفولكر وما يجعل من الصعب التعويل عليه في أن يفضي لحكومة مدنية مستقرة وحتى أن وجد دعماً من المجتمع الدولي، لكن الداخل لن يستفيد منها لعدم التوافق الداخلي الذي سيفشل عملية الاستفادة من المعونات بسبب المكايدات السياسية والشواهد في ذلك حاضرة وموجودة، وهذا الاشتراط يجعل المجتمع الدولي ومؤسسات كأنها تمارس ضغوط سياسية على الأطراف للتوافق لكن الشسعب السوداني لن يستفيد ويتكرر ماحدث في ظل حكومة حمدوك وأقرب مثال برنامج ثمرات وبالتالي أي دعم يأتي في ظل حكومة غير متوافق عليها لن يستفاد منه وأتوقع أن يتراجع المجتمع الدولي من عملية الضغوط التي يمارسها لاستعجال التوافق.