حجازي سليمان يكتب: أمنيات راحلة..
طفل ضائع وسط فجاجته، لا يدرك إلى أين يذهب، يصرخ ملء فيه، ثم يلتفت ليمسح آخر دمعة سالت على خده، يجبر أسراب الدمع أن تعود إلى المقل تارة أخرى، حينها غشاوة تعتري طريق بصره، يركل كرات الفراغ التي تظهر أمامه بفعل الفقد.
يجثو على قدم واحدة ليصارع ألم الأخرى بفعل الركل، يشهق معزيًا رغبته في البكاء.
ينهض وسحابة تهطل من عينيه، يحاول أن يحتمي من غزارة المطر، لا يجد سوى ظله، فيتولى إليه، كان آمنًا كما لو أنه بيت (جالوص)، أُعِدَ للخريف.
ينظر من خلال شباكه الصغير، في الخارج الهواء شديد حتى يصدر حفيفًا مع الباب الخشبي، يستلقى من تعب الرحلة، البرد يمنعه من التسكع خارجًا رغم إنه يحب اللعب في المطر.
في طرف القرية يبحث عنه أهله، إلا أمه كانت تتجه نحوه ببوصلة القلب التي لن تضل أبدًا.
تصل إلى هناك، تصرخ من شدة الفرح عندما تجد ظلًا يأوي بداخله طفلًا، تصيح له، يده لم تقو على التلويح.
تخبره بأن المطر قد توقف خارجًا ويجب عليهما أن يذهبا إلى المنزل، يعانقها بشدة ولم تكف عيناه عن البكاء، مما يؤجج شهية المطر من جديد، يتوجها إلى المنزل وهو يتأبط ظله الرحيم، كل أهل القرية ينظرون وسحابة تحلق، بعيدًا بعيدًا إلى حيث الفراغ، ذاب في المطر إحساس العودة كدعاش ضمخ أزقة القرية، الكل ينشق ويتحسر على ضياع الطفل الوديع!!
21/ 01/ 2023م