أبو الرنتيسي يكتب: شهادة الزور مورد المهالك
20 يناير 2023
في هذا الزمان العجيب، يستسهل الناس الإدلاء بشهاداتهم زُوراً، سواء بمقابل مادي يدفع لهم، أو لإبعاد تهمةٍ أو جريمةٍ من أحد معارفهم أو أقاربهم، ولا يدرون أي “مصيبة” تنتظرهم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، وكيف يكون القلب سليماً وصاحبه يضع يده على المصحف دون أن يرتجف له جفن، ليقول زوراً إن فلاناً كان معي حال وقوع الجريمة مثلاً أو غير ذلك من الأكاذيب التي يتفنن حالفو الزور في إطلاقها، فيا هداك الله، الكلمات التي تقولها زُوراً لتبرئ ساحة مجرم أو لتُدين آخر، ستؤدي بك لا محالة إلى المهالك إلا أن تتوب توبة نصوحة لا رجعة فيها، فشهادة الزور من أعظم المنكرات، بل من أعظم الكبائر، كما يقول الصادق الأمين عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح المتفق عليه عن أبي بَكْرَةَ- رضي الله عنه – عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «أَلا أُنَبِّئُكم بِأَكْبَرِ الْكَبَائِر؟»- ثَلاثا- قُلْنَا: بَلى يا رسول الله، قَالَ: «الإِشْرَاكُ بِالله وَعُقُوقُ الوالدين، وكان مُتَّكِئاً فَجَلس، وَقَال: ألا وَقَوْلُ الزور، وَشهَادَةُ الزُّور»، فَما زال يُكَرِّرُها حتى قُلنَا: لَيْتَه سَكَت. كررها كثيرًا ليحذر منها لخطورة شهادة الزور، لأن بعض الناس يتساهل في هذا الأمر حتى إن محاكم معروفة في بلادنا تكتظ بحالفي الزور وقد لا يجتهد المرء كثيراً في أن يجد من هو مستعدٌ للإدلاء بشهادة الزور مقابل المال، المسلم الحق يا هداك الله لا يشهد زوراً ولا يفعل إلا بحق وبما يعلم، قال سبحانه وتعالى (إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) – الزخرف الآية 86- وقال (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) – الحج الآية 30 – لن ينصلح حالنا وحال بلداننا ما لم تنصلح أحوالنا ونعمل ألف حساب للكلمة قبل إطلاقها وللفعل قبل أن نخطوه، والله الهادي وهو من وراء القصد.