حمل السلاح.. ثقافة جديدة أم توتّرات؟
تقرير: محيي الدين شجر
نشرت شرطة ولاية الخرطوم على موقعها في الانترنت (إنه بتاريخ الأربعاء 31/7/2019 حوالي الساعة 11 صباحا حدثت مشاجرة بين المواطن (ح.م.ز ) ونظامي يتبع لجهاز المخابرات العامة نتيجة لعرقلة السير بسبب أولوية المرور بالشارع العام وتوقف المعنيان قرب كبري الفتيحاب وتطور الأمر لمشاجرة أسفرت عن تعرض المواطن (ح.م.ز) لطلق ناري أصابه بالكتفن في المقابل قامت جمهرة من المواطنين بالاعتداء على النظامي وتسبيب الأذى الجسيم له مما استدعى إسعافهما لتلقي العلاج، وتم حجزهما بالمستشفى وحالتهما مستقرة وقامت ذات المجموعة بإتلاف عربة النظامي وحرقها بالموقع، تم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة وفتح بلاغ تحت المواد(139و182 ) من القانون الجنائي بالأرقام (9218 )(9237 ) بقسم شرطة الخرطوم شمال).
ونوهت الشرطة المواطنين لعدم التعدي على الممتلكات العامة والخاصة والتقيد بإبلاغ السلطات المختصة..
في حين قال بيان للناطق الرسمي باسم جهاز المخابرات العامة أمس الاول: إن الاحتكاك المروري قاد إلى تجمهر واشتباك نجم عنه إصابة مواطن بطلق ناري واعتداء على الضابط وحرق سيارته، وأكد البيان أنه تم نقل المصابين (المواطن والضابط) إلى المستشفى لتلقي العلاج..
وشدد البيان أن الجهاز سيتبع الإجراءات المنصوص عليها من خلال مجلس تحقيق يحفظ لكل مُعتدى عليه حقه القانوني لحسم مثل هذه التصرفات الفردية التي لا يقرها الجهاز ولا يقبلها..
إن حادثة المقرن التي أطلق خلالها نظامي النار من مسدسه صوب مواطن، لم تكن الأولى، حيث كثرت حالات إطلاق النار في السودان في الآونة الأخيرة بصورة مخيفة، فيا ترى هل أصبح السودان موعودًا بانفلات أمني غير محسوب العواقب نتيجة لعدم الالتزام بضوابط حمل السلاح، أم إنها حالات فردية محدودة..
سلوك مشين
المحامي محمد أحمد حسين عثمان قال إنها حالات فردية لكن تستوجب الحسم حتى لا تتمدد، منتقداً بيان جهاز المخابرات بأنه غير شفاف واخفى حقائق، لأنه تحدث عن إصابة أحد المواطنين بطلق ناري، ولم يبين هوية مطلق النيران، وقال إن حديث البيان بأنه تصرف فردي وانه لا يقر التصرفات الفردية يؤكد ان من أطلق الرصاص هو ضابط المخابرات، مقرًا بانتشار استخدام الأسلحة مؤخرًا في السودان، وقال لـ (الصيحة) إن ما حدث هو سلوك مشين لا تقره ضوابط حمل السلاح، مطالبًا بلجنة تحقيق محايدة للنظر في الحادثة وتقديم المتهمين للمحاكمة العادلة دون محاباة، مؤكداً أن بيان المخابرات العامة تحدث عن نصف الحقيقة، مع ان زمن (الغتغتة والدسديس) انتهى كما صرح بذلك نائب رئيس المجلس العسكري الفريق أول محمد حمدان دقلو حميدتي..
من جانبه، قال الخبير الأمني والقانوني محمد الأمين عبد السلام مصباح، معلقاً على حادثة مقرن النيلين إن أي سلاح الهدف منه الدفاع عن النفس والعرض والمال للشخص وللغير، وقال إن السلاح لابد أن يكون مرخصاً وأن يكون لحامل السلاح الأهلية التي تمكنه من استخدامه بصورة قانونية ..
وقال إن السلاح يستخدم وفق ضوابط حددها القانون ويستخدم بحذر، وألا يتجاوز الدفاع عن النفس الدفاع الشرعي المكفول لكل الناس ..
وقال إن ضابط المخابرات غير مصرح له أن يشهر السلاح في مواجهة المواطنين …
وقال إن ما نشهده من انفعالات في الطريق العام نتيجة للشحن الزائد بسبب الثورة السودانية والذي جعل الناس متوترة وردود فعلها في أقصى مداها..
وقال إن الوصول إلى اتفاق وتكوين الحكومة المدنية سيقلل من مثل تلك الأحداث الخطيرة..
مسؤولية كبيرة
أما اللواء الركن (م) الطاهر عبد الله محمد صالح، فقد ذكر أن حمل السلاح مسؤولية كبيرة، مضيفاً: نحن نفضل أن يكون الشخص أعزل إلا في حالات تستدعي ذلك.
وقال لـ (الصيحة) إن بعض أفراد الأمن وغيرهم من المواطنين لهم تصديقات بحمل أسلحة شخصية مصدق بها ومرخصة وقانونية، لكننا نرى أن حمل السلاح يدخل في الإنسان شيئاً من القوة ويسهل بالتالي إشهاره في وجه الناس لأتفه الاسباب، وقال: السلاح شيطان وعواقبه وخيمة، مطالباً السلطات المختصة بوضع ضوابط مشددة في الحالات التي يمكن أن يُستخدم فيها السلاح..
واضاف بقوله: الأشخاص الذين يحق لهم حمل السلاح في السودان هم القوات النظامية، والقوات شبه النظامية، والمواطنون الذين تحصلوا على ترخيص لحمل السلاح، والمواطنون الذين قاموا بتسجيل ووسم أسلحتهم في ولايات دارفور.
وأضاف: يتم ترخيص السلاح للمواطنين على أساس القانون السوداني للأسلحة والذخائر والمفرقعات، وفي هذا القانون نصوص تحدد من يحق له حمل السلاح، وعمره، وحالته الذهنية، وأن يكون سجله خالياً من أية جرائم.
وقال إن القانون يمنع بعض الأشخاص من حمل السلاح فيمنع كل من ارتكب جرائم سابقة، أو أشخاص مصابون بمرض عضوي، أو الشخص الكفيف أو قليل السمع. وقال لأي مواطن سوداني الحق في حمل السلاح، ولكن لابد أن تُبيّن الأغراض من حمل هذا السلاح.
وأشار إلى أن حقوق وضوابط استخدام الشرطة السلاح الناري وفقاً للقوانين الدولية لغرضين اثنين فقط، أولًا في حالة الدفاع الشرعي، وثانيًا لإنفاذ القانون بشأن حق الشرطة في استعمال السلاح الناري.
وذلك عند القبض على ”محكوم عليه“ بعقوبة جنائية إذا قاوم أو حاول الهرب. وعند القبض على كل ”متهم“ بجناية أو متلبس بجنحة يجوز القبض فيها؛ أو متهم صدر أمر بالقبض عليه إذا قاوم أو حاول الهرب وعند حراسة المسجونين في الأحوال والشروط المنصوص عليها في قانون السجون. وعند فض التجمهر أو التظاهر الذي يحدث إذا عرّض الأمن العام للخطر، وذلك بعد إنذار المتجمهرين بالتفرق وتحديد اتجاهات والزمن المتاح للتفرق.. ويصدر أمر استعمال السلاح من قائد قوة الفض؛ ويكون التدرّج كالتالي (خراطيم المياه – الغاز المسيل ـ للدموع للدموع – الصواعق الكهربية – الدنك المطاطي مع تجنّب الوجه أو الرأس أو الرقبة) وفي حالات الشغب العنيف (الطلقات المطاطية مع الضرب المباشر في اتجاه الأقدام فقط أسفل الركبة).
وقال إن هنالك قواعد خاصة بتنظيم استعمال الشرطة السلاح الناري لإنفاذ القانونن ولكن بعد إنذار شفوي بصوت مسموع وبعد إطلاق عيار في الفضاء عند استحالة وصول الشفهي..