بوح حميم
محمد المهدي عبد الوهاب
إخوان في الإنسانية
(1)
في العام 1982 حطت بي الأيام لأسكن مع صديقي مصطفى في نفس بيت لقائنا أول مرة، ومعنا صديقه معاوية سعد ورابعنا كان قريبه أنور محمد الحاج، وعشنا كلنا في تآلف ووضوح ومن حولنا الجيران من مختلف الجنسيات، يجمعهم الفن وحب الطرب، ذلك هو فريق (أرض الحيوان) الحي الكائن غرب الديوم الغربية والمتاخم لجنوب السجانة.
(2)
في فناء الدار وبعد الغداء، يجتمع الموسيقيون لأداء البروفات فيتحلق حولهم متفرجون من مختلف الأعمار يحفظون أغاني مصطفى ويرددونها في نشوة ويستمع مصطفى لآراء العازفين ويأخذ ببعضها، باب البيت مفتوح لا أحد ينهر أحداً حتى الصغار والأطفال، لأن العملية الفنية متاحة للجميع، وفي الاستراحات يتقدم طفل ليعزف على الاكورديون فيساعده العازف عبد الرحمن.
(3)
ضمني مصطفى لهمومه الخاصة ووثق بي واني احترم هذا جداً، وكنت اشركه في كل ما يحدث لي، وحدث أن لاحظ بحسه اني مهمومٌ ومُحبطٌ، فسألني بحنو ورقة عما بي.. فعرف إني معلول وعاشق حتى العظم بحب عظيم فوجدته حكيماً وعالماً بمثل هذه الأمور وكان بمثابة البحر في رقته فكتبت أن مصطفى هو .. (البحر الما خلاني اعيش براني).. وبعدها سافرت لبراغ ناسياً.. (طفت الدنيا عشان أنساك وأنسى الحزن الطارد ليا).. و(مداريا الحزن الأكبر بين الصيف وجمال المنظر).
(4)
فكان أن سطرت واحدة من أصل ثلاث قصائد غنائية هي كل ما كتبت في هذا المجال الإبداعي، وكانت (اخوان الإنسانية) التسامح والمحبة لكل الموجودين وبينهم مصطفى.. (كنت بتطلعي من عينيهم وكتين يفرحو أو يندهشو أو يفترشو سواعد بعض).. بين سطورها تمجيد لحبي الفاشل واعتزاز بأصدقاء أفاضل مثلوا العلاقة بين الفرد والفرد والجماعة والجماعة، فكانت أحلى العلاقات لأنهم أزالوا عنى الهم الذي كان يلازمني.. (ما أحلاهم شالو معاي الهم بالجملة وفضلو يغنو يغنو).