بقلم : كانديس لوك-ينق لاو
قصة هبة
تجرأت هبة، على الرغم من شعورها بالخجل بعض الشيء، وأشرفت على الحدث الذي تولّاه الأطفال بمناسبة “اليوم العالمي للطفل” الذي حدث مؤخّرا، والذي جمع بين الأطفال والسفراء لرسم مدارس أحلامهم.
“لديّ رسالة واحدة للجميع هنا. امنحوا الأطفال ذوي الإعاقة فرصة، فعندما نذهب جميعًا إلى المدرسة، يكون لدينا جميعًا مستقبل”، قالت هبة، الفتاة البالغة من العمر 17 عامًا وتعاني من ضعف في السمع.
تفوّقت هِبَة مؤخرًا في الامتحانات – وسجلت علامات هي الأعلى بين الطلاب الأوائل. تشعر هبة الفخورة بإنجازها أن نجاحها لا يخصّها وحدها. وتُقِرُّ بأن هذا الإنجاز ما كان ليتحقق لولا الدعم الثابت والتصميم الذي لا يتزعزع الذي نالته من والدتها، عواطف، التي آمنت دائمًا بالإمكانيات الكامنة لدى ابنتها.
سوى الثرثرة
عندما كانت هِبَة في الثالثة من عمرها، لاحظت عواطف أن هناك شيئًا مختلفًا عند ابنتها. فبينما تمكّن الأطفال الآخرون من إتقان جملة قصيرة أو جملتين، لم يكُن بمقدور هِبَة سوى الثرثرة. شعرت عواطف بالقلق على ابنتها، وسعت إلى طلب العناية الطبية قبل أن تكتشف أن الابنة تعاني من ضعف في السمع – لا تستطيع هبة أن تسمع بأذنها اليسرى.
بدأت هبة منذ ذلك الحين تضع سماعة طبية. لم تفهم تلك الطفلة الصغيرة الغرض من هذا الجهاز، لكن ما تذكره هو الفرق الذي أحدثه في حياتها.
“كنت هادئة جدًّا وخجلتُ من التحدّث لأنني شعرت أنّ لديّ مشكلة، وأثّر ذلك على ثقتي بنفسي”، قالت هِبَة مُشاركةً مشاعرها.
تأثر وضع هِبَة أكثر عندما توفي والدها ومثلها الأعلى قبل أن تبلغ الرابعة من عمرها. لكن هذا الحادث المؤسف لم يمنع عواطف من تحمل مسؤولياتها الإضافية والقيام بتربية ابنتيها وابنها.
استجابت عواطف لتوصية الطبيب بضرورة ذهاب هِبَة إلى معالج في النُّطق والتحدَّث لمدة خمس سنوات. كما قامت بتسجيلها في مدرسة عاديّة لتعزيز قدرتها على الكلام. لكن كما هو الحال مع العديد من الأطفال الآخرين ذوي الاحتياجات الخاصة، فإن رحلة هِبَة لم تكن سهلة على الإطلاق.
التمييز ونقص الوعي
التمييز ونقص الوعي تجاه الأطفال ذوي الإعاقة في دول مثل السودان هو حقيقة مُرّة. وما يحدث وفق بعض أسوأ السيناريوهات هو أنه يتمّ التخلي عن الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة أو حبسهم داخل المنازل دون أي اتصال لهم بالعالم الخارجي.
تقول عواطف: “لقد جاهدتُ لتسجيلها في مدرسة عادية. كلما أخبرتُ المعلمين عن ضعف سمعها كانوا يرفضون الطلب. واعتقد البعض أنّ ما لديها من ضعف في السمع يؤثر على قدرتها المعرفية. حتى أن إحدى مديرات المدارس رفضتها قائلة إن وجودها في المدرسة سيؤثر على الطلاب الآخرين”.
أثبت إنجاز هبة أن الكثيرين كانوا على خطأ، وأن لدى الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة إمكانات كامنة غير محدودة تتجلّى عند حصولهم على الدعم الذي يستحقونه.
نجاح الآخرين
تشعر عواطف أن نجاح هبة يتجاوز إنجازاتها الفردية. وقد أضافت عواطف قائلة: “نجاح هبة هو أيضًا نجاح للأطفال الآخرين من ذوي الاحتياجات الخاصة. آمل أن تُترجم قصّتها إلى المزيد من الدعم المقدّم للمدارس المتخصصة التي توفر بيئات تعليمية أفضل للأطفال والشباب من ذوي الاحتياجات الخاصة”.
ما يدفعني قُدُمًا
عندما سُئلت هبة عن رأيها في حالتها اليوم، شاركتنا رأيها الذي يتلخص في شعار حياتها، بقولها: ” أركز حاليًّا فقط على ما يدفعني قُدُمًا. كنت أخاف الناس لأنني لا أسمع جيّدًا، لذلك اعتقدت أنهم يسخرون مني. أما الآن، فقد تقبّلت نفسي كما أنا. الإعاقة التي لديّ تجلب لي معها كنوزا ما كانت ستأتي لو كان الحال مختلفًا”.
ستتابع هِبَة، الشغوفة بالفنون، دراستها في كلية الفنون الجميلة في جامعة السودان، مع التركيز على التصميم الصناعي. وكما هو حال تصميماتها للمنسوجات المليئة بالألوان، فإن هِبَة تتمنى أن ترى عالمًا ملوّنًا يقبل ذوي الاحتياجات الخاصة كما هم.