ياسر زين العابدين المحامي يكتب : خيارات المجنون
13يناير 2023
صراخ، ولا حياة لمن تُنادي…
فقر أليم، جحيم مقيم، ولا ضوء في آخر النفق…
حدة العوز تتنامى، والأخطر قادم… وذهاب الوطن قاب قوسين أو أدنى…
خلاف ضارب بأطنابه، وعداء سافر…
تلك وعود الثورة، أم تمخّض الجبل فولد فأراً…
جوعى بقلب وأطراف الخرطوم…
وبعيداً هناك، ما لا تراه الأعين يقطع
نياط القلوب…
يأكلون من خشاش الأرض…
ضربوا في مناكبها، عادوا خماصاً..
تنامى مُعدّل الجوع والمعاناة…
الموت بأنحاء الوطن لأتفه الأسباب…
الساسة سادرون بالغي، عمتهم السلطة
بزيفها…
لا يهم الوطن إنما مقاصد خفية تحت
جلباب المصلحة العليا…
أربع سنوات عدت، والحال نفسه..
إرادة سياسية غائبة الوعي، ومُغيّبة…
ما بذلت جهداً لرفع حالة الهشاشة الاجتماعية…
والأمنية، والسياسية، والاقتصادية…
ما يسّرت فكرة دمج الفئات المُهمّشة والهشّة…
ضاق وعاء الخدمات الاجتماعية…
صفر من الشعب يتمتّع بعائد النمو…
زمن الإصلاح مدّدوه ثم جمّدوه…
انحسر الضوء المُنبعث من العتمة…
لإصلاح الخلل بكل سيئاته وخبله…
أمنٌ منفرطٌ، صمتٌ فظيعٌ، عجزٌ مُخزٍ
الثروة تركّزت بأيدي فئات محددة…
كبرت الكروش المتخمة، يا للغرابة…
من لا يجد قُوت يومه لمَ لا يخرج شاهراً سيفه …
الجائع هنا لا يملك سيفاً ليشهره…
لا يسير بساقين ولا يحدق بعينين…
أضناه الجوع، المسغبة، الذل…
لا يملك صوتاً يعبر به عن أمنياته…
الصوت مبحوحٌ، وبالاذان وقرٌ…
شعارات الثورة هائمة على وجهها…
ولا مطلب تحقّق لحد الآن…
يُحدِّثونا عن السياسة، وهل يفهم
الجائع سياسة، وعن…
الاقتصاد تباً لاقتصاد لا يملأ البطون…
عن الأمن، وانفرط عقده، دفعنا الثمن…
عن غد زاهر كيف النهوض كيد ينخر وحقد أعمى…
الحفر ماض لغاياته، والشقاق، والنفاق…
يتلاومون، يتصارعون، ينافقون، يتلونون
ليس بقاموسهم تنازل لأجل الوطن..
سجوه على أريكة بانتظار الكفن…
دسّوا المحافير لمنع الدفن…
استمرّ الكيد اللئيم، الجوع، الجنون…
استمرّ الخوف، الفزع والترويع…
الثورة غابت ملامحها صارت شبحاً..
بتعقيد، وتأزيم، وإحباط، وتأليم…
ما يفضي للجنون وقد اقتربنا منه…
نحن على هاوية شفيرها قاطع…
لا تبقي ولا تذر تقود للفتنة، للجنون…
هل يسأل المجنون عن خياراته…؟