هل صحيح أن للحزب الشيوعي السوداني كتائب مسلحة تحمل اسم “الفيالق الحمراء” نالت تدريباً نوعياً في دولة كوبا على القنص وإثارة القلاقل وحرب الشوارع؟! سؤال مفتاحي مهم يصعُب الحصول على إجابة قاطعة عليه بحكم السرية “المضروبة” على مثل هذه الخطط والأنشطة والخلايا ! زهير عثمان أحمد الكادر اليساري الناشط في الأسافير تحدث في منبر إلكتروني عن هذه “الفيالق الحمراء” وأضاف أنها دخلت إلى الخرطوم وتتحرك على الأرض.
الحزب الشيوعي كما هو معلوم، عضو أصيل في تحالف قوى الحرية والتغيير، وقد ظل ممثله والقيادي فيه الأستاذ صديق يوسف نشطاً وبارزاً في جلسات التفاوض والمؤتمرات والتنويرات الصحفية التي تعقبها، لكن الحزب ظل في نفس الوقت يعمل على تخوين حلفائه والظهور في ثوب الحريص على الثورة وأهدافها وأحلام الشباب، وذلك عبر إصدار بيانات وتبني أنشطة مُناهضة ومُعارضة ومُعرقلة ومُخرّبة لخطوات التفاوض الجاري وخلاصاته.
سبق أن كتبنا عن أهمية المحاسبة الجنائية والسياسية للمسؤولين عن والضالعين في إزهاق الأرواح وسفك الدماء، وأنه ملف لا يقبل المكابرة والمزايدة والتسييس، وأن التحقيق فيه ينبغي أن يمضي بسرعة ودقة وشمول، ووجوب توقيف كافة المتهمين الذين توفرت في مواجهتهم بينات وصور وشواهد وشهادات، وطالبنا أن يمتد التحقيق ليشمل المُحرضين وأولئك المسؤولين عن الدفع بالضحايا – خصوصاً الأطفال – إلى أتون المحارق دون أدنى مسؤولية وأخلاق.
عندما تعبئ وتُحرّض شباباً وأطفالاً وتقود مواكبهم نحو مؤسسة سيادية أو اقتصادية أو عسكرية غير مسموح بالاقتراب منها وتهديد سلامتها، ألا تكون مرتكباً لجريمة عظمى في حق أولئك الذين وثقوا بك وخرجوا خلفك، وقد يكون بعضهم غير مُدرك لخطورة الأمر وعواقبه؟ نعم ليس للعسكريين أو حُراس المؤسسات إطلاق النار بإفراط نحو الأبرياء والعُزّل، لكن لماذا أصلًا يحدث ذلك السيناريو؟ من يقف وراء تخطيطه وتنفيذه؟ من يتحمل تكلفته الباهظة؟
من يتاجر بدماء الأطفال الأبرياء ويسترخصها؟ من يقف وراء التصعيد ومَن له مصلحة في ذلك؟ أين تنتشر تلك “الفيالق الحمراء” وما الدور الخفي الذي تضطلع به؟ ألم يعد مُملاً وانصرافياً الحديث عن كتائب ظل وكل القرائن تؤشر إلى أن الإسلاميين ومنسوبي حزب المؤتمر الوطني باتوا في حالة ذهول وسكون ولا رغبة ولا مصلحة لهم في أي مواجهة مع السلطة القائمة؟ مَن يقتلُ إذن ومَن يُتاجر بالأرواح ويتكسب بها؟ لا سبيل غير التحقيق والذي يجب أن يكون شاملاً وشفيفاً ويضع النقاط بشجاعة فوق الحروف.
لا مصلحة لعاقل في اهتزاز الأمن العام وسيادة الفوضى وسفك الدماء والغلاء الطاحن والتردي المتصاعد في الخدمات، لا مصلحة لعاقل في الاحتقان الداخلي والتصعيد مجهول العواقب، أمن الوطن واستقراره ونمائه ونهوضه مكسب للجميع، الأجيال الحالية والقادمة، ولذلك لا مناص من قطع الطريق على “شُذّاذ الآفاق” الذين لا ينظرون إلا لمصالحهم الحزبية الضيقة! ولا يعنيهم كثيراً حتى ولو احترق الوطن بمَن فيه وما فيه طالما أنهم المستفيدون .
الإخوة في المجلس العسكري الانتقالي وفي تحالف قوى الحرية والتغيير، عليهم الجِد والإسراع في الخروج بالبلاد من هذا النفق المظلم الذي توشك الدخول فيه، عليهم أن ينتبهوا ويتجردوا ويتنازلوا قبل اندلاع غضبةٍ شعبيةٍ جديدةٍ قد لا تُبقى ولا تذر .