تداعيات (التسوية): المشهد السياسي.. من يضع (متاريس) الحل
تداعيات (التسوية): المشهد السياسي.. من يضع (متاريس) الحل
تقرير- صبري جبور
حراك واسع تشهده الساحة السياسية السودانية هذه الأيام، لاسيما عقب انطلاقة المرحلة النهائية للاتفاق الإطاري، الذي من المأمول أن يضع حلاً للعملية السياسية المعقدة، بسبب الخلافات والصراعات بين الجيش وأطراف مدنية، خاصة عقب قرارات 25 أكتوبر 2021.
طيله هذه الفترة حدثت تجاذبات في المشهد عطلت العملية السياسية لأكثر من عام، لجهة أن القوى المدنية المُوقعة على الاتفاق الإطاري ترفض التحاور مع الكتلة الديموقراطية وتقول إنها مصنوعة وأيَّدت الانقلاب العسكري، لكنها تستثنى منهم حركتي العدل والمساواة وتحرير السودان باعتبارها من القوى الموقعة على اتفاق السلام ومعنية بالعملية السياسية.
أيضاً رفضت الحرية والتغيير اقتراح قدَّمه رئيس المخابرات الحربية المصري عباس كامل لاستضافة القاهرة لقاءات بينها والكتلة الديموقراطية، وقالت: إن أطراف المرحلة السياسية مُحددة مُسبقًا.
(الأحد) المنصرم، دشنت قوى سياسية من بينها الحرية والتعيير وقادة الجيش، المرحلة النهائية من العملية السياسية الخاصة بتسليم السُّلطة إلى المدنيين، بعد توقيعهم على اتفاق إطاري في الخامس من ديسمبر الماضي، فيما يرى خبراء ومختصون أن هناك جهات تحاول عرقلة المشهد وإسقاط التسوية، حسب رؤيتها أن الاتفاق الإطاري لا يخدم القضية، بل يزيد من حدة الخلافات وتعقيد الحلول، مشيرين إلى أن الأمر يتطلب توافق بين كل الأطراف، لاسيما أن الأوضاع لا تحتمل المزيد من (الخلافات).
حكومة حقيقية
أثناء كلمته في افتتاح المرحلة النهائية من العملية السياسية، جدَّد رئيس مجلس السيادة، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، التزامه بالوفاء بتعهداته بخروج العسكريين من السياسة.
وتابع البرهان: “نؤكد للشعب أننا لن نخذله ولن نتراجع عما اختطيناه من مسير يفضي إلى تحول ديموقراطي حقيقي. لن يكون للمؤسسة العسكرية أي دور في هذا الانتقال”.وأكد البرهان، أن “هذا الجهد وطني، وشارك فيه أبناء السودان توقًا للحرية والسلام والعدالة، وأنهم في القوات المسلحة سيكونون أول المستجيبين لهذا الأمر”، بحسب تعبيره، وتابع “نتمنّى أن نرى حكومة مدنية حقيقيّة في الفترة القادمة”.
فيما أكد نائب رئيس مجلس السيادة، الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي” التزام المكوِّن العسكري بتشكيل سلطة مدنية كاملة وخروج العسكريين من الحكم والسياسة.وطالب حميدتي القوى السياسية السودانية “بوضع خلافاتها جانباً والمضي قدماً بتنفيذ الاتفاق الإطاري”.
وأعتبر أن الاتفاق الإطاري يشكل اختراقاً مهماً للأزمة السياسية في البلاد. وعزا تأخر إطلاق العملية السياسية في السودان إلى “محاولات ضم أطراف سياسية للاتفاق الإطاري”، وأعلن التزامهم بدمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة وصولاً إلى جيش مهني واحد.
توقف المشاورات
توعدت الحرية والتغيير ــ الكتلة الديموقراطية بإسقاط الاتفاق الإطاري عبر الجماهير، معلنة توقف المشاورات غير الرسمية مع الموقعين عليه.
وقال القيادي في الكتلة الديموقراطية مصطفى طمبور، خلال مؤتمر صحفي عقب اجتماع بمنزل رئيس حركة العدل والمساواة، إنه “إذا استمر الطرف الآخر في المضي قدمًا، ستكون خياراتنا مفتوحة ومن بينها تحريك قواعدنا الشعبية لإسقاط الاتفاق الإطاري”.وشدَّد على امتلاكهم قاعدة جماهيرية كبيرة تؤيد موقفهم الرافض للاتفاق الإطاري.
بدوره، أعلن القيادي في الكتلة مبارك أردول، عن قرارهم بإيقاف النقاشات غير الرسمية مع موقعي الاتفاق الإطاري، وقال إنهم أبلغوا رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، بهذا الأمر وطالبوه بعدم اعتماد المواقف الشخصية للمنتمين للكتلة.
وأشار إلى أن المشاورات غير الرسمية تركزت على ضرورة تجاوز الاتفاق الإطاري، موضحًا أنهم طالبوا بتحويلها إلى لقاءات رسمية عبر لجان مشتركة.
وبشأن الدعوة المصرية، قال أردول: إن الكتلة تدعم أي منبر يُقارب بين السودانيين، موضحًا أن مصر دولة مهمة للسودان كما الأمن القومي للبلدين مشترك، مشدِّدًا على أن وجود القاهرة في تسهيل العملية السياسية مهم.
رؤية صادقة
يرى المحلِّل السياسي أحمد عابدين في إفادة لـ(الصيحة) ، أن مبادرة نداء السودان قامت ضرار وليس على فكرة خالصة فإنها تقاعست حين قفز الإطاري للواجهة بتوقيع المكوِّن العسكري عليه وهو الجهة التي كانت تعوِّل عليها المبادرة بشكل رئيس وليس على الجماهير والحقيقة المرة أن الجماعات المدنية تعوِّل دائماً أما على الخارج أو العسكر وهو ماخلق نكسة الأمة السودانية وتخلفها عن سائر الأمم.
وأشار عابدين ” فمتى كانت هنالك رؤية حقيقية صادقة التف فيها الشعب ونصرها ولكن كما فعلت النخبة السياسية السودانية الفاشلة الفاسدة فإن هؤلاء على دربهم فمن شب على شئ شاب عليه”.
وأبان “هناك مجموعات الآن متباعدة الفكر ضد الإطاري تعمل على (فركشته) ليس لرؤية أفضل وإنما لتسخين (نقارة) أخرى بعصى غليظة وطبعاً في كل الأحوال الوطن وحال الشعب غائب فدونك الآن الأولوية لتفكيك دولة (الكيزان) وليس صياغة رؤية اقتصادية علمية وخارطة طريق لوفاق وطني يتجاوز الانتقام لنبلغ المصالحة الوطنية والتي بدورها تعيد الهيبة للقرار الوطني حتى لا يذهب المعلمون للسفارات بدل يذهبوا لوزارة التربية والتعليم.
ونوَّه عابدين أما بشأن مشاركة الكيانات التي شاركت الإنقاذ وتريد الآن المشاركة في السلطة فهو موروث ثقافي سياسي سوداني متوفر وحاضر الطلب وماعنده قشة مرة، وقال: ” من هنا تبرز العقلية السياسية المتناقضة الانتهازية وهي متجزرة منذ القدم”.
توافق شامل
يرى الباحث في الشأن السياسي الطيب عبد الرحمن الفاضل، في إفادة لـ(الصيحة) أن دور مبادرة نداء أهل السودان بقيادة الشيخ الطيب الجد، دور فاعل في الشارع السوداني ومؤثرة لأنها تمثل قطاع كبير من أهل السودان وبها من الكيانات والشخصيات التي لها وزنها الكبير في المجتمع السياسي ولها تأثير مباشر في الواقع السياسي والطائفي والقبلي، مستدلاً بذلك ما تشهده من مواكب والإعداد الضخمة التي تشارك في كل الفعاليات داخل الخرطوم خارجها، كما وجدت تأييد من بعض لجان المقاومة والحرية والتغيير والكتلة الديموقراطية، وأشار “كل هؤلاء يتوافقون مع نداء أهل السودان فيما يدعون من رفض للاتفاق الأجنبي ومصادرة القرار الوطني وتفكيك القوات المسلحة وإعادة إنتاج الأزمة وتجريف المؤسسات العدلية وتسييسها”.
يؤكد عبدالرحمن في إفادة للصحيفة أن نداء السودان -أيضاً- يدعون لتوافق وجمع كلمة أهل السودان حول المشتركات ودعوتهم لتكوين حكومة ذات مهام والإعداد لانتخابات حرة يشارك فيها الجميع بدون استثناء.
اتفاق إقصائي
وأضاف الفاضل “كل ما يظهر في المشهد الآن بدون استثناء ويحاول بعد تهمة المشاركة والتبرؤ منها هو شارك في الحكومة السابقة”، وتابع: “لذا يجب أن تتعقل هذه الجهات وتقبل بالجميع والجلوس لإيجاد حل ومخرج لهذه البلاد وإنسانها الذي يعاني الأمرين.. وإلا لن تنجح أي حكومة ليست متوافق عليها”.
منوِّهاً إلى أن أي تفاق غير مجمع عليه هو إعادة لإنتاج حكومة فاشلة وخطيرة على البلاد ويكون اتفاق إقصائي ومعيب وباطل، لأنه يمثل رؤية فصيل سياسي محدد.. وهذا أمر من شأنه يعقيد الوضع السياسي”، لافتاً على هذه الجهات أن لم تكن لها أجندة أن تقدم مصلحة البلد على المصالح الشخصية والحزبية الضيِّقة.