رئيس المجلس الانتقالي لحركة تحرير السودان نمر محمد عبد الرحمن لـ(الصيحة) (2-2)
الشعب واعٍ ولا أحد يستطيع سرقة ثورته المجيدة
كان بإمكان البشير الحكم لما بعد 2020 لولا وعي الشعب
التحول الديمقراطي ودولة المواطنة والأزمة الاقتصادية قضايا على عاتقنا
هناك تخوّف من تجزئة القضايا المحورية من قوى الحرية والتغيير
مختلفون مع قوى التغيير في ترتيب الأولويات
يجب إبعاد كل من ينادي بالإقصاء
أطلق المجلس العسكري أخيراً عدداً مقدراً من أسرى الحركات المسلحة في بادرة حسن نوايا بعد سقوط النظام السابق، ونجاح الثورة الشعبية، وكان من بين أسرى الحركات هناك أسرى للحركة الشعبية جناح عبد الواحد نور ربما المناسبة كانت بالنسبة لهم مهمة، وهم يغادرون ظلمات السجون إلى نور الحياة في خارجها يتنسمون عبق الحرية ويتوسدون ظلال الثورة، الخطوة بالنسبة لهم مهمة كما قال لي رئيس المجلس الانتقالي لحركة تحرير السودان نمر محمد عبد الرحمن، لأنها جاءت وهم يدفعون استحقاقات الثورة وخرجوا في رحابها، ولكن يظل ملف الحرب والسلام مقدمة لديهم على كل الملفات. ويبدو أن تمسك الحركات المسلحة بالأولويات واحدة من الأسباب التي أدت إلى الفترة الطويلة لمفاوضات أديس بين الحركات وقوى الحرية والتغيير.
الحوار شمل جملة من المحاور حاولنا فيها معرفة رأيهم فيها فماذا قال؟
حاوره: صلاح مختار
تصوير: محمد نور محكر
*هنالك مخاوف لبعض الثوار من سرقة الثورة جعلت قوى إعلان الحرية والتغيير تسرع في تشكيل الحكومة المدنية؟
نعتقد أن الشعب السوداني واعٍ ومسألة سرقة الثورات مثلما حدث في عامي (64) و(85) لن يحدث باعتبار أن الثورة الآن لا يستطيع أحد سرقتها، وأن نسبة الوعي الذي وصل إليه الشعب السوداني ضمانة لعدم سرقتها أو التلاعب بها، لجهة أن كل الناس وأنا كنت واحداً من الموجودين في السجن ما كنت أعتقد أن البشير يذهب لولا نسبة الوعي الذي وصل إليه الشعب السوداني، وكان بإمكانه الجلوس على كرسي الحكم إلى ما بعد 2020. وحتى البشير ما كان يعتقد أنه سيسقط في يوم 11 أبريل 2019 وكان سيستبعد الموضوع بكل أبعاده.
*هل تعتقد أن مسألة ضياع الثورة أصبح حاجزاً لقوى الحرية؟
– بالتأكيد هذا صحيح، ولكن مسألة سرقة الثورة دافع لتشكيل حكومة مدنية دون مخاطبة جذور الأزمة بطريقة صحيحة يعتبر كلاماً غير صحيح. أعتقد أن الشعب السوداني واعٍ ولا يستطيع أحد أن يسرق مجهوده. ولو هنالك أي شخص رأى أخطاء، فإن الشعب لن يصبر وستجده غداً في الشارع، وسيقوم بمحاسبتهم، لذلك الشارع السوداني هو الضامن للتحول الديمقراطي في السودان، والثورة لن تُسرق مرة ثانية، ولن يتكرر نموذج (64) و(85) بالسودان، حتى نستطيع بناء دولة المواطنة التي يعرفها الشعب التي تتمثل في الحرية والسلام والعدالة والديمقراطية.
*هل دوافع الثورة غير محددة حتى الآن؟
– هذا كلام غير صحيح، والحديث بأن الثورة قامت بدوافع عفوية كلام غير دقيق، وإنما دوافع قيامها معروفة، وهي الظروف المعيشية، ولكنها قامت بعد دراسة متأنية وأي شخص يحاول سرقة الثورة سوف لن يذهب بعيداً وسيكشف نفسه أمام الرأي العام الذي يعرف أهدافه.
* ألا تعتقد أن الضمانة أيضاً وحدة قوى الحرية والتغيير نفسها؟
– التخوفات بشأن وحدة قوى الحرية والتغيير ليست في الثورة نفسها، وإنما التخوف في أن القضية لا تخاطب بشكل كامل بمعنى تجزئة قوى إعلان الحرية والتغيير للقضية المحورية، رغم أنهم قدموا التضحيات والبطولات في مسيرة التغيير. صحيح قد تكون هنالك آراء، ولكنها لم تصل حد الخلافات الداخلية التي تقود إلى سرقة الثورة, ويمكن أن يكون هناك تباين في الآراء داخل قوى إعلان الحرية والتغيير خاصة التي معنا في الجبهة الثورية والحزب الشيوعي السوداني، ولكن لا يرقى لدرجة تسميته سرقة الثورة، وبالتالي كلنا على استعداد لحماية وسلامة الثورة.
*هل هنالك من يتربص بكم لاختطاف الثورة؟
– إذا لم يكن هنالك استعداد يمكن أن نقول هناك انتهازيون مستعدون لسرقة الثورة الآن، الثورة هي التي وحدت إرادتنا، نحن الآن متوحدون في القضايا الأساسية فقط كيف يتم ترتيب الأولويات، لأننا مختلفون فيها، ولكن لن نعطي أي ثغرة لشخص للدخول فيما بيننا.
*هناك مسار ثالث يقول إن الاتفاق بين العسكري وقوى التغيير لا تعنيها في شيء وربما تلك القوى تعارض أي اتفاق يقوم بين الإثنين؟
تعليقي على هذا الموضوع وبشكل مختصر من أول الحديث، قلت هنالك استعجال قليل في حسم القضايا، نحن لا نريد الذهاب في اتجاه حل القضايا ثنائياً، الآن القوى التي لم تلتحق بالتوقيع وليست جزءاً منها مستعدون أن يكتبوا الملحق ليتم إلحاقه بالاتفاق، وأعتقد أن المجلس العسكري سيقبل بذلك.
*ما المطلوب لتحقيق ذلك؟
– المطلوب من تلك القوى تحديد نقاطها على الاتفاق أو الملحق حتى تُضمّن داخل الوثيقة، ولذلك إذا كان هنالك استعداد لذلك بالتالي ليس بالضرورة أن يكون هناك خلاف، ومن الخطاأ أن تذهب قوى الحرية والمجلس العسكري كجسمين منفصلين دون القوى الأخرى, وأعتقد أن إرادة قوى الحرية والتغيير ووجودهم في أديس أبابا تجاوزت ذلك، رغم أننا كنا نرى ذلك تكتيكاً سياسياً، ولكن نعتقد حتى اللحظة طالما هم موجودون بإرادتهم سنخاطبهم بتلك القضايا, وأعتقد حتى الآن الاتفاق يمكن تسميته جزئياً أو يحتاج لما بعده.
*هل ستؤثر الإضافات إيجاباً على الاتفاق؟
– لو كان هناك استعداد، وتم إلحاق الجميع سيؤثر إيجاباً على الاتفاق حتى لا يكون مسألة تنافس ما بين العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير، بالتالي لابد من حسم القضايا الأساسية. منها نحن في الحركات المسلحة قضايا مناطقنا طالبنا أن تكون واضحة حتى لا يكون هناك أي حجة منطقية.
*الآن برزت تيارات شبابية تقول إنها أبعدت عن الاتفاق رغم أنها صانعة للثورة؟
– اي فكرة لعزل أي مكون من الشباب أو الشابات الذين ثبّتوا الثورة غير صحيح، نحن ندعو إلى مشاركتهم وبشكل فعال في كل الأجسام سواء في المجلس السيادي أو في الحكومة التنفيذية والجهاز التشريعي حتى وإن كانوا شباباً غير منظمين، يجب أن يستوعبوا لأننا لا ننكر التضحيات التي قدموها ولولاهم لما تم التغيير، وواجهوا الرصاص بصدورهم, أنا ضد فكرة إبعادهم، بالعكس أدعم موقفهم ونعتقد مشاركتهم ضرورية ومهمة لكل أجهزة الدولة خاصة في المرحلة الانتقالية ومحاولة إبعادهم تعتبر عقلية قديمة، ويجب إبعاد كل الأصوات التي تنادي بالإقصاء.
* الحركات المسلحة ما زالت تحمل الكثير من النقد للاتفاق كيف تنظر لذلك؟
– لو كان الوصف بهذه الطريقة ستكون من زاوية واحدة هؤلاء أو الحركات هم موجودون معنا في أديس، وعندما فوجئنا بالاتفاق وبالتالي كان رد الفعل بأن إخواننا في الحركات كان العتاب على خلفية أننا في طاولة واحدة ويجب أن لا يتم تجاوزنا، ولذلك حتى لحظة التوقيع لم يتم الحديث معنا، ولكن أعتقد ما دامت الإرادة موجودة سيكون الوصول إلى الاتفاق سهلاً.
*هل تشعرون بأن هنالك خيانة؟
– لا ليست هناك خيانة، فيما حدث في أديس أبابا كان واضحاً.
* في حال عدم التوصل لاتفاق هل سيكون نفس المسار؟
– نأمل الوصول إلى اتفاق للعمل من أجل التغيير، ولكن إذا تعذر الأمر خلال تلك الفترة سيكون لكل حدث حديث ولكن الآن متفائل جداً والنقاش مستمر .
*هل يتم فتح الوثيقة لتضمين النقاط المثارة من الحركات حتى يتم تضمينها؟
– بالضبط هو المطلوب نتفاءل بأن يكون هناك استعداد سياسي لمخاطبة القضايا في حزمة واحدة، وأي حاجة ما كانت موجودة ستكون الإضافة صحيحة بكل جوانبه ولا أعتقد أن الإضافة تشكل مشكلة، وأعتقد أن قوى إعلان الحرية والتغيير سوف توافق على الإضافات المتعلقة بالاتفاق، وكذلك المجلس العسكري حتى نمضي إلى المرحلة المقبلة.
*هل هنالك إرادة وضرورة لفتح الإعلان الدستوري؟
-هناك ضرورة لذلك، وهي ضرورة ملحة في مسألة الإعلان السياسي بعد ذلك الإعلان الدستوري لأنه مكمل للإعلان السياسي. ولكن مجموعة التفاصيل خاصة الأقاليم ومناطق الصراعات بشكل خاص كجبهة ثورية برنامجنا بشكك عام سيضاف في المسألة الدستورية، نحن نتفاءل بوجود إرادة سياسية قوية ليتم إلحاق ما طالبنا به.
*هناك قضية المحاكمات، يصر العسكري على أن تكون داخلية في وقت تصر قوى التغيير أن تكون خارجية؟
– قضية العدالة مستقلة منفصلة، ونعتقد أي شخص ارتكب جرماً يرقى إلى مستوى المحاكم الدولية عليه المثول أمام المحاكم الدولية ومسألة أنهم لن يمثلوا أمام القضاء الدولي أعتقد أنها رسالة غير إيجابية هؤلاء ارتكبوا جرماً وصل إلى درجة المطالبة الدولية، وسيمضي في ذلك الاتجاه. ولكن لابد من أن نؤسس قضاء مستقلاً بالسودان حتى تتم محاكمة أي مجرم، أما الذين لم ترق جرائمهم للمستوى الدولي يمكن محاكمتهم بالداخل، وأنا شخصياً إذا كنت مطلوباً أمام العدالة الدولية سأمثل فوراً أمام المحاكم الدولية. ولو مطلوب أمام العدالة المحلية المستقلة سأكون أول شخص أقف أمام العدالة، يجب أن لا ننشغل بموضوع العدالة الانتقالية، وبالتالي أي شخص مطلوب أمام الجنائية يجب أن يقدم نفسه.
*هل موضوع العدالة ضرورية للمساهمة في الاستقرار؟
– بالتأكيد موضوع العدالة واحدة من الأمور التي تساهم بصورة كبيرة في إنعاش الاستقرار السياسي وفي إيجاد السلام الشامل المستدام.
* هل هناك مطالبات بالعدالة الآن؟
– أسر الضحايا ينتظرون محاكمتهم من جهات مستقلة ونتابع القبض عليهم .
* ما هي الرسالة التي تود توجيهها لقوى التغيير والمجلس العسكري؟
– رسالتي لكل قوى التغيير أقول لهم أشكر وقفتهم في الثورة من ديسمبر إلى أبريل، ولذلك المسؤولية التي تقع على عاتقنا المضي مع بعض مشاركة واقعية ومنطقية دون مفاهيم رجعية، وأن تكون مشاركة واقعية وليست “كمبارس”.
* ما هو المطلوب؟
– أعتقد التحول الديمقراطي ودولة المواطنة في السودان ومخاطبة الأزمة الاقتصادية على عاتقنا ومعالجة القضية بشكل علني والصبر والمصابرة ومخاطبة الطرف الآخر بالشكل المطلوب أنا متفائل بالحوار بالحوار الذي يجري الآن.