تقرير: هويدا حمزة
الباحثون عن الحقيقة فيما يتعلق بأحداث فض اعتصام القيادة العامة ممن لا ينحازون للمجلس العسكري بكل مكوناته، ولا لإعلان قوى الحرية والتغيير بكل مكوناتها بدت أفئدتهم مشتتة بين التصريحات المتضاربة هنا
وهناك، فبينما تتهم (قحت) المجلس وتستبق أي نتائج للتحقيق بطلب لجنة مستقلة ضمنتها في وثيقة اتفاقها مع شريكها، تأتي اللجنة المكلفة من قبل النائب العام المكلف بالتحقيق في تلك الأحداث بتقرير تلاه رئيسها مولانا
فتح الرحمن سعيد، وجد رفضاً كبيراً من شركاء المجلس الذين يجلسون الآن أو يتهيأون لإكمال ما بدأوه من اتفاق معه، بل امتد الاتهام بالتواطؤ لرئيس اللجنة في شخصه رغم أن الرجل لا علاقة له بالعمل السياسي، ولم ينضو تحت أي تنظيم وإنما يقوم بواجبه بما يمليه عليه ضميره المهني بعيداً عن التحزب كما سمعت من بعض زملائه أو الذين تربطهم به علاقات اجتماعية.
النيابة العامة من جهتها تدرأ عن نفسها الشبهات، وتؤكد أن تقريرها قانوني وليس سياسياً، وقد استند على البينات التي توفرت للجنة، ولم تغلق الباب أمام أي جهات أخرى لديها بينات أخرى أن تتفضل بتقديمها للجنة للتحرّي حولها، وقد نشرت اللجنة إعلاناً بهذا الخصوص في الصحف خاصة وأن التقرير موضوع الخلاف قابل للاستئناف لدى النائب العام.
التضارُب في أرقام الضحايا ما بين إحصاءات اللجنة المركزية للأطباء وبين الأرقام التي أوردها تقرير لجنة التحقيق استفز كثيرين، بينما كان يمكن للجنة التحقيق الاستعانة بلجنة الأطباء حسب خبير القانون الدولي بروفيسور شيخ الدين شدو الذي قال إن تشكيل لجنة تحقيق لمعرفة الحقيقة في حد ذاته أمر جيّد خاصة أن اللجنة استفسرت بعض الشهود، ولكن كان يمكن للجنة ان تستعين بمقاطع الفيديو التي ظهرت، ولكن ربما أسرعت الخطى لتسريع التحقيق وطالما أن القرار قابل للاستئناف ومواصلة التحقيق واللجنة مستعدة لسماع مزيد من البينات فهذه خطوة جيدة، لكنه عاب على اللجنة عدم الاستعانة بلجنة الأطباء المركزية لتحديد عدد القتلى والجرحى بشكل دقيق.
النيابة من جانبها تقول إنها خاطبت لجنة الأطباء المركزية لتمدها بأي بينات بحوزتها، ولكنها اعتذرت، يعلق شدو على ذلك بقوله (طالما خاطبوا ا للجنة المركزية، فالمفروض أن الأخيرة تقدم ما لديها من بينات، لأن هدفنا أن نصل للحقيقة في فض الاعتصام، ومن أمر بذلك، تحقيقًا للعدالةن فاللجنة يفترض ـلا تتخذ مواقف سياسية، فهذا تقرير طبي، ويجب عليها أن تدلي بما لديها.
والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا رفضت اللجنة التعاون فيما يحقق لها غايتها؟ يجيب شدو: (سمعت أن هناك بلاغات ستُفتح في مواجهة اللجنة المركزية للأطباء لإدلائها ببينات كاذبة، وربما تحسست اللجنة من الموقف).
وتستدل النيابة على دقة تقريرها بأن اللجنة استندت في تحرياتها على السجلات الرسمية في النيابة والشرطة وإحصائيات وزارة الصحة واستجوبت الأطباء و(المشرحين) لمعرفة أسباب الوفاةن وعدد المتوفين، وما إذا كانت هناك حالات اغتصاب، ولم تأت إفادة من أحدهم بتوفر مثل تلك
الحالات، وتُلفِت النيابة إلى أنها خاطبت لجنة الأطباء المركزية لإفادتها بأي حالات غير مدونة في السجلات الرسمية، وفتح بلاغات حولها، ولكنها ــ أي
لجنة الأطباء ــ اعتذرت عن تقديم تلك الإفادة، الأمر الذي دفع بالبعض إلى التساؤل عن الأسباب التي أدت باللجنة لرفض تقديم تلك البينات إن كانت الأرقام التي تتحدث عنها اللجنة صحيحة، مع العلم أن النيابة فتحت بلاغات
ووجهت تهمة حطيرة تحت المادة 186 الجرائم الموجهة ضد الإنسانية، وهي جريمة أكبر من جريمة القتل.
وإن كان كثيرون قد طعنوا في ذمة اللجنة وتقريرها ووصفوه بالسياسي وخلعوا عنه صفته العدلية، فإن آخرين وصفوا اللجنة بالنزاهة والحيادية لجهة أنها حددت المتهمين، وقالت إنهم ضباط رمزت لأسمائهم بالحروف.
“الصيحة” استفسرت قانونيين حول البُعد القانوني في الكشف عن أسماء المتهمين، فأفادوا بعدم شرعية ذلك قانونياً وقت التحري، ولكن حال القبض عليهم ستتضح تلك الأسماء.
وقال الخبير الدولي بروفيسور شدو، إن النيابة تقوم بالتحريات الأولية، وفي هذه المرحلة المتهم بريء إلى أن تثبت إدانته، فإذا ذكرت اسمه يمكن أن يتعرض للقتل أو الضربـ ثم تثبت إدانته أو براءته، ويتم شطب البلاغـ، ولكن إذا أدين يمكن ذكر الأسماء.
واعتبر شدو يومية التحري ليست ببينة، لأنها لا تؤخذ على اليمين أيضاً ولا تتم مواجهة بين أطراف الشكوى، لذلك فالمحكمة أكثر عدلاً من النيابة، حيث يناقش الشاهد حول شهادته، ويتم تحليلها قانونياً وربما هذا هو السبب الذي يجعل كثيرين يحجمون عن الذهاب للغدلاء بشهاداتهم.
ثم لا تلبث النيابة أن تؤكد استقلاليتها بصورة مكررة نافية أي علاقة سياسية تربطها مع المجلس العسكري.