بعد إعلان “حميدتي”.. ما وراء إغلاق الحدود مع أفريقيا الوسطى؟
بعد إعلان “حميدتي”.. ما وراء إغلاق الحدود مع أفريقيا الوسطى؟
تقرير- نجدة بشارة
للمرة الثانية خلال عام تصدر الحكومة قرار غلق للحدود السودانية . حيث أعلن نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”، إغلاق الحدود مع دولة إفريقيا الوسطى. ولعل القرار جاء بعدما رصدت محاولة لقلب نظام الحكم بإفريقيا الوسطى من داخل السودان، وذلك وفقًا لما نقلته قناة العربية.
إثارة جدل
وفي السياق أثار الإغلاق جدلاً على منصات التواصل الاجتماعي بين مؤيد للقرار، لجهة السيولة الأمنية في المناطق المتاخمة للحدود لاسيما أنه في وقت سابق أدانت البعثة الأممية في السودان بشدة العنف في جنوب دارفور، ووجهت أصابع الاتهام إلى تسرُّب للسلاح ودعم يأتي من دول الجوار، بينما يرى مراقبون أن قرار الإغلاق ربما يتسبب في أزمة دبلوماسية مع دولة أفريقيا الوسطى، وتورط السودان في التدخل السافر عبر شخصيات سودانية شاركت في محاولة لقلب نظام الحكم بإفريقيا الوسطى من داخل السودان وفقاً لتصريحات “حميدتي”.
حسن الجوار ولكن!
في وقت واصل فيه نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، محمد حمدان دقلو” حميدتي”، أمس الأول الأربعاء، حديثه عن محاولة التمرُّد ضد النظام في أفريقيا الوسطى، متهماً شخصيات كبيرة بالتورط فيها، وتحدث عن تأمين وحماية “الدعم السريع “ -التي يرأسها- لأكثر من مئة قرية، خلال أحداث العنف في ولاية وسط دارفور، وسط اتهامات له بتنفيذ مخططات لتصفية قادة معسكرات النازحين الذين كانوا شهوداً على جرائم حرب دارفور. وقال خلال مؤتمر صحافي، في مطار الخرطوم، عقب عودته من إقليم دارفور، إن إغلاق الحدود السودانية الأفرو أوسطية، تم بالتوافق بين الجانبين للحفاظ على حسن الجوار بين البلدين. وأشار إلى أن قواته رصدت قبل عامين مجموعات تنشط في الحدود الجنوبية الغربية للبلاد، كنواة للتمرُّد ضد النظام في أفريقيا الوسطى، مشيراً إلى إن إغلاق الحدود أدى لفشل هذه المجموعات. واتهم شخصيات وصفها بـ “الكبيرة”، بالتخطيط لتكرار هذا السيناريو، مؤكداً أن قواته تحرَّكت بعد ذلك وقامت بإغلاق الحدود بهدف الحفاظ على حسن الجوار مع جمهورية أفريقيا الوسطى.
تدابير أمنية
وأمس، أعلن مسؤول عسكري بارز في السودان، عن نشر قوة واسعة لتأمين الحدود مع إفريقيا الوسطى، بتوجيه من رئاسة الدولة، وقال قائد متحرك قوات الدعم السريع والقوات المشتركة لتأمين الحدود بين السودان وأفريقيا الوسطى، العميد الركن أبشر جبريل بلايل، إن نشر القوة يستهدف تأمين الشريط الحدودي بين البلدين، ولفت إلى أن مهام القوة تتضمن محاربة الظواهر السالبة كتجارة السلاح، الذخائر، المخدرات، التهريب والتفلتات الأمنية بين الدولتين، وأعلن بلايل في تصريحات لوكالة السودان للأنباء (سونا)، عن اتخاذ جملة من التدابير الأمنية، تشمل: المنع الكامل لركوب الدراجات النارية (المواتر)، وتجريم لبس (الكدمول) وحمل السلاح بجانب المعاقبة على ارتداء الأزياء العسكرية من قبل المدنيين، وأوضح أن التحركات الأخيرة من شأنها الإسهام في الهدوء الأمني، ولن يضار منها الأهالي في المنطقة بشكلٍ من الأشكال.
الشخصيات “الكبيرة”
قال المحلِّل الاستراتيجي والخبير بشؤون السلم في دارفور آدم خاطر، لـ(الصيحة): إن قرار الغلق سلاح ذو حدين، بسبب زيادة الاشتباكات على الحدود والصراع القبائلي الموجود في جنوب دارفور، وأن الحدود المفتوحة ربما تزيد من حالة التوترات المتوقعة بين القبائل . وقال: إن تأخير تكوين حكومة في السودان أثر بصورة كبيرة على علاقته الإقليمية، لاسيما وأن النظام البائد كان شبه متهم بتأجيج الصراع ومحاولاته للاستيلاء على السلطة في أفريقيا الوسطى، وتسببه في كارثة بالنسبة للمسلمين هنالك .وأضاف خاطر، بأن اتهام ” حميدتي “لشخصيات كبيرة” لم يسمها، ربما يقصد شخصيات مسؤولة في النظام البائد كانت لها صلات دولية مع أفريقيا الوسطى،وتتطلع للعودة إلى السلطة في السودان عبر هذه البوابة .
وأضاف، لكن أؤكد أن إغلاق الحدود له أضرار بليغة على البلاد، ولكن بأفضل مايمكن أن يقدِّم للسودان في هذه الفترة هو تكوين حكومة بصورة عاجلة لحفظ كرامة البلاد والعباد والانتقال إلى مربع جديد في العلاقات الإقليمية.
بلبلة كثيرة
أما بخصوص ما أثاره حميدتي من اتهامات لبعض الشخصيات بتدبير انقلاب لحكومة أفريقيا الوسطى من داخل السودان، أوضح خاطر أن مثل هذه التصريحات تثير بلبلة كثيرة، وقد يعقِّد المشكلة أو الأزمة وتغلق أبواب التفاهمات وربما تزيد التخمينات وتعتم الأجواء.
وأضاف: إن حميدتي من موقعه كرجل دولة يمكنه التصريح بوضوح أكبر وكشف الحقائق كاملة ويقدم لمحاكمات مكشوفة ويقدم كل مايمكن لدولة حكيمة تقدمه.
قوات مشتركة
في الأثناء أكد قائد متحرِّك قوات الدعم السريع والقوات المشتركة لتأمين الحدود بين السودان وأفريقيا الوسطى العميد الركن أبَّشر جبريل بلايل، انتشار قوة واسعة من القوات المسلحة وقوات الدعم السريع لتأمين الشريط الحدودي بين السودان وأفريقيا الوسطى إلى جانب محاربة جميع الظواهر السالبة كتجارة السلاح، الذخائر، المخدرات، التهريب والتفلتات الأمنية التي تحدث بين الدولتين وذلك بتوجيه من رئاسة الدولة.
جاء ذلك خلال اجتماع مشترك مع أعضاء الغرفة التجارية بمحلية أم دخن بوسط دارفور والإدارة الأهلية ولجنة السلم والمصالحات وأعيان المنطقة أمس الخميس .
وأشار العميد الركن بلايل في تصريحات أن القوات المشتركة موزعة على مواقع محدَّدة تقع على حدود الدولتين مثل محليتي أم دخن وأم دافوق، إضافة إلى مناطق أبوجرادل وتَهمْ، مؤكداً عدم تضرر المواطن من هذه الإجراءات الأمنية المتخذة من قبل الدولة، وإنما ستسهم في حفظ واستتباب الأمن بالمنطقة واستقرار الدولتين .
وأشار بلايل إلى المنع الكامل لركوب الدراجات النارية (المواتر) ولبس (الكدمول) حمل السلاح ولبس الزي العسكري من قبل المواطنين، فضلاً عن منع عبور السيارات ذات الدفع الرباعي (اللاندكروزر) والتأكد من هوية ووجهات المواطنين العابرين للحدود بالتنسيق مع دولة أفريقيا الوسطى.
محذِّراً كل من يخالف تلك الإجراءات، داعياً مكوِّنات المجتمع المدني بمحلية أم دخن للتعاون مع القوات لتنفيذ تلك الإجراءات لا سيما عمليات مكافحة التهريب وذلك باتباع الطرق القانونية التي تنظم ذلك.
من يمتلك قرار إغلاق الحدود السودانية مع إفريقيا الوسطى؟
في الأثناء تساءلت جهات عديدة عن من يحق له إعلان إغلاق وفتح المعابر الحدودية للدولة في ظل غياب رئيس مجلس الوزراء، والحكومة التنفيذية .
وأجاب مدير الثقافة والإعلام في حكومة إقليم دارفور عبدالعزيز أوري، وفقاً لما رصدته (الصيحة) لمداخلة له بالحدث قال: بأن هنالك غياب للمنظومة الأمنية بشكل كبير في هذه الحدود بين السودان وأفريقيا الوسطى لاسيما القرى الحدودية في دارفور، وقال: لكن من الجدير أن يعلن قرار الإغلاق بواسطة المجلس السيادي بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، على اعتبار أنه قائد للقوات المسلحة، أو نائب رئيس المجلس حمدان دقلو، وقائد قوات الدعم السريع، وأضاف اوري: القيادة العسكرية زيتهم في بيتهم في إشارة إلى أن القرارات الأمنية مسؤولية منظومة الدفاع والقوات المسلحة والدعم السريع لضبط الأمن في الحدود.