قطوعات الكهرباء في الشتاء.. معاناة مختلفة
الخرطوم- انتصار فضل الله
على الرغم من برودة الطقس في ولاية الخرطوم هذه الأيام، انتظمت بصورة غير متوقعة قطوعات التيار الكهربائي في عدد من الأحياء لساعات طوال منذ نهاية شهر ديسمبر العام 2022م، وحتى اليوم .
وامتعط مواطنون جراء زيادة ساعات الانقطاع بمعدَّل ثماني ساعات، في اليوم، في ظل تراجع الاستهلاك الذي كان معهوداً في فصل الصيف .
وشكا لـ(الصيحة)، بعض قاطني منطقة “السجانة ” جنوب العاصمة الخرطوم، أشد المعاناة جراء تذبذب الكهرباء، فيما كشف أصحاب محلات تجارية بسوق السجانة عن خسائر مادية بسبب البرمجة الشتوية.
أفاد (الصيحة) مواطنون آخرون من محلية شرق النيل يعيشون ذات المعاناة، بأن الكهرباء من الخدمات الأساسية وهي حق لكل مواطن، فلا يمكن تخيل الوضع ومناطقهم غارقة في ظلام دامس لساعات طوال في الشتاء، وهو أمر أقل ما يوصف بالمؤسف جداً وغير مقبول في وقت تحتاج فيه الأسر للإضاءة لإنجاز العديد من الأشغال المسائية الضرورية.
ولا يرى سكان أحياء في أم درمان ومحلية كرري، وجود أي مبرِّر للقطوعات التي عمت مناطقهم ومناطق أخرى منذ أيام، ويؤكدون أن القطوعات المتكررة ولفترات طويلة مرفوضة تماماً ومن الممكن أن تتسبب في احتجاجات في ظل عدم تحسب الحكومة لذلك، وعجزها أمام توفير أبسط الخدمات وهي الماء والكهرباء باعتبارهما أهم الأشياء وتوفيرهما حق من حقوق المواطن، وأردف البعض قائلاً: “إننا نعيش معاناة كبيرة بسبب عدم استقرار التيار في كل الفصول ولابد من تغيير السياسات والالتفات لراحة وخدمة المواطن واحترامه”.
فيما قال تجار في ذات الشكوى التي بعثت إلى (الصيحة)، الآن أصبح خطر القطوعات كبير، إذ أن أغلب الأطعمة الرطبة معرَّضة للتلف، مع النظر أن فصل الشتاء في الخرطوم قصير جداً وتتخلله أجواء حارة في بعض الأوقات، بالتالي استمرار القطع أكثر من ثماني ساعات، ينعكس على المنتجات المخزنة ويتلفها بالكامل.
ويؤكدون أن ذلك يتسبب في تسمم بعض المستهلكين، وهذا ينعكس عليهم كتجار، حيث يصفهم الكثيرون بأنهم يبيعون مواد فاسدة، غير أن الحكومة وبسبب عدم الاهتمام بتوفير الخدمة هي التي تفسد المواد، وأشاروا إلى دور القطوعات في تعطيل دائرة الإنتاج، نظراً لأن كل المؤسسات الخاصة والحكومية تعتمد على الكهرباء في إنجاز العمل المتعلق بالأجهزة الإلكترونية وهذه القطوعات تعطل العمل تماماً، وذكروا أن غياب المحاسبة والرقابة سبب أساسي يزيد من المعاناة.
واعتبر خبير في الطاقة مهندس شوق سعد محمد، انقطاع التيار الكهربائي في فصل الشتاء بفترات متقطعة داخل الخرطوم ولساعات طويلة، هو حجم الأزمة الحقيقية في قطاع الطاقة الكهربائية مقابل حاجة البلاد للكهرباء التي تزداد يومياً، وأصبحت الطاقة الكهربائية من الضروريات في حياة أي مواطن، قائلاً: ” في الوقت الذي عبَّر الخبراء أن الطاقة الكهربائية المتاحة والمنتجة أقل بكثير بنسبة تقدر ٥٠٪ من حاجة البلاد .
وأضاف لـ(الصيحة)، رغم توقف كثير من المصانع بسبب ندرة الطاقة الكهربائية وارتفاع تعريفة الكهرباء التي تسبب في تكلفة الإنتاج وتحمل المواطنين الزيادات في قيمة تعريفة الكهرباء والتي تسدد مقدماً وتهلك طاقة المواطن المعيشية، إلا أنه يعاني من القطوعات ربما في كثير من الحالات تتعطل الكثير من المعدات الكهربائية للمواطن في ظل عدم وجود أي حماية قانونية للمواطنين.
وأشار خبير الطاقة، إلى دور عقود الإذعان في مسألة الكهرباء، مردفاً ” في كثير من الحالات تبرر القطوعات بسبب إصابة المعدات والخطوط بأعطال وهذا يعني بأن المعدات المعنية قد استهلكت كثيراً ومنها الذي نفذت فترته الافتراضية،
وتابع: في ظل عدم وجود(اسبيرات بارت) بسبب الحال الاقتصادي سيظل الوضع كما هو إذا لم يكن أسوأ، مشيراً إلى القطع الذي عم كل البلاد بسبب (ضب) ميت داخل توربينات سد مروي قبل أسابيع، قائلاً: إن الحديث عن سد مروي هناك معلومات تفيد بأن التوربينات المولدة للكهرباء قد بدِّلت من ألمانية إلى صينية عند تركيبها، وأن ذلك تم وفق فساد إداري ومالي، وهذا ربما يكون السبب الرئيس في تقليل حجم الإنتاج الكهربائي من سد مروي خلافاً للطاقة التصميمية.
ويرى مهندس شوقي أن الأزمة تتمثل في نقطتين رئيستين وهي قلة الحجم المنتج بالمقارنة مع حجم الاستهلاك وحاجة البلاد والنقطة الأخرى هي المعدات التي انتهت فترتها الزمنية في ظل عدم وجود إسبيرات أو إمكانية استيرادها، مشيراً إلى أن المحوِّلات أصبحت تتحمَّل أكثر من طاقتها التصميمية بسبب حجم العمران والتوسع طولياً وعرضياً ما أدى إلى ضعف قوة التيار بالتالي انقطاعه، واصفاً حديث جبريل، وزير المالية حول الاستثمار في الكهرباء بحديث العاجزين، لأن الكهرباء تعتبر خدمة للمواطن وللبلد ومن البُنى التحتية التي يجب توفيرها وأن ترك الأمر أن تكون الكهرباء استثماراً هذا يعني أن ترتفع تكلفة كل المنتجات بسبب كلفة الإنتاج والمستثمر في القطاع نظرته في الفائدة المرجوة من الاستثمار في هذا القطاع، قاطعاً بأنه في ظل هذا الوضع السياسي والسيولة الأمنية لا يمكن أن يغامر أي مستثمر أجنبي أو داخلي برأسمال في أي نشاط استثماري ناهيك عن قطاع الكهرباء،مشيراً إلى الطاقات الحرارية التي بدورها تعاني البلاد من شح الوقود بسبب الحالة الاقتصادية وندرة النقد الأجنبي.