لمن فاتهم الاستماع ..
ربما تكون كل هموم الحكم وتقاسماته وتقاطعاته حاضرة في أجندة قوى كتلة الحرية والتغيير، اللهم إلا الهم الاقتصادي، علماً بأن عملية التراجع الاقتصادي كانت من أول قضايا الثورة، بل هي من عجّل بقيام الثورة وانضمام الأغلبية الصامتة من جموع الشعب إلى حراك التغيير …
* وكانت الخشية دائماً أن تنصرف الكتُل والمجموعات الحزبية إلى الغتائم حتى قبل أن تنجلي المعركة، وهذا ما يحدث الآن تماماً من قبل القوى المدنية التي ورثت الثورة، فالاقتتال الآن قائم على أشده علي قسمة هيكل السلطة الانتقالية، وصلاحيات مجالي السلطة.. و… و….
* والمواطن الذي تكاد تطحنه الأسواق والأسعار في حيرة من أمر ثورته، ويتساءل على طريقة ، يا ود المهدي الجابوك تهدي، كيف ولماذا وأين غاب الهم الأكبر للجماهير والثورة، فلا أحد الآن ممن تصدروا المشهد المدني يفتأ يذكر التدهور الاقتصادي، حتى يكون المواطن حرضاً أو يكون من الهالكين!!
* ونفتأ نكرر عمليات التغابي والتعامي من قبل قوى الحرية والتغيير تجاه تفاقم الحالة الاقتصادية، لأن المجهودات الإسعافية الاقتصادية على قلتها تأتي من قبل المجلس العسكري، وهو الذي يتحمل عبء توفير الاحتياجات الاقتصادية الضرورية سيما فيما يتعلق بتوفير المحروقات والدقيق، وذلك عبر علاقاته الإقليمية في المنطقة، بينما في المقابل لم تكتف قوى التغيير بضعف حساسيتها تجاه تحديات الاقتصاد فحسب، بل حملت الجهات الخليجية الداعمة دائماً ما تسميه مغبة التدخل في شؤون البلاد!!
* وعلى مايبدو أن الطريق أمام هذه القوى السياسية ما زال طويلاً، فثمة خُطى كثيرة تفصلنا عن قيام وزارة قوى الحرية والتغيير، ومشيناها خُطىً كُتِبتْ علينا ومن كُتِبتْ عليه خُطىً مشاها، على أن كثيراً من المراقبين يتوقعون احتدام صراع كبير بين مكونات هذه القوى عند تقديم ترشيحات عضوية مجلس الوزراء، فعلى الأقل أن القوى اليسارية لا محالة سوف تمارس هوايتها التاريخية، في تمرير كوادرها من تحت جسر (التكنوقراط والمستقلين)، بينما القوى الأخرى ستكون بالمرصاد لهذه الحيل التي أصبحت مكشوفة، فلا يجب أن يعيد التاريخ نفسه في هذا الضرب المؤلم، وذلك لسبب بسيط جداً وبديهي وهو أن الكوادر الحزبية لا ولن تتجرد لقضايا الوطن والمواطنين، بل ستتفرغ إلى قضايا المكتسبات الحزبية، وهنا تتبدد أهداف الثورة وأشواق الثوار، سيما قضايا الشباب الذي يبحث عن فتح أبواب المستقبل أمام تطلعاته المشروعة، وستكتشف مجموعات الشباب لا محالة في لحظة فارقة، بأن بعض القوى التي أمنها أحلامه وثورته قد حولتها إلى أجندة حزبية ضيقة ذات لحظة انتهازية.. و.. وليس هذا كل ما هناك.