“6” وزارات بلا وزير.. استقرار سعر الصرف وتوالي انخفاض التضخم
وزير المالية في اجتماعات صندوق النقد الدولي، واحتضان الخرطوم اجتماعات مجلس الوحدة الاقتصادية
توقيع مبدئي لميناء أبو عمامة.. والمشاركة في القمة الصينية العربية
الخرطوم- جمعة عبد الله
طوى العام “2022م أيامه سريعاً، والتي انصرمت بلا جديد يذكر على الصعيد الاقتصادي، حيث لم تشهد البلاد أحداثاً مهمة مثل سابقه من الأعوام، عدا القليل من الأحداث وعلى أهميتها فلم يكن تأثير كبير على المشهد الاقتصادي.
غياب وزاري وتنفيذي
في يناير الماضي، وتحديداً قبل عام من الآن، بدأت البلاد سنتها الجديدة وهي بلا حكومة تنفيذية ولا مجلس وزراء، وهو المشهد الذي استمر طوال العام 2022م، ولعل أبرز انعكاسات هذا الفراغ الدستوري هو غياب قمة الهرم التنفيذي لعدد “6” وزارات واصلت بلا وزير، وهي وزارات: “الزراعة والغابات، وزارة الصناعة، وزارة التجارة والتموين، وزارة الاستثمار والتعاون الدولي، وزارة النقل، وزارة الاتصالات وتقانة المعلومات”، والقاسم المشترك بين هذه المؤسسات الاقتصادية هو عدم وجود وزير لتسيير دولاب العمل، حيث تم تسمية وكيل كل وزارة كوزير مكلف لتصريف الأعمال، مما انعكس سلباً على مجمل الأداء الاقتصادي، ولم يتبق غير وزارء المالية والمعادن ووزير الثروة الحيوانية.
ثبات سعر الصرف وتراجع التضخم
وفي جانب الأداء الاقتصادي أيضاً، شهد العام المنصرم أطول فترة لثبات واستقرار أسعار الصرف، حيث لم تتغير أسعار العملات الأجنبية طوال العام 2022م، وهو ما يعزوه مختصون إلى إجراء سابق تم في العام 2021م وهو قرار توحيد أسعار الصرف، فبات السعر الرسمي هو الفيصل في تحديد أسعار العملات الأجنبية، مع نشاط طفيف للسوق السوداء “السوق الموازي”، بيد أن الأسعار كانت متقاربة لحد كبير بين السعرين الرسمي والموازي.
أما معدَّل التضخم فقد شهد في العام الماضي أكبر نسبة تراجع في تاريخ البلاد والتي وصلت لأكثر من “60%” خلال أشهر العام 2022م، حيث بدأ معدَّل التضخم في يناير 2022م بمعدَّل “260%” فيما في نوفمبر إلى “88%”، ورغم توالي انخفاض التضخم شهرياً، إلا ان هذا التانخفاض لم ينعكس على المستوي العام للأسعار، ولم تنخفض أسعار السلع، وبشكل عام كان ثبات واستقرار سعر الصرف وتوالي انخفاض التضخم إجراء شكلياً على حالة الأسواق ولم يؤديا إلى تحسين حياة المستهلكين، وذلك يرجع بحسب خبراء اقتصاديون إلى أن أسعار العملات الأجنبية استقرت على ارتفاع عالٍ بما لا يتناسب مع القدرة الشرائية والمستوى العام للدخول التي لا تواكب المتطلبات المعيشية للمواطنين، كما ارتفعت أسعار كثير من السلع والخدمات لمستويات قياسية مثل خدمات الصحة ورسوم التعليم وإيجارات السكن، علاوة على ذلك تزايدت الرسوم الحكومية على مختلف الخدمات بنسب تتراوح بين “50 – 100%”.
2022.. أبرز الأحداث الاقتصادية
يتناول الخبير الاقتصادي د. هيثم محمد فتحي، بالتحليل والتعليق على أهم الأحداث الاقتصادية التي حديث خلال العام المنصرم.
ويشير د. هيثم لـ(الصيحة)، لوجود أحداث اقتصادية كثيرة وعلى سبيل المثال وليس الحصر فى العام 2022م على المستوى الاقتصاد السوداني، معتبراً أن إغلاق ميناء بورتسودان كان الحدث الأكثر تأثيراً على الاقتصاد فى العام 2022م، مشيراً إلى أن إغلاق الموانئ أدى لوقف صادرات بترول دولة جنوب السودان وتوقفت والصادرات السودانية كما تأثرت الواردات، إضافة إلى ذلك السمعة والصورة الذهنية لميناء عريق وميناء مهم على شاطئ البحر الأحمر وهو ميناء بورتسودان، وقال: إن إغلاق التجارة أمام ميناء بورتسودان سواءً أكانت صادرات أو واردات أثر سلباً على الصورة الذهنية كدولة لجهة أن المواطنين يقومون بإغلاق الطرق المؤدية للميناء الرئيس وشريان مهم كميناء بورتسودان.
وتناول د. هيثم جزئية ثبات سعر الصرف الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية كحدث اقتصادي وصفه بالمهم، وقال إنه كان ملفتاً للنظر ثباته لفترة طويلة جدًا من العام، وأضف إلى ذلك أنه يوجد انخفاض ملحوظ لنسبة التضخم وتتراجع شهرًا عن شهر، لكن طبعاً دون أن تؤثر على أي شيء أو على أي مستوى من مستوى المعيشة في السودان أو على الأسعار أو على مستوى الأسعار، لكن مقارنة نسبة التضخم تنزل شهراً عن شهر.
يواصل د. هيثم تحليله قائلاً: من الأحداث الاقتصادية المهمة حضور السودان للقمة العربية الصينية وتمثيله فيها والتي عقدت بالعاصمة السعودية الرياض على مستوى كبير جداً حضرها السودان، موضحاً أن الصين -الآن- تعتبر من أكبر الاقتصاديات الموجودة على مستوى العالم وقوة عظمى، كما أن السودان له تجارب عديدة معها وتجارب ناجحة وتجارب استفاد منها السودان كثيرًا واستفادت منها الصين، داعياً للعمل لاستعادة العلاقات السودانية الصينية في المجال الاقتصادي بالذات وأن يستفاد من التقنية الصينية ورأس المال الصيني والخبرة الصينية في مشاريع جديدة من ضمنها التوسع في عمليات استخراج البترول واكتشاف حقول جديدة والعمل على الاستفادة من الثورة التعدينية والمعادن في السودان ومجال مفتوح للزراعة وللصناعة.
من الأحداث المهمة في تقديري التوقيع بالأحرف الأولى بين السودان وموانئ أبو ظبي لإنشاء ميناء جديد على ساحل البحر الأحمر هو ميناء أبو عمامة ميناء مهم جداً إذا تم إنشاؤه سيستفاد منه كثيراً جدًا، أضف إلى ذلك تتحدث شركة موانئ أبو ظبي أنه سيكون هناك مشروع زراعي ضخم جداً في ولاية نهر النيل استثماري بأسس عالمية مع مد الطرق وشبكات للري ومد ولاية البحر الأحمر بالمياه من النيل لحل مشكلة هذه الولاية.
وبشأن هذا الميناء يشدَّد د. هيثم، على أهمية مراجعة الاتفاق بما حفظ حقوق السودان والأجيال القادمة وأن يكون شفافاً ويطلع عليه الكثير من أهل السودان ويعرض على برلمان منتخب أو معيَّن ويتم الاستعانة بخبراء لتحديد الفوائد من السودان ومكاسبنا كدولة وأجيال قادمة ماذا تستفيد من هذ الميناء؟
كما يرى أن انعقاد اجتماعات مجلس الوحدة الاقتصادية بالخرطوم كانت تظاهرة كبيرة جداً يمكن أن يستفاد منها إذا توفرت عوامل كثيرة جداً للسودان من ضمنها الاستقرار السياسي والأمني في السودان كان ممكن هذه الاجتماعات أن تثمر في تقديري عن جذب كثير من الاستثمارات العربية الرسمية أو من القطاع الخاص والعام.
ومن الأحداث المهمة -أيضاً- في العام 2022م حضور وزير المالية د. جبريل إبراهيم على رأس وفد عالٍ لاجتماع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وطلب السودان بإعادته إلى المجتمع الدولي تنفيذ خطط الإصلاح الاقتصادي التي بدأتها حكومة حمدوك الأولى في عهد البدوي وهذه كان أبدى السودان حسن النية في كثير من الإجراءات التي يمكن أن يتخذها لمواصلة الإصلاح الاقتصادي، منوِّهاً إلى تنفيذ الإصلاح الاقتصادي بالفعل، ولكن هناك كثير من الوعود الفنية والمادية التي تم وعد السودان بها، لكنها لم تنفذ إثر تغييرات الجيش في 25 أكتوبر من العام 2021م هذه كلها أثرت وكانت الاجتماعات مهمة جداً وأوضحت أن السودان لا مجال له إلا أن يكون هناك استقرار أمني واستقرار سياسي وتوحد لكلمة السودانيين ووفاق شامل لكل أهل السودان حتى يتم تنفيذ ما وعدت به المنظمات الدولية والإقليمية وكثير من الدول الداعمة للسودان اقتصادياً.
كما شهدت الأشهر الأخيرة من العام 2022م، اتجاه الحكومة لتعديل قانون الاستثمار الذي قامت به وزارة المالية، بمبادرة من وزيرة الاستثمار المكلفة التي أعدت لجنة لتعديل قانون الاستثمار في السودان، لأن السودان حقيقة ينقصه كثير في قانون الاستثمار وهناك ملاحظات كثيرة جداً من المستثمرين على قوانين الاستثمار في السودان، ومن شأن تعديل هذه القوانين أن تحدث نقلة، لكن الأهم هو تحسين صورة السودان بالخارج وحدوث استقرار أمني واستقرار اقتصادي واستقرار سياسي ما لم تتم هذه المتطلبات لن يكون هناك استثمار في السودان.