الوساطة تحوَّلت بعد توقيع الاتفاق الإطاري لجهة استشارية فنية
إنهاء الانقلاب قضية معنية بها قوى الحرية والتغيير
الحكومة الانتقالية الأولى لم تسقطها معارضة الحزب الشيوعي وإنما سقطت بفعل الانقلاب
تعديل اتفاق جوبا بدأ فعلياً بالاتفاق الإطاري الذي نص على تعديل مؤسسات السلطة الانتقالية
حوار: الطيب محمد خير
-أنتم تتحدثون عن خلق أكبر جبهة شعبية لحماية الاتفاق الذي تم إغلاقه أليس في هذا تناقض؟
هاتان مسألتان مختلفتان تماماً، الاتفاق الإطاري على مرحلتين الأولى إنهاء الانقلاب الذي معنية به قوى الحرية والتغيير لأنه وقع عليها فعلياً باعتبارها كانت مشكلة للسلطة الانتقالية التي وقع عليها الانقلاب وتم استهداف قياداتها وزج بهم في السجون وبالتالي قوى الحرية والتغيير هي المعني الأساسي بإنهاء الانقلاب (إنهاء الانقلاب) محصور بين الطرفين الرئيسيين المكوِّن العسكري وقوى الحرية والتغيير، رغم هذا لم يقتصر التوقيع على هذين الطرفين وإنما فتح لتوسيع المشاركة الآن هناك أطراف موقعة وهي ليست جزءاً من قوى الحرية والتغيير منها قوى مدنية ومهنية وأحزاب، ونحن لانتوقع مشاركة كل القوى السياسية أو حدوث إجماع طبعاً هذا مستحيل لكننا نتحدث عن قدر من التأييد من قبل القوى الرئيسة من الأحزاب السياسية وحركات الكفاح المسلح ولجان المقاومة والمهنيين.
-يعني حجتكم في احتكار الاتفاق لأن الانقلاب وقع على سلطتكم؟
نحن نتبنى الاتفاق لا نحتكره والآن الاتفاق الإطاري غير محصور بين قوى الحرية والتغيير والمكوِّن العسكري هناك قوى لا علاقة لها بقوى الحرية والتغيير وهناك الكثير من الطلبات للانضمام من عدد من قوى الثورة.
-ماسبب قبول المؤتمر الشعبي والاتحادي الأصل ورفض الآخرين؟
التصنيف يتم حسب موقع القوى السياسية من الانقلاب هناك قوى سياسية عارضت وسعت لإنهاء الانقلاب، فالمؤتمر الشعبي كان له موقف معارض للانقلاب من اليوم الأول وعبَّر عنه في بياناته وكذلك الاتحادي الأصل تحدث عن ضرورة إنها الانقلاب، في مقابل الموقف المعارض للانقلاب هناك قوى داعمة له وتقف ضد التحول المدني الديموقراطي.
-لكن الإقصاء الذي تم تبعاً للاتفاق الإطاري أشبه بالذي تم في وثيقية 2019؟
هذا غير صحيح، لأن الحكومة المشكلة بموجب وثيقة 2019 وأقصد الحكومة الثانية كانت أكبر حكومة سياسية من حيث تمثيل القوى السياسية فيها بجانب أطراف العملية السلمية وضمت عدداً كبيرًا من الكفاءات المستقلة الوطنية غير الحزبية، وبالتالي الحديث عن احتكار يبقى استهداف لقوى الحرية والتغيير بأنها اختطفت السلطة وأقصت الآخرين في حين أن قوى الحرية والتغيير ليست مكوِّن سياسي واحد حتى يقال إنها اختطفت السلطة، في وقت قوى الحرية والتغيير هي أكبر تحالف لم يشهده السودان في تاريخه السياسي بتجمع هذا الكم الكبير من القوى السياسية والمدنية والمهنية في تحالف واحد إلا في عام 2019 فالتعامل مع قوى الحرية والتغيير بهذا التقليل بأنها جسم سياسي واحد فيه استهداف واضح لها.
-ألا تخشون معارضة الحزب الشيوعي كحزب مؤثر ويمكن أن يكون داعماً للثورة المضادة وإسقاط السلطة الانتقالية للمرة الثانية؟
الحكومة الانتقالية الأولى لم تسقطها معارضة الحزب الشيوعي وإنما سقطت بفعل الانقلاب، ومن حق الحزب الشيوعي أن يتبنى خطاً معارضاً للاتفاق الإطاري ويسعى لتنفيذ مشروعه ومن حقه خلق تأييد له، لأن طبيعة القوى المدنية الاختلاف والحزب الشيوعي لديه نظرة مختلفة للانتقال ورؤيته عدم التعامل مع المجتمع الدولي في هذا التوقيت، ونحن لسنا متخوفين من معارضته بالعكس اختلاف القوى المدنية يثري الساحة السياسية، ونحن استفدنا في قوى الحرية والتغيير من نقد الحزب الشيوعي في تطوير أنفسنا وأدواتنا.
-لكن مساعي الحزب الشيوعي لتوسيع دائرة المعارضة بالتغيير الجذري يقوِّي الثورة المضادة ويخدم أجندة الفلول؟
بالتأكيد، اتساع دائرة الخلاف بين قوى الثورة المدنية يضعفها ويصب في مصلحة قوى الردة والفلول، لكن هذا يعتمد على مقدرة إدارة الخلاف، وإذا فعلاً الحزب الشيوعي استخدم أدوات لها علاقة بإدارة الخلاف وتطويره حتى تكون الفائدة له ولقوى الثورة، لكن أن استخدم الحزب الشيوعي وسائل لتفكيك الجبهة المدنية بالتخوين واستهداف القيادات وغيرها من الوسائل غير النزيهة في العمل السياسي حتماً سيؤدي لتفكيك الجبهة المدنية والنتيجة ستكون عودة النظام البائد.
-هل أخطركم البعث رسمياً بخروجه من قوى الحرية والتغيير؟
لم يخطرنا بمكتوب رسمي لكنه نشر بياناً أعلن فيه مغادرته لقوى الحرية والتغيير لاختلاف التقديرات حول الاتفاق الإطاري.
-ما جوهر خلافه معكم؟
البعث رؤيته أن الاتفاق الإطاري لن يحقق الأهداف وحاولنا معه بادرة نقاش لإثنائه لكننا لم نصل معه لنقطة تقنعه بأن هذا الاتفاق يمكن أن ينهى الانقلاب والبعث رؤيته أن الاتفاق يقننه ويعيده بشكل آخر ونحن رؤيتنا هناك أهداف حددنا الوصول إليها عبر هذا الاتفاق وماضون نحوها باعتبار أن الاتفاق يمكن أن يعيد مسار التحوُّل المدني الديموقراطي، وأن شعرنا هناك التفاف على هذا الاتفاق بالتأكيد لن نمضي فيه لأن حريتنا وإرادتنا ملكنا وليس متحكم فيها من أي جهة، ومدركين أن طريق الديموقراطية ليس مفروشًا بالورود وإنما فيه كثير من المطبات ونأمل أن نتخطاها.
-ماهي معايير اختيار الشخصيات التي ستتولى مناصب الجهاز التنفيذي؟
هناك مقترح وتصور بتكوين لجنة لوضع معايير مؤسسات السلطة الانتقالية رئيسي مجلس الوزراء ومجلس السيادي ومؤسسات السلطة الانتقالية وبعدها نذهب للاتفاق الإطاري .
-لكن هناك تسريبات بأسماء مرشحة؟
هذه مجرَّد تكهنات غير حقيقية، لأن الجميع متفقون أن يحسم أمر القضايا الرئيسة للانتقال والاتفاق حولها بأكبر قدر من التوافق حول الإجابة على سؤال ماذا يريد الشعب السوداني في الانتقالية تحديد مهامها بعدها يأتي الحديث عمن ينفذ ماتم الاتفاق عليه.
-هناك تخوُّف من مفردة كفاءات التي وردت مطلقة في الاتفاق ؟
نعم، الاتفاق الإطاري نص على كفاءات وطنية، لكنه لم يحدد مستقلة أو غير مستقلة، وبالتالي الفرصة متاحة للحزبيين وغير الحزبيين للمشاركة في مؤسسات السلطة الانتقالية.
-وجود الحزبيين في السلطة الانتقالية يبعث الخوف من تكرار التجربة السابقة بتعبئة المناصب بكوادر القوى المسيطرة على الاتفاق؟
فعلياً القوى السياسية وظيفتها تحكم البلد وكل مناصب السلطة الانتقالية وظائف سياسية والخطأ الذي ارتكب في المرحلة السابقة تم الحديث عن كفاءات وبقياس وتقييم الحكومتين في المرحلة السابقة. افتكر أداء الحكومة الثانية كان أفضل من الأولى التي جاءوا فيها بأشخاص كانوا غائبين لفترة طويلة خارج البلد وكانوا معزولين عن الواقع وغير مدركين للتعقيدات وطبيعة الصراع الدائر وعدد كبير منهم لم يكن لهم موقف واضح من الثورة لذلك فشلت الحكومة الأولى .
-يعني نتوقع تشكيل الحكومة من شخصيات مقيمة في السودان؟
يجب أن تشكل الحكومة الانتقالية من قوى الثورة الرئيسة، لأن وظيفتها تنفيذ أهداف الثورة حتى تنتهي الفترة الانتقالية بإقامة انتخابات حرة ونزيهة يختار فيها الشعب السوداني من يحكمه.
-الفترة الانتقالية من حق الجميع المشاركة فيها كيف يتم احتكارها لقوى بعينها؟
من قال لا يحق للقوى السياسية المؤمنة بالثورة لا تحتكر السلطة.
-الاحتكار مبعث للخوف من تسخير الانتخابات لمصلحة القوى التي في السلطة؟
ليس هناك مجال لاحتكار السلطة التصوُّر واضح بتوسيع المشاركة بشرط أن تكون مؤمنة بالتحوُّل المدني الديموقراطي وعدم عودة السودان للحكم الشمولي العسكري، لكن هناك قوى قاومت الإنقاذ وأسقطتها والآن ماضية في إسقاط انقلاب 25 أكتوبر، وهذه القوى مدركة لتعقيدات الوضع في البلد ومهام الثورة بالتالي هذه القوى يجب أن تكون قائمة على تنفيذ مهام الفترة الانتقالية،بجانب قوى الانتقال وهذه قضايا لا يمكن أن تنفرد بمناقشتها قوى الثورة وحدها، لأن مستقبل السودان ليس حكر التقرير فيه لقوى الثورة منفردة وإنما ملك مشاع للجميع، بالتالي ستكون المشاركة في الدستور والانتخابات وقانونها وتوزيع الدوائر ولا مجال للاحتكار ومن حق الجميع المشاركة.
-هل لديكم تواصل مع الكتلة الديموقراطية في إطار المشورة؟
هناك تواصل مع قوى الكفاح المسلح باعتبارها جزء من الاتفاق الإطاري وترتيبات الانتقال القادمة، لأن الاتفاق الإطاري نص على تنفيذ اتفاق جوبا بعد مراجعته وتطويره فالقوى السلمية مستهدفة بالحوار الجاري.
جبريل وصف الموقعين على الاتفاق الإطاري بأنهم مجموعة نشطاء قاموا باختطاف الثورة وإقصاء الآخرين؟
هذه صورة مقلوبة، جبريل موجود في أهم وزارة في الدولة ويتهم قوى موجودة في المعارضة بأنها إقصائية ومختطفة، في وقت أن جبريل ومعه عدد محدود من قوى الكفاح المسلح منحتهم لها الثورة مناصب عبر سلام جوبا وهم عجزوا أن يسقطوا الإنقاذ بثورتهم المسلحة وأُسقطت عبر الحراك السلمي الذي قادته القوى التي يتهمها باختطاف الثورة، وبالتالي حديثه وعلى قوى الكفاح المسلح مراجعة موقفها من الانقلاب الذي تدعمه وتقف ضد رغبة الشعب السوداني الذي لاتزال الثورة حيَّة ومتقدة في نفسه بمقاومته للانقلاب، والاتفاق الإطاري فرصة جيدة بأن لايكون اتفاق السلام عبارة عن مناصب وزارية في الخرطوم يتولاها عدد محدود بينما أهلهم يعانون من الاضطرابات وعدم الاستقرار وانعدام الخدمات في مناطقهم .
-اتفاق جوبا نص على نسبة للحركات في السلطة وهذا يتعارض مع مانص عليه الاتفاق الإطاري الذي تحدث عن حكومة وعدم المحاصصة؟
تعديل اتفاق جوبا بدأ فعلياً بالاتفاق الإطاري الذي نص على تعديل مؤسسات السلطة الانتقالية وتحدث عن وجود شخصية واحدة في رئاسة المجلس السيادي الذي كان المدنيون ممثلين فيه بأعضاء ثلاثة منهم من حركات الكفاح المسلح، وبالتالي نأمل من جبريل ومناوى أن يقبلا بالاتفاق الإطاري ونحن حريصين على المحافظة على اتفاق سلام جوبا وعدم العودة لمربع الحرب ويمكن عبر النقاش تتم معالجة قضية قسمة الثروة والسلطة.
-هل ستنتهي مهام الوساطة الثلاثية والرباعية بعد توقيع الاتفاق النهائي؟
بعد توقيع الاتفاق الإطاري تتحوَّل الوساطة لجهة استشارية فنية لمساعدة السودانيين للوصول لنتائج عبر مناقشة القضايا التي عدد منها في حاجة لخبراء مثل العدالة الانتقالية وإصلاح المؤسسة العسكرية والمدنية من خلال نقل تجارب دول أخرى مرت بظروف مشابهة.