سراج الدين مصطفى يكتب: النيل الأبيض.. ولاية بلا عنوان ثقافي واضح
(1)
تعريف الثقافة .. هي عبارة عن مجموع ما يمتلكه الناس من المعارف الشخصية المختلفة حسب طبائع كل منهم وتعليمهم وخبراتهم الحياتية، كما أنها عبارة عن حصيلة المعارف الإنسانية المتعددة للفرد والتي ساهمت في التأثير بشكل مباشر على طباعه الشخصية، وكذلك عاداته، وحياته اليومية.. إن الثقافات ليست محكومة بالثبات والجمود، بل هي متطورة مع تطور المجتمع ورقيِّه، فيحدث التطور في كل من جوهر الثقافة، وفي الطريقة العملية لممارسة تصرفات الأفراد داخل المجتمع المتطور، كما أن هذا التطور لا يعني انعزال وانفصال كل مرحلة عن مراحل أخرى، بل يدل على تكامل الثقافة، مما يشبِع حاجات الفرد النفسية، والبيولوجية، والفكرية، والاجتماعية، والروحية للفرد.
(2)
لكل ذلك تجدنى أحزن .. وأحزن جداً على حال ولاية النيل الأبيض التي أنتمي لها قلباً وقالباً ووجداناً.. وسبب الحزن يكمن في أن ولاية النيل الأبيض ولاية بلا عنوان ثقافي واضح.. ولم يعرف عنها تاريخياً اهتمام بهكذا مجال.. لأن الله حباها بمسؤولين ليس في أجندتهم مفردة ثقافة ولا يعرفون معناها ولا يدركون بأنها يمكن أن تكون ملمحاً جمالياً عريضاً لرقعة من الأرض ظلت ساكنة وراكدة طوال الفترات الماضية.
(3)
كل ولايات السودان تقريباً نجدها حاضرة ولها حراك ثقافي واضحٌ .. والمهرجانات الثقافية التي أقيمت من قبل في بورتسودان وكسلا هي مؤشر مهم على اهتمام ولاة تلك الولايات بالثقافة والسياحة .. ولكن في النيل الأبيض .. ظلت تاريخياً الثقافة عندهم مفردة بالية وقديمة وليست هي التي تدير حياة الناس .. وهذا أوجزه الوزير السابق للثقافة السموأل خلف الله حينما رفع الشعار العريض والعميق (الثقافة تقود الحياة).
(4)
النيل الأبيض ولاية زاخرة ومحتشدة بالثقافة ولها منجم تراث لم يكتشف بعد .. ولا أظن أن هناك من يستطيع أن يكتشفه ويعيد للولاية سيرتها الأولى كوطن للإبداع والمبدعين .. وكل مدينة فيها لها إبداع خاص وطعم أكثر خصوصية.
(5)
فشلت ولاية النيل الأبيض في إدارة الملف السياسي وها هي تفشل في إدارة الملف الثقافي، لأنها لا تعرف كيفية إدارة الإعلام الذي من شأنه أن يقدم الكثير من الحلول لعرض الولاية ثقافياً وسياحياً.. والفشل الإعلامي الذي أعنيه هو فتح المجال لشخصيات مغمورة ليست لها القدرات الكافية لإدارة الأجهزة الإعلامية مثل الإذاعة والتلفزيون.. والمؤسف أن الولاية تطرد أبناءها الذين أسسوا للعمل الإعلامي .. والزميل الحاج أحمد المصطفى نموذجٌ ماثلٌ أمامنا للظلم .. فهو أُبعد عن إذاعة النيل الأبيض وهو الذي قام بتأسيسها ولكن مصيره كان (جزاء سنمار).
(6)
بتقديري أن ولاية النيل الأبيض لن تستعيد عافيتها ما لم يهتم واليها الأخ عمر الخليفة بالثقافة وكوادرها.. وسوف تظل في حالتها هذي ما لم تستفد من قدرات أهل الولاية .. ولعل ما حدث قبل أيام من هرجلة في تنظيم إحدى الفعاليات بمسرح كوستي هو سبب كاف للوالي بأن يعيد نظرته حول هذه الوزارة ويمنحها حقها ومستحقها.
(7)
أقول ذلك وفي ذهني تلك الفعالية التي ذكرت، حيث غاب الوزير المكلف وكل طاقم وزارته عن فعالية ثقافية محددة الزمن وتحت إشراف الوزارة، ولكن الذي حدث يبدو أقرب للفضيحة وانتشار الفوضى.. أتمنى من كل قلبي أن يتوقف الوالي ولو قليلاً في أمر هذه الوزارة.. لأنه حالياً بلا وزارة.. حيث أصبحت واحدة من القطاعات المستهلكة ولا تقدم ما يفيد إنسان الولاية الذي يحتاج لوزير ووزارة بقامتها ومكونها الثقافي الكبير.