دعت له الحرية والتغيير: مؤتمر العدالة الانتقالية.. بين الرفض والقبول
دعت له الحرية والتغيير: مؤتمر العدالة الانتقالية.. بين الرفض والقبول
الخرطوم- الطيب محمد خير
قرر اجتماع المكتب التنفيذي للحرية والتغيير تنظيم مؤتمر للعدالة الانتقالية في الأسبوع المقبل بالخرطوم على أن ينهي أعماله بنهاية الشهر الجاري.
قال الناطق الرسمي باسم قوى الحرية والتغيير مجموعة المجلس المركزي، جعفر حسن: إن المشاركة في أعمال المؤتمر تشمل أهل المصلحة من شهداء فض الاعتصام، الإبادة الجماعية بجنوب كردفان، النيل الأزرق، دارفور، شهداء ميدان الحرية في بورتسودان، وكجبار شماليِّ البلاد، بجانب ذوي وأصحاب المصلحة من قتلى نظام المخلوع البشير، علاوة على شهداء ما بعد 25 أكتوبر .
ومعروف أن العدالة الانتقالية هي عملية جادة تتبعها المجتمعات لإعادة بناء نفسها من جديد للانتقال وإنهاء تاريخ عنيف يتسم بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ارتكبت في سياق ممارسة القمع أو النزاع المسلح و غير ذلك.
وهنا تبرز تساؤلات بالغة الأهمية في مقابل مؤتمر للعدالة الانتقالية الذي أعلن عنه المكتب التنفيذي للحرية والتغيير حول كيفية الاعتراف بالانتهاكات ومنع تكرارها وتلبية مطالب العدالة وبناء سلام مستدام واستعادة نسيج المجتمعات المتأثرة بهذه الانتهاكات.
وسبق أن قامت منظمة “ويامو” بتنظيم ورشة استكشاف العدالة والمساءلة بنيروبي غير أنها تعثرت بعد انسحاب هيئة محامي دارفور وآخرون يمثلون تنظيمات حقوقية أخرى احتجاجاً على مشاركة ممثل النيابة العامة ماهر سعيد.
وقال الأمين العام لتسييرية نقابة المحامين الطيب العباس لـ(الصيحة): إن الفكرة من إقامة هذا المؤتمر متعلقة بجانب شرح وتوضيح العدالة الانتقالية وتبسيط مفهومها للأهالي المتضررين بأنها لاتعني بأي حال من الأحوال الإفلات من العقاب وهي إجراء لمعرفة الحقيقة وبعدها التحقيق والأقوال أمام المحكمة وقبل صدور الحكم وإذا اعترف المتهمون وأقروا بأنهم ارتكبوا الجرائم، هنا من حق أصحاب المصلحة أن يتمسكوا بأن تصدر المحكمة حكمها أو يتنازلوا هذا أمر متروك لهم. وأضاف العباس العدالة الانتقالية تعني كما ذكرت إجراء لمعرفة الحقيقة ومن ثم التأسيس عليها وأن تم ذلك في مؤتمر فهو لا يخرج بمقررات وإنما تخرج باعتبارها عملية أو أحد الإجراءات التي نصت عليها العدالة الدولية ويتم شرحها لأصحاب المصلحة لكن بأي حال من الأحوال لا تعني الإفلات من العقاب وقيام مؤتمر للعدالة يجب ألا يفهم بأنه يراد منه أخذ العفو من الضحايا وذويهم بالتأكيد ليس كذلك.
من جانبها قالت نائب رئيس هيئة محامي دارفور نفيسة حجر لـ(الصيحة) الدعوة لهذا المؤتمر في تقديري عملية للاستهلاك السياسي، لأن الحرية والتغيير تسعى لحشد الناس لتأييد مشروع الاتفاق الإطاري الذي وقعت عليه وبالتالي الإعلان عن قيام مؤتمر للعدالة الانتقالية يأتي ضمن الفعاليات التي تعمل عليها الحرية والتغيير لحشد الدعم .
وأضافت نفيسة والأهم من ذلك قضية العدالة الاجتماعية لايمكن معالجتها في مؤتمر هناك أمور تقديرية يجب أن تسبق قيام عملية مناقشة قضايا العدالة الانتقالية لأن حجم الانتهاكات والمظالم التي حدثت في كل ولايات السودان كانت كبيرة جداً وبالتالي من الصعب حصر مناقشتها في مؤتمر أو منتدى وبالتالي هناك مطلوبات مهمة يجب الالتزام بها لتحقيق العدالة الانتقالية.
وأشارت نفيسة إلى أن هذا المؤتمر الذي دعت إليه قوى الحرية والتغيير لن يكون أشمل وأكبر من اتفاق سلام جوبا الذي بكل كثرة الأطراف التي شاركت فيه تمت مناقشة قضايا العدالة الانتقالية في اتفاق جوبا بصورة عابرة وقصور شديد جداً وغلف جوانب كثيرة جداً لم تتم الإشارة إليها، وبالتالي إعلان الحرية والتغيير قيام مؤتمر للعدالة في رأيي من المستحيل أن يتم فيه جمع كل أصحاب المصلحة في السودان، لأن هذا الملتقى أو المؤتمر أقل بكثير من أن يسهم، ولتدارك ذلك من باب أولى إقامة ورش مصغرة في مناطق أصحاب المصلحة الحقيقيين في الولايات ويمنحوا الفرصة لمناقشة قضاياهم ومن ثم يتم وضع الحلول بموافقتهم وبعدها يتم طرحها في منتدى مؤتمر أياً كان لكن بالدعوة الفوقية هذه واضح أن المركز يمارس الوصايا على الأطراف والهامش ومايطرحه هي حلول فوقية وهذا النهج اثبت فشله في حل المشكلات في السودان، وهذا المؤتمر لا يتعدى أن يكون دعاية سياسية لحشد التأييد للاتفاق الإطاري لكنها جاءت بالطريق الخطأ وأن كانت الحرية والتغيير جادة في مناقشة قضايا العدالة الانتقالية عليها أن تذهب وتبدأ من الأقاليم، لكن إن تدعو لمؤتمر في الخرطوم حتماً سيفشل فقط من تعذر ترحيل كل المتضررين ومؤكد في هذه الحالة يتم تجاوز البعض والاكتفاء بممثلين كومبارس من الخرطوم لا علاقة لهم بالقضايا، لأنه يتم اختيار دون معايير ترضى أصحاب المصلحة وأتوقع أن هذا سينتج نسخة من الإشكالات التي تسبب فيها سلام جوبا بعد توقيعه ظهر اصحاب المصلحة الحقيقيين محتجين بأن هؤلاء المشاركين بأسهم لا يمثلونهم وهذا ماقالت به كثير من المكوِّنات المجتمعية في دارفور بأن سلام جوبا لايمثلهم وبالتالي يجب منح الفرصة لأصحاب المصلحة في الولايات لاختيار ممثليهم عبر مؤتمرات قاعدية حتى يكونوا مقتنعيين بمخرجات أي لقاء أو مؤتمر، لكن قيام هذا المؤتمر بالطريقة التي دعى له بها مضيعة للزمن ولن يحل مسألة العدالة الانتقالية بتعقيداتها، لأنه ملف ليس مرتبط بالضحايا وحدهم وإنما له ارتباط بالإصلاح المؤسسي وإصلاح المنظومة العدلية وقبل ذلك يجب وضع (فريم) إطار للعدالة الانتقالية يشبهنا نحن كسودانيين نستصحب فيه إرثنا الثقافي والاجتماعي وأن تبدأ العملية من القاعدة وتحديد حجم الضرر بعدها تخييرهم في الذهاب في العدالة عبر القضاء أم القبول بجبر الضرر.