في خطوة متسقة مع جهود التسويات السياسية لقضية الحرب في السودان, شهدت مدينة جوبا عاصمة دولة الجنوب أمس بداية نهاية الحرب في البلاد بلقاء جمع الشريكين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير بأكبر فصيل سياسي وعسكري يحمل السلاح ضد الدولة، ويحتل رقعة واسعة من الأرض في المنطقتين “جبال النوبة والنيل الأزرق” بزعامة عبد العزيز آدم الحلو رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان.. وجاء وفد الشريكين إلى جوبا يضم لأول مرة عسكريين برئاسة الفريق أول محمد حمدان دقلو نائب رئيس المجلس العسكري، ورئيس لجنة التفاوض والاتصال بالقوى التي تحمل السلاح وقيادات قوى الحرية أحمد الربيع، ود. إبراهيم الأمين في خطوة تعكس التقارب الإيجابي والتعاون الوثيق وتجاوز فترة الصراع العقيم والخلافات التي أقعدت بمسيرة البلاد..
ومشاركة المكون العسكري والسياسي معاً في التفاوض مع الحركة الشعبية من شأنه إحداث اختراق كبير في وقت قريب بالنظر لموقف الحركة الشعبية السياسي من تحالف قوى الحرية والتغيير باعتبارها غير موقعة على ميثاق التحالف, وبالتالي دخولها كشريك مهم جداً في الحكومة أو الفترة الانتقالية مشروط بالوصول لتفاهمات مع هذا التحالف من جهة، ومع المجلس العسكري من جهة أخرى، للنظر في تراتيب وضعية القوات على الأرض والاتفاق على التدابير والإجراءات الأمنية من وقف لإطلاق نار ونشر القوات وتكوين فريق المراقبة والتحقق من وجود القوات على الأرض واستيعابها في المؤسسة العسكرية القومية وفق ما يتم الاتفاق عليه وإدماج وتسريح ما تبقى من قوات الحركة الشعبية المختلف حول تقدير عددها ما بين 15 ألف مقاتل في المنطقتين و25 ألف مقاتل.. كل هذه القضايا لا تملك قوى الحرية والتغيير باعتبارها تحالفاً سياسياً خبرة ولا مرجعية في إنفاذها ولا التفاوض حولها مع الحركة الشعبية لذلك مشاركة نائب رئيس المجلس العسكري في المفاوضات ضرورة حتى تتسق الحلول السياسية مع التدابير العسكرية، وفي ذات الوقت أن تدفع قوى الحرية والتغيير بوفد يقوده أحمد الربيع الناشط مهنياً في تجمع المهنيين “الأب الشرعي” للثورة.. والقيادي في قوى التغيير ومعه د. إبراهيم الأمين لهي خطوة نحو التفاهم وتقدير حجم الحركة الشعبية برئاسة عبد العزيز الحلو الذي بدا نفسياً مستعداً للوصول لاتفاق سلام مع قوى الحرية والمجلس العسكري بعد ذهاب الحكومة السابقة التي يشعر بأنها غير “مؤتمنة” على إنفاذ أي اتفاق سلام بعد النكبة التي تعرضت لها المنطقة جراء الانتخابات التي جرت وأدت لعودة الحرب..
وفي حديث للفريق شمس الدين كباشي بمكتبه الأسبوع الماضي، قال إن الوفد الذي يتوجه لجوبا مستعد لمناقشة كل القضايا ورد كل المظالم والانفتاح على الحركة الشعبية والسماح بدخول الإغاثة من أية بقعة في العالم ولا حجر ولا قيود مثلما كان يفعل النظام السابق.. وهذه الروح من شأنها إحداث اختراق في الجدار الصامت بعد أن لعبت دولة الجنوب دوراً مهماً في تقريب المسافات وطرح مبادرة جريئة لوقف نزيف الدم، وتعتبر لقاءات جوبا أمس بمثابة بارقة أمل لإنهاء حرب المنطقتين وإحلال السلام في السودان وعبور مرحلة الشقاق والدم لسودان جديد..