تجدُّد النزاع في دارفور.. إذا عرف السبب
تجدُّد النزاع في دارفور.. إذا عرف السبب
الخرطوم- صلاح مختار
عاود القتال والاقتتال في دارفور يطل برأسه من جديد ليس في غرب الإقليم فحسب، بل امتدت إلى جنوب دارفور وسبقها في شمال وغرب دارفور .ربما الأحداث ليست الأولى ولكن طبيعة الاقتتال كما يراها البعض أنها تأخذ طابع النزاع على الأرض أو بين القبائل . بالتالي يطرح سؤال ما وراء تجدد النزاع في دارفور؟
غرب دارفور
ففي الوقت الذي قتل فيه ثلاثة أشخاص في أحداث منفصلة منذ بداية الأسبوع الماضي في محليات فوربرنقا ومستري ومورني بولاية غرب دارفور. قال مواطنون من الولاية: إن المزارع أبكر إسماعيل قتل داخل مزرعته ضرباً بالسواطير بواسطة مجهولين يوم الأحد .
وأشاروا إلى العثور على شخصين مقتولين في مورني ومستري. ونوَّهوا إلى إصابة شخص يوم السبت الماضي في فوربرنقا.
جنوب دارفور
لقي ثلاثة أشخاص على الأقل مصرعهم وأصيب 5 آخرين بينهم 3 من القوات الحكومية في مواجهات مسلحة بين رعاة ومزارعين بعدد من مناطق شرقي بليل بجنوب دارفور.
وقال شاهد عيان إبراهيم علي، من منطقة “أم ترينا” إن هجمات متفرقة وقعت على عدد من المناطق أسفرت عن مقتل 3 أشخاص، وجرح 5 بينهم 3 من قوات الأمن، وأدت لنزوح سكان المناطق التي وقع عليها الهجوم.
وفي الأثناء أكدت مصادر أمنية رفيعة تعرض مناطق “أموري، حميدة، أم ترينا، تقلا، أبو عضام” بمحلية بليل لهجوم من قبل مسلحين مجهولين على ظهور سيارات الدفع الرباعي. وقال المصدر الذي فضَّل حجب: إن القوات المشتركة تدخلت لحماية المدنيين إلا أن المسلحين أجبروا القوات على الانسحاب بسبب تسليحهم الذي تفوق على تسيلح القوات.
وقال شهود عيان من مدينة بليل شرقي نيالا عاصمة الولاية إنهم شاهدوا أعمدة الدخان الكثيفة في الاتجاه الشمالي الشرقي من رئاسة المدينة وسمعوا دوي الرصاص. ولم يتثن لدارفور24 التأكد من احصائيات قتلى وجرحى الأحداث من مصادر رسمية.
حظر التجوال
وسارعت حكومة الولاية بحظر التجوُّل وإعلان الطواري، حيث أصدر والي ولاية جنوب دارفور حامد محمد التجاني هنون، أمر أعلن بموجبه حالة الطوارئ بولاية جنوب دارفور وحظر التجوال داخل محلية بليل اعتباراً من اليوم الرابع والعشرين من ديسمبر ٢٠٢٢م من الساعة السادسة مساءً وحتى الساعة السادسة صباحاً لحين إشعار آخر. ويأتي أمر الطوارئ في أعقاب اندلاع أعمال عنف قبلي بين قبيلتى الداجو والرزيقات في مناطق شرق محلية بليل أدت إلى مقتل عدد من المواطنين وحرق قرى وممتلكات. ونوَّه الوالي إلى أن القرارات اتخذت لحسم التفلتات الأمنية بتفويض القوات النظامية بإتخاذ كافة التدابير والإجراءات الضرورية وفقاً للقانون وقانون الطوارئ. وأن كل من يخالف الأمر يعاقب بموجب قانون الطوارئ.
ويستثنى من هذا الأمر القطاع الصحي والعاملين به وخدمات المياه والكهرباء والمخابز والآبار وناقلات مياه الشرب وسيارات الإسعاف والحالات الصحية الطارئة.
وجاء أمر الطوارئ عملاً بإحكام الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية لسنة ٢٠١٩م واستناداً على قرار رئيس مجلس الوزراء رقم ٦٢٣ /لسنة ٢٠٢١م وعملاً بقانون تنظيم الحكم اللامركزي وإحكام المادة (٥/ح) من قانون الطوارئ وحماية السلامة العامة لسنة ١٩٩٧م وحفاظاً على أمن وسلامة المواطنين وممتلكاتهم وبسط هيبة الدولة. ووجه الأمر أمين عام الحكومة والأجهزة المعنية وضع القرار موضع التنفيذ الفوري.
حقيقة الأحداث
كما أصدرت لجنة أمن ولاية جنوب دارفور بياناً حول الأحداث التي وقعت شمال شرق محلية بليل، قالت فيه: حاولت مجموعة من الرعاة يمتطون جِمالاً نهب محتويات (تكتك) يستغله عدد من مواطنين قرية أموري، حيث أطلقوا عليهم عدد من الأعيرة النارية أدى ذلك إلى مقتل المواطن جلال حسن وإصابة آخر فى رجله تم تحريك قوة مشتركة إلى موقع الحادث من محلية بليل وتم القبض على أحد المتهمين وتم تدوين بلاغ في مواجهتهم تحت القانون الجنائي وقال البيان: بتاريخ الخميس ٢٢/ ١٢/٢٠٢٢م وعلى خلفية هذا الحادث تحركت مجموعة من مواطني قرية أموري في شكل فزع أهلي إلى موقع الحادث الأول واشتبكوا مع بعض الرعاة، وأفادت المعلومات عن مقتل أحد الرعاة وإصابة آخر . في الساعة السادسة من صباح الجمعة ٢٣/ ١٢ /٢٠٢٢م بدأت مجموعة من الرعاة يمتطون الإبل والمواتر بالهجوم على قرية أموري تم حرق القرية ومقتل ٤ من المواطنين وجرح عدد ٣ آخرين.
امتدت الأحداث بشكل عشوائي على كل من قرية (حميضة،سيموا وأم شطير) وتم حرق جزئي لهذه القرى ونهب عدد من المحال بقرية أربعاء جميزة ومحاولة الدخول إلى كل من قرى (أبو عضام، فاشا وغبشة). وامتداد للأحداث تم قتل مواطن أثناء احتجاجات من بعض المواطنين في طريق الفاشر نيالا .
مجريات الحادث
وعلى إثر هذه الأحداث عقدت لجنة أمن الولاية اجتماعاً طارئاً تناولت فيه مجريات الأحداث وإتخذت عدد من القرارات تتمثل في الآتي.
الدفع بقوات مشتركة لمواقع الأحداث بلغت فى مجملها ٤٢ مركبة مسلحة من القوات المشتركة بكامل عتادها للفصل بين الأطراف، إرسال طائرة استطلاع مروحية من الفرقة ١٦مشاة لمسح مناطق الأحداث، استنفار كل الإدارات الأهلية من قبيلتي الرزيقات والداجو والقبائل الأخرى بغرض التدخل وتهدئة الأوضاع.
متابعة علاج الجرحى بالمستشفى توجية لجنة أمن محلية بليل للتوجه فوراً إلى مواقع الأحداث لحصر الخسائر والوقوف ميدانياً على الوضع الإنساني بصحبة مفوض العون الإنساني لجنة الأمن بالولاية تأسف لهذه الأحداث وتترحم على الضحايا وتتمنى عاجل الشفاء للجرحى والذين من بينهم أربعة من القوات المشتركة وتهيب بكل الأطراف المتنازعة الاحتكام لصوت العقل حفاظاً على الأرواح والممتلكات، وتؤكد أن القانون سيطال كل من يثبت تورطه في هذه الأحداث .
بالمعنى المتعارف
ويرى المحلِّل السياسي والخبير في شأن دارفور عبد الله آدم خاطر، أن ماحدث في منطقة بليل ليست أحداثاً بالمعنى المتعارف عليه مشاكل قبلية أو نزاع وإنما هي مجموعات ربما شاركت من خارج السودان في نزاعات دارفور وأصبح لهم وجود فعلي في السودان. ولكن مع الاتفاقيات المختلفة لم يجدوا لهم محل لتوطينهم رغم الجهود التي بذلت بشأنهم ولكنها لم تفلح. وقال لـ(الصيحة) لذلك أرادوا خلق واقع لهم على الأرض بفعل السلاح خاصة إذا علمنا أن المنطقة واسعة وصالحة للرعي والزراعة . بالتالي هو مجرَّد اعتداء على الأرض . بيد أنه وبكل أسف هنالك مجموعات سودانية مسلحة ساهمت معهم وساندتهم في ذلك. ولكن الآن الأمور هدأت ولم تظهر أي قبيلة منافسة لها أو منازعة وأن المسلحين الذين قاموا بذلك أبعدوا من المنطقة .
وضع الأسبقيات
ولكن لتجنب تكرار مثل هذه الأحداث خاصة هناك أحداث في شمال وغرب دارفور حدثت في الأيام الماضية يقول خاطر إنه في الوقت الراهن ربما إذا وضعنا الأسبقيات يجب أن تكون الأسبقية الأولى حسم الحادث الآن بإعلان تكوين حكومة انتقالية عاجلة الأمر الثاني مسألة العمل بكل جد وإخلاص لإنفاذ الترتيبات الأمنية لاتفاق جوبا خاصة بما لا يتناقض مع وضعية القوات المسلحة ووحدتها وسيطرتها تجاه العنف في السودان، وقال: جاء الوقت لإنفاذ تدابير الإدارية خاصة نحو الفيدرالية التي يجب أن تبدأ مبكرًا خاصة أن المواطن العادي في السودان يستطيع أن الفرصة في حماية نفسه وتطوير نفسه من الناحية الاجتماعية والاقتصادية.
تقصير الحكومة
وفي السابق أقر محمد حمدان دقلو حميدتي، نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي بأن هناك “تقصيراً” من قبل الجهات الحكومية في تطويق أحداث العنف. وقال حميدتي -في كلمة له بأحد الإفطارات الرمضانية- “هناك تقصير من الدولة في تطويق أحداث كرينك وأحداث غرب دارفور، ولا أعفي نفسي من تحمل المسؤولية تجاه الأحداث”، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء السودانية.
وأضاف أن “كل الأطراف المتورطة في أحداث غرب دارفور هم ضحايا لمخططات خبيثة أعدتها جهات معادية للسودان (لم يسمها) وتقوم بتنفيذها”. ودعا حميدتي إلى “الوقوف لمراجعة الذات والنظر للفتن والقتل المتبادل الممتد منذ 3 سنوات، في كل ولايات السودان”، مشيراً إلى أنه سيتم تشكيل “لجنة عليا للتحقيق” في أحداث غرب دارفور برئاسة النائب العام، ومشدِّداً على “ضرورة الوصول إلى الجناة وإنزال أشد العقوبات بهم”.
درع الصحراء
أصدر مايسمى قائد حركة درع الصحراوي الثورية اللواء براق إسماعيل عبدالسلام بياناً حول أحداث جنوب دارفور التي شهدتها الأيام الماضية
وبحسب البيان تأسفت حركة درع الصحراء الثورية عن الأحداث التي شهدتها ولاية جنوب دارفور في منطقة بليل وما صاحبها من حرق وقتل وغيرها من الجرائم التي تتطلب تظافر الجهود لاستقرار الأمن بإقليم دارفور.
إن ما حدث بجنوب دارفور يؤكد أن الإقليم ما زال بعيداً عن الأمن وأن مخرجات اتفاق سلام جوبا لم تأت لإنسان الإقليم بالأمن والاستقرار، كما يؤكد أن دارفور في حاجة ماسة لنشر أكبر قدر من القوات المشتركة للعمل على منع الاحتكاكات والتفلتات الأمنية التي تحدث بين الحين والآخر.
وقال إننا في حركة درع الصحراء الثورية نناشد بضرورة أحكام صوت العقل وأن يعلوا صوت السلام على صوت البندقية وأن يعيش إنسان دارفور في نعيم السلام الذي جاء بثورة ديسمبر المجيدة.
طالبت الحركة بحسب البيان إجراء تحقيق فوري مستقل عن أحداث منطقة بليل والإسراع في القبض على الجناة في أسرع وقت ممكن. والشروع في إنهاء ملف الترتيبات الأمنية ونزع السلاح ودمج قوات الحركات في الجيش السوداني فوراً. والعمل على نشر قوات مشتركة بصورة عاجلة في مناطق النزاع حتي لا تتكرر الأحداث مرة أخرى.