*منذ إحياء الأمير الاموي عبد الرحمن بن معاوية “صقر قريش”، الدولة الأموية في الغرب بعد زوالها في الشرق بواسطة الدولة العباسية، حتى أصبح أمراء الأندلس من أبنائه وأحفاده يعرفون بالألقاب المختلفة.
*وقصة الألقاب هذه عرفت منذ زمن بعيد، وحتى بعد رحيل الإندلس عن المسلمين، ظلت الألقاب موجودة في الدول التى حكمت من بعدها.
*ففي عهد الخليفة الحكم المستنصر بالله، وهو حفيد صقر قريش كان ظهور رجل من الجزيرة الخضراء أتى بطموحه العالي ليكون واحداً من أهل قصر الزهراء الذي بناه عبد الرحمن الداخل، وأصبح علامة بارزه في الأندلس ولا زال موجوداً حتى الآن في إسبانيا.
*وكان طموح أبوعامر محمد بن أبي عامر أن يدخل قصر الزهراء وبعض رفقائه كانوا يرون أن حلمه هذا بعيد المنال، باعتبار أنه لا يملك المؤهلات الكافية والطرق التي تؤدي به إلى دخول القصر.
*اجتهد أبي عامر ودرس العلوم والفقه وكان له أسلوب جميل في الحديث والكتابة، وله منطق قوي، مكنه من الدخول إلى قصر الزهراء كوصي على ابن المستنصر بالله الأمير هشام المؤيد بالله، وكان خير الوصي حيث نجح في تعليم ابن الخليفة وحفظ أمواله وزيادة أرباح أراضيه الزراعية.
*كان أبو عامر رجل سياسة من الطراز الأول، ونجح في الوصول إلى أعلى المراتب بواسطة والدة هشام المؤيد بالله “صبح البشكنجية” والتي مكنته من القضاء على كل خصومه خاصة بعد وفاة زوجها، وأصبح الحكم لأبنها هشام المؤيد بالله والذي عرف بالملك الناصر.
*لم يكن هشام يدري شيئاً عن شؤون الحكم وإنما كان يتفرج على الحاجب أبوعامر وهو يدير شؤون البلاد ويقود المعارك ويحقق الانتصارات في الأندلس.
*أسس أبوعامر دولة داخل ، فالجميع كان يعرف الأندلس ولكنه أسس الدولة العامرية بعد أن تخلص من جميع خصومه، وأطلق على نفسه الملك المنصور، وأسس مدينة الزاهرة لتكون على شاكله الزهراء.
*حكم الملك المنصور في الأندلس لفترة من الزمان، ونجح في كسب كافة معاركه، لكن بعد أن أقصى الملك هشام المؤيد بالله ووالدته صبح، ليكون ثمن حكمه الغدر بهما.
*إن الطموح الجامح الذي جاء به الملك المنصور من الجزيرة الخضراء وذكاءه جعلها يصل إلى ما يريد، ولكنه لم يجلس كثيراً على القمة وسرعان ما ذهب ملكه لغيره.
*وهكذا الحال الآن في دولنا العربية، نرى صراعات خفية من أجل السلطة واستخدام كافة الوسائل النظيفة منها والقذرة من أجل الجلوس على كرسي الحكم، وفي النهاية سيذهب الكرسي إلى صاحب الطموح والقوي الذي يمتلك أدوات الحكم.