من ضمن بنود الاتفاقية التي تدور سجالاتها بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، تم منح قوى الحرية ممثلة في رئيس مجلس وزرائها، منحهم حق تعيين شخصيتين حزبيتين لتولي حقيبتين وزاريتين، من ضمن تشكيلة مجلس وراء الحرية والتغيير المرتقب..
* على أن محاوري الحرية والتغيير من الخبرة والفطنة بمكان وهم يحصدون المزيد من نقاط جولات التفاوض، مقابل (سنة أولى سياسة) لأعضاء المجلس العسكري، لم تمنح قوى الحرية أي مكسب مجاناً للمجلس العسكري، بحيث يتضح أن الحرية قد اشترطت على العسكري، مقابل حق احتكاره حقيبتي الدفاع والداخلية، أن تمنح هي في المقابل حق اختيار حقيبتين وزاريتين حزبيتين!!
* على أن قوى الحرية والتغيير تعلم أنها بهذا الطلب الذي يقابل تمرير حقيبتي الدفاع والداخلية، كما لو أنها تمسك المجلس العسكري من (ايدو البتوجعو)، لأن مربط فرس المجلس العسكري هو الاستحواذ على وزارات الأمن والدفاع حتى لا تتمكن القوى الملكية السياسية من عملية تفكيك المؤسسة العسكرية، تحت دعاوى هيكلة الأجهزة الأمنية، سيما وأن من بين القوم، قوم الحرية والتغيير، حركات مسلحة تنتظر الفرصة التاريخية لإحلال جيشها مكان الجيش السوداني….
لتنال الحركة المسلحة في لحظة تفاوض في غرفة باردة، ما لم تنله خلال عقود بأكملها من القتال الشرس في الصحارى والضهاري، على أن الحركات المسلحة هي أكثر المستفيدين من الوضع الحالي، فبعد أن خبا نجمها واهتزت الأرض السودانية كلها تحت أقدامها، وأصبحت جيوشها خارج المشهد والبلاد برمتها، إذا هي الآن تدخل إلى المشهد السوداني من أوسع أبوابه، من خلال عضويتها في قوى الحرية والتغيير…
* ومهما يكن من أمر، فإن مجرد السماح بدخول وزراء حزببين إلى عضوية مجلس وزراء الفترة الانتقالية، حري بإفساد المرحلة برمتها بحيث ستتاح فرص دخول الأجندة الحزبية إلى طاولة مجلس الوزراء، مما سيكون ذلك بطبيعة الحال خصماً على مجمل الأداء الحكومي، ومن ثم سينعكس على الشارع الآخر الذي ينتظر ظهور أي جنوح حزبي … ليخرج إلى طرقات المرحلة فيزيد المشهد المزيد من التصعيد والتعقيد…
* ولا زال الطريق أمام المجلس العسكري طويلاً ومرهقاً وعرضة لتقديم المزيد من التنازلات المجانية، في ظل ضغوط قوى الحربة والتغيير عبر الشارع والفضائيات والمجتمع الإقليمي والدولي، وسط تحذيرات المراقبين وصيحاتهم .. بألا تميلوا كل الميل، ومن ثم ينعكس ذلك على عدم استقرار مرحلة الانتقال، مما يجعلها غير قادرة على إنجاز مهام التحول الديمقراطي.
* وفضلاً عن هذه الوزارات الحزبية الصريحة المنصوص عليها في الاتفاقية، تكمن الخشية في أن تنجح الحرية والتغيير في تمرير وزراء حزبيين آخرين تحت مظلة (التكنوقراط)، ومن ثَمّ يلتقي وزراء البطولات بوزراء التضحيات وتتم الناقصة، ومن ثم يجد السودانيون أنفسهم أمام حكومة حزبية بامتياز وإن تدثرت بثوب الاستقلالية الشفاف … وليس هذا كل ما هناك