فتح (الإطاري).. الكرة في ملعب المدنيين
هل يشكِّل أزمة جديدة؟:
فتح (الإطاري).. الكرة في ملعب المدنيين
تقرير- صبري جبور
من المنتظر أن تنضم أطراف مدنية غصون الأيام المقبلة مع القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري، في إطار التسوية السياسية التي تفضي إلى حكومة انتقالية بقيادة مدنية متوافق عليها تمضي بالبلاد إلى الأمام.. خاصة بعد الدعوات التي تكررت من قبل قيادات بتحالف قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي)، إلى بعض القوى والكيانات بضرورة الانضمام إلى الاتفاق..بجانب تصريحات منسوبة لرئيس حزب الأمة القومي اللواء فضل الله برمة ناصر، وأيضاً إلى عضو مجلس السيادة الطاهر حجر، بأن الإطاري مفتوح لكل القوى السياسية، بغية الوصول إلى اتفاق نهائي.. فيما يرى خبراء ومختصون أن هذه الخطوة ستسهم بصورة فعلية في حل الأزمة، مشيرين إلى أن الكرة الآن في ملعب المدنيين، لكن في المقابل هناك كيانات سياسية وحركات مسلحة ولجان مقاومة ترفض بشدة اللحاق بالإطاري، لاعتباره لايؤدي إلى حلول للأزمة، بل إلى تعقيد المشهد من جديد.. وكان المكوِّن العسكري في الخامس من ديسمبر الجاري، قد وقع اتفاقاً إطارياً مع أطراف مدنية، يمهد الطريق لتكوين حكومة مدنية، وصولاً إلى مرحلة الانتخابات.
تجيير الإطاري
رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، حذَّر مما اعتبرها “محاولات جهات سياسية لتجيير الاتفاق الإطاري لمصلحتها الذاتية، واختطاف السلطة من جديد”.
وقال البرهان، في تصريحات سابقة في منطقة المعاقيل شمال الخرطوم، إن “ما وُقِّع من اتفاق إطاري لا يعني وجود تسوية بالمعنى الذي فهمه البعض، إنما هي نقاط طُرحَت، ونرى أنها يمكن أن تساعد على حلّ التعقيدات السياسية الراهنة، وقد وافقنا عليها ضمن اتفاق سياسي إطاري يصبّ في مصلحة كل السودانيين دون إقصاء لأحد”.
روح الوفاق
اعتبر المحلِّل السياسي الفاتح محجوب إن الاتفاق الإطاري بين قوي الحرية والتغيير المجلس المركزي وبين العسكر، إنجاز كبير جدًا لأنه نظرياً يهيئ البلاد لحكومة توافق سياسي سوداني بقيادة مدنية، لكن لأن التفاوض كان ثنائياً مع وجود رغبة واضحة من بعض قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي في استبعاد من ترى أنهم منافسون لهم كما فعل قادة حزب الأمة القومي مع مبارك الفاضل، أو كما يرى آخرون استبعاد أردول وعسكوري أو محاولة شق الحزب الاتحادي الديموقراطي الأصل لقطع الطريق أمام حزب الوسط أي الاتحادي الديموقراطي الأصل لكي لا يستعيد مكانته باعتباره الحزب الأول في السودان .
وقال محجوب في إفادة لـ(الصيحة): ” إذا سادت روح الوفاق والرغبة في المضي نحو انتخابات نزيهة وشفافة لا يوجد ما يمنع من استيعاب كل الأحزاب السياسية عدا المؤتمر الوطني في الفترة الانتقالية خاصة إذا تم الاتفاق على حكومة انتقالية يقودها مستقلون من ذوي الكفاءات”. وأضاف: إلى الآن كل ما يقال عن الشروط حديث لا معنى له لأن من شاركوا في التوقيع عدد مقدر منهم كانوا في حكومة البشير وبالتالي لا يعتبر استبعاد البعض عمل مسؤول .
وتابع: ” لكن العملية السياسية المقترحة بفعل الضغوط الدولية ماضية إلى الأمام وغالبا يتم فتح الاتفاق الإطاري للنقاش ولمزيد من الأطراف، لأن الواقع يقول باستحالة انفراد قحت المجلس المركزي والعسكر بالشراكة السياسية كما كان في السابق”.
موازنات دقيقة
عضو مجلس السيادة السابق والقيادي بالحرية والتغيير محمد الفكي سليمان، وصف، الاتفاق الإطاري بالجيِّد ويحمل الملامح الرئيسة التي يطالب بها الشارع ومدنية كاملة للدولة وعودة العساكر للثكنات وإصلاح المنظومة العدلية ومحاكمة قتلة الشهداء، مشيراً إلى أن الكلام المكتوب في الاتفاق ممتاز جدًا والتحدي الكبير كيف يتم تنفيذه والتوقيع على الاتفاق هو بداية النضال الحقيقي.
وقال الفكي في حوار مفتوح بفضائية النيل الأزرق، إن الكرة الآن في ملعب المدنيين بعد موافقة المكوِّن العسكري على الخروج من العمل السياسي وتوقعيه على الاتفاق مبيِّناً وجود 5 قضايا تحتاج لنقاش أوسع مع أهل المصلحة خصوصاً في شرق السودان وقضية تمثيلهم في السلطة حتى تمثيلهم داخل الحرية والتغيير ضعيف، مؤكدًا وجود لجنة سياسية يقودها بابكر فيصل وطه وعثمان والواثق البرير وخالد عمر يوسف، وهي تتواصل بصورة يومية مع المكوِّن العسكري لتنزيل الاتفاق على أرض الواقع، مشدِّداً على أن الاتفاق محكم الأطراف عبر موازنات دقيقة وهنالك نقاش مستمر مع لجان المقاومة للتوقيع على الاتفاق الإطاري.
تحفظات المقاومة
أشار الفكي إلى وجود صعوبة في الالتقاء بلجان المقاومة نسبة لطبيعتها الأفقية وتحفظاتهم على كثير من النقاط، وقال: إن الفرق بين الدستور والاتفاق الإطاري أن الدستور لكل الناس، أما الاتفاق الإطاري للأشخاص المتفقين حول القضايا التي تشكِّل المشهد القادم، مشيراً إلى أن السودان سيحكمه مدنيون وكفاءات مستقلة تنتمي فقط لأجندة الثورة ويتم اختيارهم من قوى الثورة بعد التوقيع النهائي ورئيس الوزراء سيختار الوزراء بنفسه وليس من قائمة تقدَّم له، وأضاف هنالك جهات تنتقد الاتفاق الإطاري لأنها تريد استمرار الوضع الحالي وهي مستفيدة، ومن يقول: إن الموقعين واجهات هم نفسهم من كان يقول أربعة طويلة مسيطرة على البلد، مبيِّناً أن توقيع مالك عقار على الاتفاق محمدة وخطوة جيِّدة منه رغم حديثه القاسي عن الاتفاق وتحدثنا معه، وأوضحنا له أن هذه القوى الموقعة حقيقة وليست واجهات.وقدَّم الفكي دعوة مباشرة للجان المقاومة للانضمام والتوقيع على الاتفاق الإطاري وأن لايكونوا منفصلين عن الشعب ولايفوِّتوا فرصتهم في اختيار من يقود المشهد القادم، متمنياً التحاق مني أركو مناوي بالاتفاق، وماتزال خانته موجودة رغم اختلافنا معه في تقديراته السياسية ومشاركته في الاعتصام الذي أطاح بالحكومة المدنية، لكن نحن لا نتعامل بالمرارات والبلاد تسعنا جميعاً.
امتحان جديد
يقول المحلِّل السياسي أحمد عابدين، في إفادة لـ(الصيحة): الدعوة العامة للالتحاق بالإطاري مفتوحة وفي ذات الوقت فيها شروط وهذا تناقض، وقال: فإذا سلمنا بتسمية المؤتمر الشعبي جناح كمال عمر بقوى الانتقال ووقعوا فإنك أمام معضلة إذا رفضت الآخرين عدا المؤتمر الوطني، بمعنى لا مبرِّر لرفض انضمام تحالف التجاني سيسي أو غيره من الأحزاب التي كانت مشاركة في سلطة الإسلاميين قبل سقوطهم، وأضاف: “فأنت قبلت بوجود أصحاب الجلد والرأس فمن غير المنطقي رفض من شاركهم وبالتالي فإن شروط الانضمام هي محض خوف من تكبير الكيكة أو هي تنازع سلطة وكراسي أو تمترس حزبي”.
وأشار عابدين إلى أن المكوِّن العسكري وضع امتحاناً مكشوفاً للقوى السياسية ومطلوب منها النجاح بامتياز وهي أي هذه القوى فاشلة في كل تاريخها..الكتلة الديموقراطية مؤسسيها بعض الموقعين الرئيسيين على اتفاق جوبا للسلام وهؤلاء لديهم تحفظات قديمة مع الحرية والتغيير المركزي وترسخ عدم الثقة بينهم لدرجة العداء والضرب تحت الحزام، وقال: “بالتالي كي تحمي نفسها دخلت في تحالفات ضخمة وتريد إغراق الإطاري بهم، وهذا سيضع المركزي أمام مشارك قوي ومتعدد التوجهات سيعرقل مساعيها لتنفيذ أجندتها، لذا فإن عملية فتح الاتفاق الاطاري والتوقيع عليه هو في حد ذاته أزمة لأصحابه”، وتابع أحمد عابدين: ” إذا تمت الاستجابة لشروط الكتلة الديموقراطية فإنها ستنضم وستؤسس لمنبر معارضة وعكننة من الداخل وكي يتم عبور ذلك مطلوب ثقة وتفاهم وضمانات عالية، خاصة وأن الكتلة الديموقراطية محسوبة -سابقاً- على المكوِّن العسكري، بل هي ترى أن الأخير أكثر مصداقية لتنفيذ اتفاقية السلام.
وتوقع عابدين حالة الاستجابة لذلك ستسقط الشروط المتشدِّدة وتحل محلها البحث عن الضمانات وبهذا سيكون الجميع بالداخل عدا المؤتمر الوطني وهذا منطقي جداً ويمنح رضا للأجيال التي تعبت من أجل إسقاط البشير وحكمه وعزل الإسلاميين أقلاه حتى قيام الانتخابات.. وقال: “غير هذا فإن الإطاري معرَّض للسقوط كما سقطت قرارات ٢٥ أكتوبر، وكما سقط قبلها اتفاق حمدوك والمكوِّن العسكري”.
فتح الاتفاق
عضو مجلس السيادة الانتقالي الطاهر أبو بكر حجر، رئيس تجمع قوى تحرير السودان، أعلن عن فتح الاتفاق الإطاري لكل القوى السياسية، في وقت أكد أن الاتفاق الإطاري بُذل فيه مجهود كبيرٌ من معظم القوى السياسية، واعتبره انفراجاً لانسداد أفق سياسي طال أمده في البلاد.
وقال حجر، خلال تصريحات صحفية سابقة، إن الاتفاق الإطاري تناول قضايا أساسية بغرض التحوُّل إلى طاولة الحوار لمناقشة القضايا المطروحة، للخروج من الأزمة السياسية بالبلاد، مشيراً إلى أنّ الاتفاق الإطاري ليس بين طرفين، وقال: إن الاتفاق سيكون شاملاً لكل القوى السياسية بالبلاد دون استثناء، وأوضح حجر أن القضايا المطروحة في الإطاري هي خمس أو ست قضايا تتم مناقشتها للاتفاق عليها ومن ثَمّ الاستعداد لمرحلة الانتخابات، داعياً إلى ضرورة الاستفادة من التجربة السابقة بين الأطراف، وهناك قضايا كبيرة يجب التفرُّغ لها مثل قضية النازحين واللاجئين وبعض القضايا الكبيرة.