اعترافات البشير.. هل تنقل محاكمته من مدنية إلى عسكرية؟
اعترافات البشير.. هل تنقل محاكمته من مدنية إلى عسكرية؟
تقرير- نجدة بشارة
فند مراقبون ادعاء البشير بأن تنفيذ الانقلاب استند إلى مادة في قانون القوات المسلحة، مؤكدين أن قوانين القوات المسلحة تجرِّم أي انقلاب عسكري على أي سلطة شرعية قائمة.
لكن في المقابل توقعت مصادر تحويل البشير إلى محكمة عسكرية بعد أن سجل إعترافاً كاملاً متحملاً المسؤولية الكاملة لانقلاب الإنقاذ عام 1989م .
ويمثل عمر البشير، و15 من ضباط القوات المسلحة و8 مدنيين من قيادات جماعة الإخوان، أمام محكمة خاصة لمواجهة اتهامات تصل عقوبتها للإعدام بسبب تقويض النظام الدستوري على خلفية المشاركة في انقلاب 30 يونيو 1989 والذي حكم بموجبه البلاد ثلاثين عاماً، بغطاء كامل من جماعة الإخوان التي كان يتزعمها حسن الترابي.
وقال البشير في الجلسة “أتحمل كامل المسؤولية عما تم في 30 يونيو، وأعلم أن الاعتراف هو سيد الأدلة”، مشدِّداً على أن انقلاب 1989 هو عمل عسكري بحت ولم يشارك فيه أي مدني في التخطيط والتنفيذ.
البشير مدني وليس عسكري
قال الخبير القانوني معز حضرة لـ(الصيحة) إن المتهم المدان عمر البشير عندما قدم للمحكمة لم يكن عسكرياً، حيث أنه كان معاش، ولو قبض عليه في 30 يونيو 89، كان يمكن أن تحاكمه القوات المسلحة محاكمة عسكرية، ولكن عندما تم فتح البلاغ في مايو 2019م لم يكن البشير عسكرياً، كان مدنياً في المعاش ،وبالتالي يحاكم وفقاً للقانون الجنائي ، في محكمة مدنية، لأن مادة تقويض الدستور هي منصوص عليها في القانون الجنائي سنة 1991م .
وأوضح حضرة بأن المتهمين في بلاغ الانقلاب ليس عسكريين، هم مدنيين خططوا له ..وزاد بالتالي فإن المحاكم العسكرية ليس مختصة بمحاكمة أصحاب المشروع الواحد بين مدنيين وعسكريين، وأضاف أن اعترافات وإقرار البشير على نفسه والمحكمة سوف تأخذ باعترافاته، أما فيما يتعلق بنفي التهمة عن الآخرين لا قيمة له من الناحية القانونية، لأنه وفقاً للقانون الجنائي هذه مسائل شخصية، حيث كل شخص مسؤول عن فعله ولايستطيع نفي الجريمة عن المدنيين.
ورأى أن اعترافات البشير مجرَّد خطة سياسية لا أساس لها.
تجريم عسكري ولكن
وبسؤاله عن وجود قانون عسكري يسمح بأي عمل عسكري يقوض النظام الدستوري، قال حضرة إنه وفق للقانون العسكري ليس من المنطق والعقل،وجود قانون يسمح بارتكاب جريمة، وإلا لما سمي قانوناً، وأن الانقلاب هو جريمة مكتملة الأركان، وأضاف بأن قانون القوات المسلحة يمنع ويجرِّم العسكر في حال ارتكاب الانقلابات، وأن مهمتهم حماية البلاد، والدفاع عنها
واعطى مثالاً إذا كان هنالك شخص جائع ..هل يحق له قتل أصحاب المنزل وسرقه الطعام، ويكون خط دفاعه أنني كنت جائع.
وأوضح أن البشير إشار إلى المادة 15 هي مادة في الدستور .. وفقاً لمرحلة انتهت ثورة رجب أبريل 85، وجاءت مرحلة جديدة، وحكومة جديدة -حالياً- هنالك قوانين جديدة.
وأقول : لمن قاموا بتلقينه لهذه الخطة السياسية أن هذه الخطة لا أساس لها ولاقيمة لها، وزاد: كنت أتوقع أن يكون شفافاً وشجاعاً وأن يعترف للتاريخ ..لأن كما قال الترابي سابقاً البشير أوتي به قبل الانقلاب بيومين.
مجرَّد تبريرات
قال القيادي بحزب البعث الاشتراكي والخبير القانوني وجدي صالح: إنّ حديث الرئيس المعزول عمر البشير إجراء استجواب قانوني ولا يبرئه من جريمة انقلاب 89.
وأكّد وجدي أنّ البشير تحمّل المسؤولية من أجل حماية قيادات الحزب من التهمة ولكن هنالك اعترافات من قبل تؤكّد أنّهم جزء من هذا الانقلاب.
وأوضح وجدي في تصريحات صحيفة، أنّ اعتراف البشير بأنّه قائد الانقلاب أراد منه أنّ يصنع لنفسه بطولات زائفة.
وأشار إلى أنّ البشير برّر انقلابه بأنّ الوضع الاقتصادي والأمني يستوجب ذلك، ولكن هذا ليس مبرّرًا للانقلاب على التحوّل الديمقراطي والمدني.
جدل قانوني
وأثارت الاعترافات جدلاً آخر عن العقوبات المحتملة على البشير، حيث اعتبر القانوني محمد زين في تصريحات لـ”الشرق” أنَّ “خيارات العقوبة المتوقعة للبشير تأتي ضمن نص المادة 48 من القانون الجنائي 1991، والذي ينص على أنه لا يجوز توقيع عقوبة الإعدام أو السجن المؤبد على من بلغ السبعين، فيما عدا جرائم الحدود والقصاص”.
وأضاف أنه يجوز معاملة البشير “وفق نص المادة 48 المتعلقة بتدابير الشيوخ، وهي تسليمه لوليه بعد تعهُّده بحسن رعايته أو تغريبه مدة السجن، بحيث يتم تحديد إقامته في مكان واحد طيلة فترة العقوبة أو إيداعه مؤسسات الرعاية والإصلاح والتي هي معدة خصيصاً للشيوخ أو من بلغ السبعين”.
ويظل الجدل القانوني حول هذه القضية قائماً بين أعضاء لجنة الدفاع وهيئة الاتهام، التي تطالب بعقوبة الإعدام أو السجن المؤبد باعتبار أنَّ الانقلاب جريمة مستمرة منذ تولي البشير الحكم وذلك لثلاثين عاماً.
وكان البشير أقرَّ بمسؤوليته الكاملة عن الانقلاب على الحكومة المنتخبة التي كانت بزعامة رئيس الوزراء الأسبق الراحل الصادق المهدي، في يونيو 1989.
محكمة مختصة
في السياق قال المحامي والخبير القانوني صالح محمود لـ(الصيحة): إنه لاتوجد محكمة عسكرية في السودان مختصة في قضايا تقويض الدستور الذي يعتبر جريمة جنائية بحتة.
وأضاف بأن الانقلاب ليس تمرد عسكري فقط، وإنما تقويض للدستور .
وقال إن البشير لم يخطط وينفذ لوحده الانقلاب، وبالتالي فإن الجريمة متعددة الجوانب.