منى أبو زيد تكتب : أليس كذلك..؟
24 ديسمبر 2022
“الزواج هو أطول وردية حراسة في التاريخ”.. الكاتبة..!
“عندما يلاقي صوتي الموت فإن قلبي سيبقى متكلماً”، مطبوعة إسبانية رائجة استعارت هذه الكلمات من شعر طاغور – قبل سنوات – للتنديد بالقوانين البيروقراطية التي دفعت بعض المسؤولين في بلدية غرناطة لإصدار قرار مسح كلمة “أحبك” التي كتبها أحد عشاق المدينة ـ بكل اللغات ـ على أرضية الشارع، هدية لحبيبته في عيدهما الأول..!
هذا يؤكد جداً أن قضايا الصحف في إسبانيا لا تنفصل عن ثقافة الرومانسية في ذات البلد التي وضعها بابلو نيرودا العظيم “في القلب”، وعكس لأجل مقتضى الرومانسية حكمة الموعد الشهيرة، فأضحى الموقف عنده “خير أن لا يحدث أبداً من أن يحدث متأخراً”..!
لواعج الحب ذاتها هي التي جعلت نجماً سينمائياً مثل توم كروز يقفز كالأطفال على أريكة أوبرا وينفري ممزقاً عن قصد وطيب خاطر، صورة حوار تلفزيوني رصين، وضارباً عرض الحائط بكل احتجاجات الصحافة على تلك “الفعلة” الخرقاء..!
لكن جمهوره الأمريكي الذي يفهم الرومانسية كما يراها كروز تماماً، راقت له الفكرة تماماً. وعن هذا المعنى يقول شاعر فرنسا بول فاليري “إن الذي يحاول تعريف الرومانسية لا بد أن يكون شخصاً غير متزن”، لأنه يُطارد معنىً فضفاضاً وحمّال أوجه..!
لندع الرومانسية عند الهنود أهل طاغور، والتشيليين عشيرة نيرودا، والأسبان قبيلة لوركا، والفرنسيين شعب فاليري، ولنحدث إلى الرجال السودانيين ـ الذين يفهم معظمهم الرومانسية كنقيض للرجولة، ويرون في الرجولة شارباً كثاً وصرامة بلا مُبرّر ـ عن تلك الدراسة العاطفية المُحبطة..!
بحث قامت به إحدى المؤسسات البحثية البريطانية، التي تعنى بالتنقيب في سلوكيات البشر – وإحصاء ألوانهم ومشاربهم وفقاً لإجاباتهم عن مجموعة أسئلة يضعها خبراء يعلمون ما يفعلون – والذي تقول نتائجه إنّ الرومانسية بين الأزواج تنتهي بعد مرور سنتين، وستة أشهر، وخمسة وعشرين يوماً من الزفاف، “وسط باقات دعاء الطيبين”..!
الكلام نتيجة دراسة أجريت على خمسة آلاف من الأزواج الذين مرّ على زواجهم أكثر من عشر سنوات، أوضحت المسوح الإحصائية أن أكثر من الثلث قد توقفوا عن الاحتفال بعيد زواجهم بعد مرور ثلاث سنوات عليه. بينما اعترف أكثر من الثلثين من الرجال بأنهم يقذفون الملابس المتسخة على نحو فوضوي، دونما أدنى مراعاة لمشاعر شريكاتهم، بينما أكدت معظم النساء على أنهن لا يبذلن أدنى مجهود ليبدين جميلات في عيون أزواجهن..!
لكن الجميل والمتناسب جداً مع عقلية الرجل السوداني في نتائج تلك الدراسة هو تأكيدها في نهاية الأمر على أنّ معظم هؤلاء الأزواج لا يفكرون أبداً بتغيير شركائهم. هذا يناسب جداً الرجل السوداني، لأنه يجاري ثقافة المشي – بصرامة – على صراط العادة المستقيم، والضحك بفظاظة على أسئلة الأنثى الغريرة عن أحوال القلب. أليس كذلك..؟