الخرطوم: عبد الله عبد الرحيم
أحالت الجبهة الثورية أجواء القاعة التي تستضيف المفاوضات بين الفرقاء السودانيين بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا حينما أدارت عجلة التفاوض لتدور للوراء قليلاً لتقف عند مقاعد المجلس السيادي والتي حددت من قبل بـ(الأحد عشر) مقعداً، حيث قامت بالمطالبة بإضافة ثلاثة مقاعد إضافية، وذلك حتى تتمكن من الولوج والتمكن من صحن الثورية.
فما هي أبعاد هذه المطالب على مسيرة السلام الجارية والتي يبحث الكل عنها بقوة، وهل بالإمكان فتح المجلس السيادي ليقبل إضافات جديدة أم إن المعالجة سوف تأتي على حساب قوى الحرية والتغيير، وما هو المصير إذا ما أبدى عبد الواحد محمد نور رئيس حركة جيش تحرير السودان وعبد العزيز الحلو رئيس الحركة الشعبية، هل سيكون هناك متسع يمكن من وجودهما داخل السيادي، أم إن هذه الخطوة يمكن تجاوزها بأي حال؟.
صفحة جديدة
إضافة ثلاثة مقاعد للمجلس السيادي وفق رؤية وطلب الجبهة الثورية، أعاد للأذهان الجدل الكبير الذي دار حولها قبل أن تصل إلى ما هي عليه الآن من نسبة، حيث تنقّل وتقلّب المفاوضون من “الحرية والعسكري” بين الأرقام الكثيفة التي رُفعت إليهما من خلال مبادرات القوى السياسية، إضافة للأرقام التي جاءت في دفتر كليهما ودفعا بها لطاولة التفاوض ليصلا بقناعة الـ(وسطية) إلى نسبة (5 +5+ 1)، وربما هذه الخطوة وفقاً لمراقبين أن تفتح كراسة التفاوض السابقة والتي سبق أن تم التوقيع عليها بالأحرف الأولى قبل أسبوع من الآن لصفحة واتفاقيات جديدة بين القوى السياسية الأخرى التي لم توقع على دفتر الحضور التفاوضي بعد، بالإشارة للرئيس وقائد حركة وجيش تحرير السودان عبد الواحد محمد نور إضافة لقائد الحركة الشعبية في كاودا عبد العزيز الحلو لمقاطعتهما المفاوضات الجارية الآن بأديس. احتمالية فتح التفاوض بقدوم هذين المبتعدين عن جدول التفاوض بناءً على رغبتهما باتت تشكل نسبة كبيرة بعد أن أجمع المجتمعون بأديس على ضرورة وجودهما، وبهذا فإن الكثيرين يتوقعون اتساع صحن السيادي في مقبل الأيام إذا ما جاء نور والحلو ودخلا في مفاوضات الأيام المقبلة ليشمل الجميع، وبالتالي فإن الثلاثة وفقاً لبعض المتابعين قد تتضاعف أو تقل ليكون الاتفاق شاملاً وواضعاً حداً للحروب التي مزّقت جسد الوطن البالي.
استيعاب الحركات
ويقول بروفيسور الفاتح محجوب مدير مركز الراصد والمحلل السياسي لـ(الصيحة)، إن السؤال الجوهري الذي يطرأ هو كيفية استيعاب أعضاء الحركات المسلحة للمجلس السيادي بدون اتفاق سلام، وحل مشكلة هذه القوات التي تكمن في عملية الترتيبات الأمنية. وقال: لابد من توفيق أوضاع قوات هذه الحركات الذين يعيشون الآن في دول خارجية، ومن الممكن أن تكون رأس الرمح في أقرب عملية هجوم على البلاد، مؤكداً أن الموضوع ليس اقتسام سلطة، وإنما هو كيفية تحقيق السلام وتوفيق أوضاع الحركات المسلحة التي بدونهما يبقى توقيع الاتفاق من عدمه مسألة لا قيمة لها.
وزاد أن المشاركة بدون إكمال التريبيات الأمنية واقع يصعب على المجلس العسكري تقبّله. وأكد أن تفاصيل الاتفاق رغم أنها لم تنشر علناً إلا أن ما تم تسريبه هو المحاصصة وتقاسم المشاركة، وهذا يؤكد ما ذهبنا إليه من أهمية الحديث حول الترتيبات الأمنية.
وقال موضحاً ذلك إن قوات العدل والمساواة معظمها الآن يعيش في ليبيا وفي جنوب السودان وإريتريا، أما قوات مناوي فأغلبها يعيش في ليبيا، وهي تشارك قوات حفتر، كما يوجد عدد كبير منها في دولة الجنوب، وقال إن القوتين الرئيسيتين الموجودتين في السودان هي قوة عبد الواحد نور وقوات الحلو، وهما الآن لم يوقعا إلى الآن، وينعدم التفاوض الرسمي بينها، في وقت أشار فيه إلى عدم أهمية الحوار غير الرسمي، ويجري بينهما والمجلس العسكري والحرية والتغيير، وقال إن من الأهمية تحويل التفاهمات بين جميع الحركات والمجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير إلى اتفاقيات سلام واضحة. وأردف محجوب مستدركاً”: إذا كان هناك تفاهمات أن تحول الحركات نفسها إلى أحزاب سياسية وتعيد إدماج قواتها وتسلم أسلحتها وغير مكتوب، فإنه لا بأس في هذه الحالة أن تتقاسم السلطة مع القيادات الأخرى. وقال إن هذا الأمر رغم مقبوليته إلا أنه لا يتفق وقرائن الأحوال، فالجنود لا زالوا موجودين في ليبيا ويحتاجون لترتيبات وكيفية سحبهم من قوات حفتر، وكيفية سحب أسلحتهم، والسؤال عن تحويلهم للمجتمع المدني، ونقلهم من الدول الأجنبية إلى داخل السودان، إضافة إلى كيفية إقامة المعسكرات لهم لإيوائهم داخل السودان، والتي تتم بالترتيب مع القوات المسلحة السودانية.
ليس بسيطاً
وقال د. الفاتح إن الموضوع ليس بسيطاً، وأن انهيار نظام لا يعني أنهم بإمكانهم المشاركة في النظام الجديد، لأنهم لم يهزموا القوات المسلحة ولم يحتلوا السودان، وإنما التغيير قام به المجتمع السوداني من خلال مكوناته المجتمعية. مؤكداً ـن الأمر لا زال معقداً، وأن الأمر يحتاج إلى برنامج سلام وخطة واضحة واتفاقيات يتم توقيعها بما عليها من واجبات وحقوق، مؤكداً ضرورة إتاحة الشهور الستة الاولى لبرنامج السلام، وقال: ما يجري الآن هو قفز فوق المراحل رغم الاتفاق الكامل بين الطرفين المسرب ولم يتم شرح تفاصيله. مؤكداً أن الموضوع ليس هو المشاركة في السلطة، وإنما أمر القوات والحركات المسلحة، برنامج كبير يحتاج لجهود من نوعية أخرى، فهو برنامج أكبر من المحاصصة والمشاركة في السلطة لأن القوات تحتاج لتعامل مختلف في ظل التكوين المطلبي للحركات التي قدمت من الولايات، وقال إن الموضوع يحتاج لمرسوم دستوري تحترمه كل الأحزاب ليصبح جزءا من الدستور ويعالج الأزمة السودانية المستعصية.
معالجات مختلفة
وبينما لا زالت تشكل أحوال القوات المكونة لهذه الحركات استفهاماً كبيراً في ظل التدافع حول إكمال ملفات التفاوض بين القوى المحاورة في أديس يؤكد د. أبوبكر آدم الأكاديمي والمحلل السياسي بأن أهمية الأمر تكمن في عملية تخطي هواجس تداعيات عقبة التمثيل في المجلس السيادي، وقال مهما كانت نظرة المجتمع الدولي والمحلي لهذه المفاوضات التي تدور الآن بأديس إلا أن من أهمها أن يصمت صوت البندقية وإلى الأبد، وهذا وفقاً لأبي بكر هو المنوط بكل هذه التحركات، مستبعداً أن يكون للحركات المسلحة هدف آخر غير الذي تفاوض من أجله الآن في أديس أبابا وفد الحرية والتغيير والوسطاء الأفارقة، وزاد أبوبكر أنه يفترض جدلاً أن يكون فهم الجميع الآن هناك في قاعة المفاوضات، يصب في الكيفية التي يحكم بها السودان وليس في من يحكم السودان لتأتي بناء على أبي بكر، الاتفاقيات مرضية وتشمل كل القوى السياسية بالداخل والتي تنظر لهذا الأمر بشيء من عدم الثقة لجهة أن أمر إنشاء هذه الحركات والأزمة والظروف التي جاءوا خلالها قد تطاول أمده، في ظل تعطل وارتداد كافة الحلول التي قدمت لمعالجة هذا الملف عبر منابر مختلفة عقدت في الكثير من البلدان الأفريقية والعربية والغربية. وقال أتمنى أن أرى التوفيق قد حالف عملية التفاوض الراهنة لجهة أن عملية فتح باب الاتفاق السابق أمر ليس بالصعب لأنه اتفاق قوى هدفها السلام والاستقرار في البلاد وليس كلاماً منزلاً ليكون أمره حتمياً دون إجراء أية مراجعة فيه.