22ديسمبر 2022
والقوي..
وأسد أفريقيا كما يسميه بعض منسوبي حزبه..
كيف لا وهو يزأر أمام المحكمة ليعترف بكل شيء… ويبرئ كل أحد..
يعترف بأنه يتحمل وحده تهمة الانقلاب..
ويبرئ المتهمين الآخرين جميعهم – عسكريين ومدنيين – من تهمة المشاركة..
فهو الذي فكر… وقدر… وخطط… ونفذ..
ويقف كما الطاووس على منصة الاتهام ليخطب بإحساس الزعيم القائد..
وكأنه يخطب في قاعة برلمانه… لا قاعة المحكمة..
ولم يبق له إلا أن يرقص على أنغام (أسد الكداد)… في نهاية خطبته الحماسية..
ويعدد إنجازات عهده بفخرٍ بالوني..
ويسخر – في المقابل – بإنجاز عهد الصادق الوحيد المتمثل في جسر سنجكايا..
والمحكمة تستمع بصبرٍ طويل… أو جميل..
فهي غير معنية بإنجازات عهده التي يباهي بها أمامها… وإنما بشيء واحد..
وهو اعترافه بتدبير – وتنفيذ – الانقلاب..
فهو متهم بتهمة جنائية وليست سياسية… ولن يشفع له فيها أي شيء آخر..
حتى ولو جعل من السودان ماليزيا..
كما لو سرق أحدهم مال آخر… ثم برر سرقته تلك بخدمة أفراد عائلته..
كأن يقول لقد أنجزت لهم بمال كبيرهم الفاشل..
فهل مثل هذا الإنجاز – وإن وُجد – يُسقط عنه جريمة السرقة أمام المحكمة؟..
وكذلك الأمر مع سرقة البشير..
فقد سرق سلطة شرعية بحجة أن القائمين عليها غير قادرين على الإنجاز..
بل ويسخر مما سماه إنجازهم الوحيد..
وينسى أنه عندما سرق منهم حكمهم كان عمرها أقل من نصف دورة..
دورة برلمانية… ودورة رئاسية..
والشعب وحده هو صاحب الحق في أن يحكم لهم – أو عليهم – عبر الصناديق..
صناديق الاقتراع… لا الذخيرة..
هذا من زاوية المحاكمة الدنيوية العاجلة… وفقاً للإجراءات الوضعية..
أما المحاكمة الدينية الآجلة فأمرها أصعب..
فلن يكون بمقدور عمر يومها أن يخطب بطريقته هذه أمام محكمة الحق..
أن يخطب متحذلقاً… متفسحاً… (متجدِّعاً)..
فتلك محكمة لا يهمها – مطلقاً – ما أنجزه البشير على صعيد الحياة الدنيا..
وإنما على صعيد تعاليم الله في الأرض..
والتي تنهي عن قتل نفسٍ واحدة بغير حق… دعك من ملايين الأنفس..
وتمقت الظالمين… والمتجبرين… والفرحين..
والبشير كان فرحاً دوماً – رغم ظلمه وتجبُّره – إلى درجة الرقص فرحاً..
فتالله لن يُسأل – يومها – عن جسوره التي أشادها..
ولن يُسأل الصادق عن جسر سنجكايا الوحيد الذي يسخر منه بسببه البشير..
فحسبه – الصادق – أنه لم يقتل… ولم يظلم… ولم يسرق..
ولم يكتنز من مال الدولة ما اكتنزه عمر في بيته… وكأنه فرعٌ لبنك السودان..
هذا فضلاً عن أراضٍ… ومزارع… وشقق..
فالديمقراطية تعالج أخطاءها بنفسها… أو بمزيدٍ من الممارسة الديمقراطية..
ولا تُعالج بانقلابات عسكرية..
وإلا لكان من حق الجيش البريطاني أن ينقلب على ديمقراطية وستمنستر..
وذلك إبان الأزمة السياسية الأخيرة..
ثم السؤال الأهم للبشير: لماذا ثار الشعب ضدك إن كنت أنجزت له؟..
فأنت ضيَّقت عليه حتى صعب عليه رغيف الخبز..
وإن كنت ذكياً لصرفت على معيشته بقليلٍ مما اكتنزته في منزلك الخاص..
ومن قبل ذلك لاستمعت لنصائح أذكياء حزبك..
وذلك حين ترجوك ألا تترشح لدورة جديدة لم يقرها حتى دستورك نفسه..
ولكنها شهوة السلطة..
والتي أنكرتها أمام المحكمة وكذبت – كعهدك – أنها كانت سبب انقلابك..
ثم سبب (كنكشتك) في الحكم لثلاثين عاماً..
وأخيراً – يا عمر – اعترافك بتنفيذ الانقلاب لم يكن بطولة من جانبك..
فالتهمة (لابساك)… من رأسك إلى قدميك..
ولذلك عملت بالمثل القائل (من يتبلل يعوم)… ثم عمت في بحور السياسة..
وأردت تعويم المحاكمة… فالناس… فالحق..
فهل نصفك – بعد هذا – بالذي جعلناه عنواناً ساخراً لكلمتنا هذه اليوم؟..
نصفك بأنك عمر القويُّ… البطل؟..
أم عمر الغويُّ؟..
البطَّال؟!.