أوقفت السلطات منذ الأربعاء الماضي، الأستاذ الصادق إبراهيم أحمد الرزيقي نقيب الصحفيين،ورئيس الكنفدرالية الأفريقية للصحافيين- اتحاد الصحافيين الافارقة-، وناشر ورئيس تحرير صحيفة “الصيحة”، دون تقديم تبريرات لأسباب التوقيف الذي تزامَن مع حملة توقيفات شنّتها السلطات على خلفية المحاولة الانقلابية التي قالت إن قيادة الجيش ممثلة في رئيس الأركان السابق وعدداً من الضباط قد خطَّطوا للاستيلاء على الحكم بالقوة، وتقف وراء المحاولة عناصر تنتمي للنظام السابق من حزب المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية.
وجاء توقيف واعتقال الرزيقي في هذه المناخات المشحونة بالصراعات الشيء الذي فُسّر على نطاق واسع في الفضاء الدولي والإقليمي والوطني بأن نقيب الصحفيين واحد من المنافِحين عن مدنية الدولة وديمقراطية الحكم، قد أسقط قلمه وامتطى ظهر دبابة لتغيير نظام حكم بآخر دون أن يكون له ولا من يمثلهم من القطاع العريض من النخب وحملة الأقلام يد في الذي يدور ببلادنا من صراعات حول الحكم والسلطة.
إذا كان الرزيقي قد تم توقيفه وكسر قلمه وحبس أنفاسه بسبب انتماء سياسي، فالسيد النقيب لم يتقلّد يوماً منصباً في حزب المؤتمر الوطني منذ تأسيسه وحتى اليوم، ما كان أميناً لأمانة ولا عضواً في هيئة قيادية، ولا وزيراً في الحكومات المتعاقبة، ولكنه ينتمي فكرياً وثقافياً وتاريخياً لهذا التيار الوطني العريض, وإذا كان الاعتقال بسبب انتماء للحركة الإسلامية، فإن الرزيقي ما كان يوماً من قادتها، ولا أميناً في هيئتها القيادية، لكنه فكرياً وثقافياً ينتمي للحركة الإسلامية شأن الملايين من أبناء هذا الوطن.
أما إن كان الاعتقال لأسباب مهنية، فقد ظلت “الصيحة” منذ الحادي عشر من أبريل الماضي تقف مُنافِحة عن استقرار الأوضاع الأمنية، وشدّت من أزر المجلس العسكري في ظروف شديدة التعقيد وبالغة الحساسية قناعة منها بأن النخبة العسكرية التي تقود البلاد بعد سقوط النظام السابق أمينة على السودان، وتتمتع بثقة السودانيين بمختلف انتماءاتهم السياسية.
وتجاوُز قانون الصحافة وخروقات الأقلام تحكمُها قوانين الصحافة والقانون الجنائي وفق إجراءات وتراتيب معلومة ليس من بينها الحبس في المخافر، ثم البحث عن جريرة لمحاكمة الأقلام الحرة؟
إن اعتقال وحبس نقيب الصحفيين في هذه الظروف أمر لا يقره قانون ولا شريعة ولا عُرف، وقد ظلَّ قادة التغيير من المدنيين والعسكريين يصدحون ليل نهار بأن عهد الظُّلم قد غرُبت شمسُه وفجر الحريات قد سطع قمرُه، فكيف يُعتَقل نقيب الصحفيين دون أسباب مُعلنة ويُترَك في الحبس تنتاشه سهام المُغرضين والحاقدين الشامتين من اليسار المريض، ولا تُقدِّم السلطة أي تبرير لأسباب الاعتقال.
إننا نطالب الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس العسكري ونائبه الفريق أول محمد حمدان حميدتي، والفريق أول جمال عمر رئيس اللجنة الأمنية بإطلاق سراح نقيب الصحفيين ورئيس الكنفدرالية الأفريقية ورئيس تحرير هذه الصحيفة فوراً، أو تقديمه للمحاكمة إن ارتكب جُرماً في حق وطنه أو انتهك حقّاً لآخرين.
نسأل الله أن يُشفي بلادنا من أسقامِ الانقسام والصراع العدمي.