من يعرقل العملية السياسية؟ ولماذا؟
من يعرقل العملية السياسية؟ ولماذا؟
الخرطوم- صبري جبور
تمر العملية السياسية بالسودان، بأوضاع معقدة، في ظل مشهد ملبد بالقيوم، إذ تتوسع كل يوم رقعة الصراعات والخلافات، مع ممارسة بعض عمليات الإقصاء وانعدام الثقة بين المكوِّنات السياسية، فضلاً عن عدم قبول الآخر.. تلك هذه العراقيل قد تقود المرحلة الانتقالية إلى مرحلة يصعب السيطرة عليها مالم تتضافر الجهود المبذولة من أجل لم الشمل والتوافق بين الأطراف السودانية الحادبة على مصلحة الوطن والمواطن، بجانب التوافق حول القضايا الوطنية والخروج بالبلاد إلى بر الأمان، من خلال الجلوس في طاولة واحدة لمناقشة قضايا البلاد المختلفة، وصولاً إلى طن ينعم بالسلام والاستقرار والتنمية.
تجاذب سياسي
في هذا المنحى، دعا رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، ونائبه الفريق أول محمد حمدان دقلو، في مناسبات سابقة، دعا القوى السياسية المدنية، للتعاون والتوافق، بغية الوصول إلى اتفاق سياسي يمكن البلاد من تجاوز أزماتها الراهنة.
وقال البرهان، إن أوضاع البلاد لا تحتمل المزيد من التمزق والتشرذم والتجاذب السياسي، بينما الشعب ينتظر الحلول الناجعة للأزمات.
وأضاف أن ”تجربة الانتقال التي يمر بها السودان، محاطة بتحديات كبيرة لا يمكن تجاوزها إلا بالتوافق والتراضي وتقديم المصلحة الوطنية على ما دونها لنقدم للأجيال القادمة وطناً معافى ومستقرًا”.
تنازلات متبادلة
أكد الخبير والمحلِّل السياسي د. الفاتح محجوب، بعد توقيع الاتفاق الإطاري تتجه أنظار الرأي العام السوداني والشركاء الدوليين للمفاوضات حول القضايا الخلافية الأربع الرئيسة التي تم أرجأ حسمها للتفاوض حولها مع كل الأطراف المتأثرة بها أي ما تمت تسميته بأصحاب المصلحة .
وأشار محجوب في إفادة لـ(الصيحة) أن الحديث عن جهات تعرقل العملية السياسية المقترحة أمر سابق لأوانه، لأن احتجاجات البعض أو مظاهرات آخرين هي نفسها جزء من العملية التفاوضية وهي تفاوض بطريقة مختلفة.
لافتاً إلى أن العسكر قد يطلقون تصريحات تطمئن من لم ينضموا بعد وتثير قلق من وقع، بينما قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي قد يطلق بعضهم تصريحات تثير غضب من لم يوقعوا أو حتى غضب العسكر أنفسهم في محاولتهم لكسب لجان المقاومة وبعض الأصوات الرافضة لمشروع التسوية السياسية داخل المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير.
ويقول الفاتح ” إذا بما أن المفاوضات الموسعة لم تنطلق بعد من المبكِّر إطلاق اتهامات بعرقلة العملية السياسية. وأضاف: لكن هذا لا يعني بالضرورة نجاح التسوية السياسية المقترحة من دون إقدام الجميع على تقديم تنازلات متبادلة وكبيرة لإنجاح التسوية السياسية وتكوين حكومة توافق سياسي سوداني بقيادة مدنية.
صراع النخب
يقول المحلِّل السياسي، أحمد عابدين، في إفادة لـ(الصيحة) إرثنا السياسي هو من يعرقل فالسودانيون تعلموا من النخب الفاسدة الفاشلة صراع الحلقة المفرغة وتعلموا جيلاً ورا جيل. إن التناطح يبني وطناً ويسموا به بينما العكس وهم مدركين لذلك للأسف”.
وأضاف: “فكل هباتنا الثورية انتهت لتناطح حزبي وآيديولوجي فيختم ذلك العمل الجليل بشمولية عضوض وديكتاتورية ويبدو أنها في الطريق مرة أخرى.
وأشار عابدين منذ أربع سنوات، لم نغيِّر شيئاً مطلقاً، بل عدنا للوراء عشرات السنين .. فالأزمة السياسية بذات ملامح الماضي خنقت الاقتصاد وتدهورت المعيشة والخدمات والأمن، أضف إليها انحدار مخزي في السيادة وقرار البلد، وأضاف: فصرنا اليوم يدار أمرنا من سفارات الدول الأجنبية وبكل فخر يباهي الساسة بصورهم مع السفراء.
لافتاً النظر إلى أن الصراع الآن صار بين معسكرين أمريكي روسي وبينهما تدخلات مصر والإمارات والسعودية ووساطة مبتذلة تسمى الثلاثية ومرة الرباعية.
إرباك المشهد
ويقول أحمد عابدين: إن هذا (العك) يشجع العسكر على المضي في إثبات المؤكد أن القادة المدنيين غير جديرين بقيادة البلد، ثم أن هذه الجيوش المتعددة تربك المشهد وتنذر بحرب داخل الخرطوم وليس خارجها كما في السابق.
مؤكداً أن الإقصاء ولغة الانتقام وسلوك الاستعلاء أفرغت أهداف الثورة والتغيير بل أعدمتها وخلقت مساحات شاسعة بين الفرقاء وصعبت من مهمة التوافق، مشيراً إلى غياب الأحزاب الوطنية فإن القبيلة والعصبية والجهوية أصبحت تطل بأبشع صورها وهو مايحدث الآن.
ويرى عابدين إن الحل يكمن في أن تتوحد هذه الأجيال تحت ذات الشعارات النبيلة وتخوض معركة نزع قرار الدولة من المتصارعين ووضع حد للتدخلات الخارجية وإلزام القوى السياسية بتجهيز نفسها للانتخابات وخوض حوار هادئ مع المؤسسة العسكرية لنصل لنقطة مشتركة فيها يتنازل الجميع عن الغلو والتطرُّف وتسليم الفترة الانتقالية لكفاءات وطنية مستقلة تعيد دولة القانون وتجهز البلاد للانتخابات.