صلاح الدين عووضة يكتب : الشوارع تخون!
17ديسمبر 2022
خذوها مني..
واعتبروها كما يحلو لكم؛ نبوءة… قراءة… خطرفة… أي شيء..
فسوف يحدث انقلاب..
انقلاب عظيم؛ سيقلب مقولة شهيرة… راجت بيننا في الآونة الأخيرة..
وهي مقولة: الشوارع لا تخون..
لا أبداً؛ سوف تخون… من الآن فصاعداً ستخون خيانة عظمى..
ستخون الذين خانوا الثورة..
ثم خانوا دماء شهدائها… وتضحيات ثوارها… وآمال أبنائها..
وخانوا السواد الأعظم من شعب السودان..
ستخون… وتخون جداً؛ الشوارع..
هذه خاطرة نشرتها – على صفحتي بالفيس – أواخر نوفمبر الماضي..
وكالعادة لم يفهمها القطيع على وجهها الصحيح..
قطيع قحت… الذي سلم عقوله – هديةً – لعقل قادة قحت الجمعي..
وهو عقلٌ لا يهمه القطيع… ولا عقول أفراده..
كل الذي يهمه الكراسي وملحقاتها؛ من امتيازات… ومخصصات… وفارهات..
تماماً كعقول أتباع حزبٍ طائفي في زمانٍ مضى..
فمن هؤلاء الأتباع – شمالاً – من كان يتنازل عن بعض أرضه لزعيم الحزب..
ويظن أنه بذلك يتقرب إلى الله زلفى..
وذلك عبر التقرب إلى الزعيم هذا نفسه؛ فهو من نسل رسولنا الحبيب..
وذلك فضلاً عن هدية العقل ذاته..
ومثل ذلك كانت تفعل عقول أتباع الحزب الآخر..
الحزب الطائفي الثاني؛ فقط الهدية – هذه المرة – عقولاً دون أراضٍ..
فيُصيغ الزعيم إليه العقول هذه كيفما شاء..
فيجعلها تصدق حتى الخرافات – والخزعبلات – التي تأتي من تلقائه..
وسقطت حكومة قحت..
فحدث نوعٌ من التحالف بين الساقطين… واليساريين… والغاضبين..
ولم تدر عقول القطيع إلى من تتبَع..
أو من تتَّبِع؛ وتمخضت عن هذا الهرج – والمرج – عقولٌ ذات طفرة..
ولنسمها طفرة عقلانية… أو منطقية… أو حضارية..
هو شيءٌ مثل أسطورة تطور الإنسان من قرد؛ أو تطور القرد إلى إنسان..
فاستقلت العقول هذه عن أي راعٍ..
وطفقت تهيم في الشوارع بحثاً عن بديلٍ يتشكل من رحم سديمها هي..
ولكنها ما زالت غير ذات ملامح..
وغير ذات رؤى كذلك؛ ولا هدفٍ… ولا فكرٍ… ولا منطق..
وصار شعارها – من ثم – لا لكل شيء..
فهي ترفض كل شيء… وكل أحد؛ ولا تدري ما الذي تريده بالضبط..
محض إفرازٍ لحالة إحباط شديد..
ولكنه عقلٌ تحوّل من حالة التبعية إلى حالة البحث عن الذات..
بل عوضاً عن حالة كونه تابعاً أضحى متبوعاً..
تبعته قوى قحت… واليسار… والتجمع… وطائفة من الطائفتين..
فقد تبدّل الحال؛ وصار المتبوع تابعاً..
فهي تسعى إلى تسلق أكتافٍ من تحت هذه العقول تارة أخرى..
لعلها توصلها إلى ما أوصلتها إليه قبلاً..
أو إلى ما فقدته جراء غبائها… وفشلها… وأنانيتها… وتنكرها للتابعين..
ولا تدري أن هذه العقول استقلت عنها..
أو كفرت بها؛ وما عادت تصدق شعارات ظاهرها الإيثار… وباطنها الأثرة..
وهذا ما عنيناه بعبارة الشوارع تخون..
فهي ستخونهم؛ ولن تثور – إن ثارت – من أجل أن تجرب المجرب..
وبعد……………
هذه الكلمة نشرت جانباً منها قبل نحو عام..
وأنشرها اليوم – مع الإضافة – لأثبت أننا لا نكتب من فراغ..
بل الذين يعيشون في فراغ لا يقرأون..
وإن قرأوا لا يفهمون… وإن فهموا لا يعملون..
تماماً كما وصفت إسرائيل العرب – ساخرةً – من قبل..
وها هو الذي تنبأنا به يحدث الآن..
الشوارع تخون!.