“الاستجابة الإنسانية”.. عام مضى والحال على ما هو عليه
ثلث سكان السودان سيحتاجون إلى مساعدات في 2023
“الاستجابة الإنسانية”.. عام مضى والحال على ما هو عليه
تقرير- فرح أمبدة
أطلق المجتمع الإنساني في السودان اليوم الأربعاء، خطة الاستجابة الإنسانية للسودان لعام 2023 لتلبية الاحتياجات العاجلة والأكثر إلحاحًا لـ(12.5) مليون، هم الأشخاص الأكثر ضعفًا، وتسعى الأمم المتحدة والحكومة السودانية والمنظمات الإنسانية الشريكة، للحصول على مساهمات من المانحين بقيمة (1.7) مليار دولار أمريكي.
وحسب ما ورد فإن الاحتياجات الإنسانية في جميع أنحاء السودان بلغت، مستويات قياسية منذ الإجراءات العسكرية في 25 أكتوبر، من العام الماضي “مع وجود ضبابية حول كيفية مُضي عملية الانتقال لسودان جديد”.
ويقدِّر الشركاء الإنسانيين أن حوالي (15.8) مليون شخص بينهم “8.7 مليون، من الأطفال دون سن 18 عاماً” ما يعادل ثلث سكان السودان، سيحتاجون إلى مساعدات إنسانية في عام 2023. بزيادة قدرها (1.5) مليون شخص، مقارنة بعام 2022، وهي الأعلى منذ عقد من الزمان.
وحدَّدت الخطة أهم أربعة مخاطر تواجه السودانيين، راهناً، وخلال العام المقبل: هي الصراع، والكوارث المرتبطة بالمخاطر الطبيعية، وتفشي الأمراض، والتدهور الاقتصادي.
أجندات سياسية
وذكرت الخطة أن النزوح المطوَّل والجديد الناجم عن النزاع المحلي بين المجتمعات المحلية غالبًا ما يكون مدفوعًا بأجندات سياسية، ما يزيد من مخاطر وتهديدات حماية المدنيين، حيث ارتفع عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي بنحو (2) مليون مقارنة بالعام الماضي.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “إن خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2023 هي نتيجة مشاورات وجهود لإيجاد أفضل طريقة ممكنة لتلبية احتياجات الغذاء والمياه والصرف الصحي والصحة والحماية والتعليم والاحتياجات الأخرى لـ (12.5) مليون شخص، من الفئات الأشد ضعفاً، إضافة إلى ذلك، مضيفاً في بيان حدوث طفرات غير مسبوقة في انعدام الأمن الغذائي الحاد جراء الجفاف والأمطار غير المنتظمة، والتضخم المرتفع للأغذية والسلع الأخرى.
تمويل مبكِّر وسريع
وطلبت منسقة الشؤون الإنسانية في السودان، خاردياتا لو ندياي، في مؤتمر صحفي بمناسبة تدشين الخطة “قد في الخرطوم ظهر الأربعاء” من المانحين “التمويل المبكِّر والسريع لخطة الاستجابة وتوفير الاستجابة في الوقت المناسب لمختلف الأزمات” .
وقالت في ردها على أسئلة الصحافيين: ” بالنظر إلى ما يجري، لا نتوقع أن تتحسُّن الأوضاع في السودان وتكون بأفضل حال خلال العام المقبل، لكن لدينا أمل فيما إذا حدث استقرار سياسي والذي بالقطع سيؤدي إلى تحسُّن الأحوال وقد تتراجع أعداد المحتاجين مما هو عليه الوضع الآن”.
ونبَّهت المسؤولية الأممية، إلى زيادة مليون و(500) محتاج، عن العام الماضي، لكنها رفضت ربط تدهور الأوضاع الإنسانية في السودان بالتطورات السياسية التي جرت في البلاد منذ 21 أكتوبر 2021م، وقالت في الخصوص “مما لاشك فيه أن الأوضاع الإنسانية على مستوى العالم أثرت وتؤثر على الأوضاع في السودان بجانب الصدمات المناخية وموجات الجفاف والفيضانات “لكن لابد من الاعتراف بأن التحديات التي أمامنا لم تكن بهذا المستوى من قبل”.
وقدَّمت لو ندياي، الشكر لما أسمتهم بـ”نظرائنا الحكوميين والمانحين والشركاء” على دعمهم المستمر ومشاركتهم في العمل الإنساني في السودان، وأضافت: أحث الجهات المانحة السخية على تقديم تمويل مبكِّر وسريع لخطة الاستجابة الإنسانية لعام 2023 للسماح لنا بمواصلة العمليات الإنسانية وتوفير الاستجابة في الوقت المناسب لمختلف الأزمات.
تحديات متزايدة
الى ذلك، قال ممثل منتدى المنظمات الدولية غير الحكومية في السودان، دافينا جيفري: أن المنتدى وصل في العام الماضي، إلى أكثر من 13 مليون من السكان السودانيين المعرضين للخطر والنازحين واللاجئين، ما يشير الى ان المنظمات غير الحكومية الدولية تلعب دورًا أساسيًا في الاستجابة الإنسانية للعام 2023، مضيفا بانها مسؤولة عن تنفيذ ما يقرب من 50٪ من المشاريع التي تساهم في خطة الاستجابة الإنسانية خاصة في قطاعات الصحة والتعليم والحماية والمأوى والمواد غير الغذائية.
ونبه جيفري ” يعمل في المجلس الدنماركي للاجئين” الى أنه وفي مثل هذه الظروف، تواجه المنظمات غير الحكومية الدولية، التحديات المتزايدة في محاولاتها لدعم الخدمات الأساسية وتقديم المساعدة المنقذة للحياة في الوقت المناسب وبطريقة مبدئية.
تعهد حكومي
من جهتها تعهدت الحكومة السودانية، بتوفير البيئة اللازمة لتمكين المنظمات الإنسانية من القيام بعملها، وتذليل العقبات كافة التي تعترض عملها، وأعتبر مفوَّض العون الإنساني، نجم الدين موسى عبد الكريم ما تضمنته الخطة ناتج عن تقارير ذات مصداقية عالية، مشيراً إلى أن ظروفاً مركبة تمخَّض عنها الوضع الحالي في البلاد وذكر منها الظروف السياسية والاقتصادية “محلية ودولية” وتباطؤ الاقتصاد العالمي بسبب “كورونا” والحرب الأوكرانية، فضلاً عن الظروف المناخية والأمنية التي نتجت عن النزاعات في بعض مناطق السودان.
دوافع الاحتياجات
وأشار بيان صادر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الخرطوم إلى أن المنظمات الإنسانية العاملة في السودان وصلت خلال العام الجاري إلى (9.1) مليون، من الأشخاص الأكثر ضعفاً في جميع أنحاء البلاد من خلال شكل من أشكال المساعدة الإنسانية للمحتاجين.
وحدَّد البيان دوافع هذه الاحتياجات من النزوح المطوَّل والجديد الناجم عن النزاعات بين المجتمعات المحلية وتزايد الحاجة لحماية المدنيين من المخاطر والمهدِّدات الناجمة عن معدَّلات الإجرام وعدم استتباب الأمن في أجزاء من دارفور وغيرها من المناطق، فضلاً عن التدهور الاقتصادي والفيضانات والتفشي المستمر للأمراض ونوبات الجفاف والأمطار غير المنتظمة.
وأظهرت أحدث جولة تحقق قامت بها منظمة الهجرة الدولية إن هنالك (3.7) ملايين نازح في السودان، ويقدر الشركاء الانسانيون انه مع استمرار التحديات والعوامل المختلفة التي تدعن النزاعات والنزوح ، هنالك احتمالية لنزوح المزيد من المدنيين في عام 2023. وخلال عام 2022 نزح أكثر من (365) ألف شخص، بسبب الصراع والفيضانات وغالبية المحتاجين البالغ عددهم (15.8) مليون شخص، هم من النساء والأطفال ويمثل الأطفال أكثر من نصف المحتاجين، مشيراً إلى أن (11) مليون، من الأشخاص المحتاجين يعيشون في خطر بسبب الأزمة الإنسانية ويحتاجون للمساعدة الطارئة الآن، كما يحتاج (11.7) مليون شخص، إلى المساعدة الغذائية ودعم سبل العيش و(11) مليون، إلى خدمات المياه والصرف الصحي، و(10) ملايين، آخرين إلى الخدمات الطبية الإساسية بينما يحتاج (7) ملايين طفل، خارج المدرسة للتعليم، وارتفع عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي بنحو (2) مليون، مقارنة بالعام الماضي.
ويتركز 50% من الاشخاص المحتاجين في المناطق المتضررة من النزاعات، وتوجد نسبة 50% في مناطق غير متاثرة بالنزاع فى الأجزاء الشمالية والوسطى والشرقية من البلاد، عكس ما هو كائن في السابق، ففي عام 2018، كان هناك 74% من المحتاجين في مناطق النزاع : دارفور وكردفان والنيل الأزرق.
تحديات وعوائق
وتشتكي المنظمات الإنسانية من تحديات بسبب العوائق الإدارية والبيروقراطية وعوائق تتسبب في تأخير وصول المساعدات الإنسانية في جميع أنحاء البلاد في الوقت المناسب، وذكر تقرير سابق عن الشؤون الإنسانية أن العاملين في المجال الإنساني يتعين عليهم -أحياناً- الانتظار حوالي ثلاثة أيام، عمل للحصول على تصاريح السفر.
وجاء في التقرير “قد أدى تدهور الوضع الأمني بسبب بيئة الصراع، وانعدام الأمن العام المقترن بالأزمة الاقتصادية والكوارث الطبيعية والنزوح المستمر والقيود المفروضة على إيصال المساعدات إلى إنهاك قدرة المؤسسات الحكومية المحلية، ووكالات الإغاثة، والأسر والمجتمعات المحلية على توفير الوقاية والرعاية للمتضررين والسكان الصعفاء لا سيما النساء والأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة”.
جيل مهدَّد
وفي تزامن مع إعلان خطة العام 2023، أطلقت الأمم المتحدة تحذيراً بشأن وضع تعليم الأطفال في السودان وما آل إليه في ظل عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي تمر به البلاد، التحذير الجديد، صدر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) بالاشتراك مع منظمة “أنقذوا الأطفال”، حيث ذكر بأن حوالي سبعة ملايين طفل، في السودان، أو ما يعادل ثلث الأطفال السودانيين، لا يتلقون تعليماً، الأمر الذي قد يهدِّد جيلاً كاملاً.
وقالت اليونسيف في بيان: إن واحد من كل ثلاثة أطفال في سن الدراسة لا يذهبون إلى المدرسة في السودان، وأن دراسة (12) مليون طفل، آخرين ستتعرقل بشكل كبير بسبب نقص المعلمين ووضع البُنى التحتية.
وتقول الأمم المتحدة: إن عدم الاستقرار السياسي في السودان وجائحة “كورونا” تسببا في إغلاق المدارس لفترة طويلة، ما أدى إلى تعطيل تعليم أكثر من (8) ملايين طفل، سوداني، منذ عام 2019، فضلاً عن تفاقم الوضع بالنسبة لـ (3.6) ملايين طفل، غير ملتحقين بالمدارس، وخاصة أولئك الذين يعيشون في ظل النزاعات والأزمات.
تدفقات اللاجئين
ومع الازمات الداخلية المستفحلة يستمر السودان في استقبال تدفقات اللاجئين من الدول المجاورة، ولا سيما جنوب السودان وإثيوبيا وإريتريا، وتقول الامم المتحدة: إن عدد اللاجئين في السودان والذين يتلقون المساعدات بانتظام أكثر من 550,000 لاجئ، وفي العام الحالي وحده، وصل حوالي 30,000 لاجئ من جمهورية جنوب السودان كما استمر وصول اللاجئين الإثيوبيين إلى شرق البلاد، ومنذ بدء الأزمة في شمال إثيوبيا في نوفمبر 2020 عبر الى داخل الاراضي السودانية نحو 59,500 شخص .
ونبه التقرير الى انه وبسبب النقص الحاد في التمويل اضطر برنامج الغذاء العالمي في السودان إلى قطع حصص الإعاشة عن اللاجئين في جميع أنحاء البلاد، وكان البرنامج يساعد بانتظام أكثر من 550,000 لاجئ في السودان. وابتداءً من شهر يوليو لم يتلق اللاجئون سوى نصف سلة غذائية عادية على أساس عيني أو نقدي.