عماد عبد الرحيم المعروف بعماد الكاشف .. واحد من الأصوات التي احتلت مكاناً مرموقاً في عالم الغناء.. صاحب صوت شجي يحتشد بعصافير الطرب .. يمتاز بقدرات أدائية غير عادية .. تربّع على عرش النجومية وكان في يوم ما واحدا من أكثر الفنانين طلباً في الحفلات الجماهيرية والخاصة .. ولكن عماد الكاشف برغم جدية تجربته الغنائية وقوة طرحها اختفى عن الساحة الفنية في الفترة السابقة ولم يعد بذات الألق القديم .. (الحوش الوسيع) جلست مع عماد الكاشف لتقرأ في تجربته وهي محاولة لتفكيك أسباب غيابه الذي طال واستطال .. وفي هذا الجزء الأول من حواري معه أتوقّف معه في بعض المحطات المهمة من حياته.
حوار: سراج الدين مصطفى
أرجو أن تحدثنا عن بداياتك الفنية؟
البداية الفنية عادة ما تظهر في المراحل الدراسية الأولى من حياة الفنان .. وبالضرورة يجب أن يعي الإنسان موهبته ويدركها .. وتلك الموهبة الباكرة بالطبع لها إشارات يلمحها من له علاقة بالموسيقى في من حولك .. ومن هؤلاء الناس مولانا مصطفى محمد الحسن وهو الذي نصحني بالغناء بعد أن اكتشف حجم موهبتي الفنية في ذلك الوقت.
من هم المطربون الذين شكّلوا وجدانك الغنائي؟
كنت أغني لمجموعة من المطربين الكبار وهم الذين شكّلوا وجداني الفني في البدايات .. ويجب أن نتوقف في تجارب مثل الراحل عبد العزيز محمد داؤود الذي يمتلك قدرات أدائية وصوتية نادرة واعتبره الفنان الذي شكل جزءا حميما من تجربتي .. ولعلي لا استطيع تجاوز الفنان المدرسة ابراهيم الكاشف الذي غير ملامح الغناء السوداني وليس تجربتي فحسب.
الموسيقار عبد الفتاح الله جابو في تجربة عماد الكاشف؟
في تلك الفترة التقيت بالأستاذ الكبير والموسيقار عبد الفتاح الله جابو .. وهذا الرجل محطة مهمة في تاريخ الموسيقى والغناء في السودان .. وهو رقم يصعب تجاوزه .. قدم الكثير من المطربين وما زال حتى هذه اللحظة يقدم لهذا البلد .. نسأل الله تعالى له العافية والصحة حتى يقدم المزيد لطلابه واعتبر نفسي واحداً من طلابه ومازال هذا المبدع يقدم لي النصائح ويمنحنا عصير تجاربه.
يبدو أنه يعني لك الكثير؟
الموسيقار الكبير عبد الفتاح الله جابو يعني لي الكثير .. فهو يا صديقي سراج يعتبر بمثابة الوالد بالنسبة لي واعتبر نفسي واحدا من أبنائه واعتز بذلك .. لذلك تجدني أكن له تقديراً خاصا ومحبة خالصة .. فهو علم من أعلام الموسيقى في العالم كله وليس السودان والتاريخ الغنائي السوداني يشهد بذلك.
في عز توهجك ونجوميتك لماذا غادرت للسعودية؟
غادرت للسعودية لظروف يعلمها الجميع .. حيث كان الفنان وقتها لا يجد التقدير في فترة التسعينيات .. وهي الفترة التي هاجر فيها معظم المبدعين الذين تم تضييق الخناق عليهم وأصبحت الساحة الفنية طاردة ولا تسع الإبداع والمبدعين، لذلك هاجرت.
ولكنه كان قراراً خاطئاً؟
بالطبع كان قراراً خاطئاً وغير محسوب أو مدروس، وساهم قرار الهجرة للسعودية في تغييب تجربتي الفنية .. ولكن دعني أقول بأن معظم التجارب الفنية غَابت وليست تجربة عماد الكاشف وحدها .. والساحة الفنية أصبحت لا تسع لأصحاب التجارب الجادة ولكنها تفتح أبوابها لكل مستسهل وعادي ورخيص.
ترديدك لأغنيات الكاشف حجب وصول أغنياتك؟
ما يُقال ليس سليما.. لأن تجربتي مع أداء أغنيات الكاشف كانت إضافة في تجربتي لأنني كنت أنهل من معين الكاشف الذي شرب منه كل الفنانين .. ولكن يجب أن أقول بأن المستمع السوداني والأجهزة الإعلامية تصر مع سبق الاصرار والترصد على اجترار القديم ولكنها لا تبحث عن الغناء الخاص.
هل لديك أغنيات خاصة في الأجهزة الإعلامية؟
بالتأكيد .. لديّ العديد من الأغنيات الخاصة .. وهي أغنيات اعتز بها لأنها جمعتني بموسيقيين كبار أمثال الموسيقار الكبير عبد الفتاح الله جابو الذي قدم لي العديد من الأغنيات وهو نفسه قدمني للموسيقار الكبير حسن بابكر الذي منحني الكثير من الأغنيات، وكذلك الملحن عبود وغيرهم .. كل تلك الأغاني الخاصة لا تجد حظها من البث .. وأرجو أن توجه سؤالك لهم!!
برأيك لماذا تتعامل الأجهزة الإعلامية بهذا النهج؟
الأجهزة الإعلامية في الأصل هي بلا نهج أو منهج .. وتقوم فكرتها على الظلم والعلاقات الشخصية وليس هنالك عدالة في توزيع الفرص .. فكل من يجلس الساعات الطوال في مكاتب المسؤولين في تلك الأجهزة يجد حظه .. ليس لأنه مقتدر ولكن لحسابات أخرى نعلمها وهم يعلمونها .. واذا كان الظهور في تلك الأجهزة يخلق فناناً لتركنا الفن .. ولكن لن نتركه لأجلهم لأننا أصحاب قضية فنية ونبحث عن الغناء الجاد والهادف.