“كرسي الحكومة”.. من يضع المعايير؟!
“كرسي الحكومة”.. من يضع المعايير؟!
الخرطوم- صلاح مختار
تشير بعض الدراسات إلى أن من أهم الصفات الواجب توفرها في رئيس الوزراء – أي رئيس وزراء – أن يحافظ على مصداقية أخلاقية معينة قابلة للتطبيق: لأن من لا يلتزم بمعايير أخلاقية معينة، لا يمكنه أن يطلب من وزرائه الالتزام بها، بحيث يكون له القدرة على تحمل النقد، لأنه لا يمكن لرئيس وزراء في موقع هرم المسؤولية أن لا يتحمَّل استماع نصيحة أو تصحيح خطأ، وأن يكون في موقع رئيس الوزراء أو الوزير الأول كما يقال. وكذلك القدرة على التخطيط ورسم الاستراتيجيات، وأن يفكر أكثر وأعمق وبشكل مبتكر. وبالتالي رئيس الوزراء هو من يوزع الأدوار ويضع التكتيك ويحدِّد الأهداف لمجلس الوزراء. ومن أهم المواصفات التي يجب أن تتوفر برئيس الوزراء: الجرأة على اتخاذ القرارات الصعبة, وأن يكون مستمعاً جيِّداً, ويجب ألا يغيب الجانب الإنساني عن الرئيس, والعفوية وعدم التصنع, والتمتع بموهبة التنظيم, وعدم الخوف من ارتكاب بعض الأخطاء, وأن يكون مستعداً لتقبل أخطاء الوزراء.
تقاليد عريقة
ورغم تلك المعايير لا يمكن القول إن هناك معايير وتقاليد عريقة وثابتة لاختيار أهم المناصب المسؤولة عن إدارة شؤون الدول داخلياً وخارجياً سواءً الرئيس أو أعضاء مجلس الوزراء، إذ تفاوتت المعايير لاعتبارات تارة محلية وخارجية وتارة معايير أخرى وبنسب متفاوتة. ولذلك ذكر عضو المكتب التنفيذي لائتلاف الحرية والتغيير الأمين السياسي لحزب الأمة القومي الواثق البرير لـ(الانتباهة): إن قوى الإعلان السياسي الآن في مرحلة مناقشة معايير رئيس الوزراء وليس اختياره . وبالتالي نفى الدفع بأي مرشح -حالياً- لمنصب رئيس الوزراء أو اختيار أي من الشخصيات التي رشحت، وبيَّن أن ترشيحات رئيس الوزراء ستتم عقب تجاوز مرحلة وضع المعايير.
أسس أخلاقية
ولأن ثورة ديسمبر وضعت أسساً أخلاقية وقيمية للممارسة السياسية القائمة على تقديم مصلحة الوطن على المصالح الشخصية, فإن خبراء كثيرون يؤكدون على أهمية وضرورة استصحاب تلك القيم التي أرستها الثورة في وضع المعايير الخاصة لمنصب رئيس الوزراء, ورغم أن البعض يرى بأن الحديث عن الخلفية السياسية أو الحزبية في المعايير غير ذات جدوى إلا أن الإلمام به غير ضار باعتبار أن من الصعوبة إيجاد شخص لا ينتمي سياسياً. وأكد القانوني والمحلِّل السياسي بارود صندل لـ(الصيحة) أن المعايير الموضوعية لمنصب رئيس الوزراء كثيرة ولكنها أهم حاجة فيها أن يكون شخصية مستقلة ليس لديه انتماء سياسي صارخ، وهي مسألة مهمة جداً, بجانب ذلك على الأقل لديه خبرة في مجال العمل العام, لأنه لايمكن لشخصية أكاديمية دون خبرة تأتي به لتولي موقع العمل العام أو تكنوقراط على الأقل يكون لديه خبرة في مجال العمل العام ومعرفة بالذي يدور في السودان وبعد ذلك يمكن تطبيق تلك المعايير على الشخصيات الموجودة إذا كان هنالك من تنطبق عليهم تلك المعايير.
انتماء سياسي
ولا يرى صندل أي غضاضة في المعايير الموضوعة أن يكون له انتماء حزبي أو فكري، ولكن شريطة أن لا يكون هذا الانتماء صارخ لجهة أن السودان من الصعوبة إيجاد شخصية ليست لديه انتماء فكري أو حزبي, قائلاً: لذلك نحن لسنا حريصين كثيراً بمسألة الانتماء السياسي والفكري، لكن شريطة أن لا يكون شخصاً فاعلاً في حزب سياسي، لكن هذا معيار موضوعي بجانب ذلك خبرته العملية في العمل العام والشخصية وهو أمر مهم لأنك في بعض المرات تأتي بشخص لا يستطيع إدارة أي شخص أو يتخذ قراراً، ولذلك من المهم أن يجلس الجميع في اختيار المعايير للموقع أو الكرسي ثم يتم تطبيق تلك المعايير على المرشحين والأوفر حظاً من بين المرشحين.
كلام مكتوب
البعض يرى أن لثورة ديسمبر إسقاطات في وضع المعايير، ولكن صندل يقول هنالك كلام مكتوب بأن يكون واحدة من المعايير أن يكون مؤمناً بثورة ديسمبر متسائلاً هل هنالك سوداني غير مؤمن بالثورة؟ وأضاف هناك أشياء غير موضوعية يشار إليها في سياق الحديث عن المعايير, ولكن يمكن للمرشح أن يكون لديه مساهمات في الثورة أو لديه رأي إيجابي قبل أو بعد الثورة وغير ذلك يمكن أن تصبح واحدة من المعايير.
آلية الاختيار
سبق أن وُضِعَت (4) معايير أساسية في اختيار حكومة حمدوك وهي الكفاءة، وتمثيل الأقاليم، والتمثيل العادل للنساء، وتمثيل الشباب، وذلك من أجل تحقيق 4 أهداف رئيسة للحكومة. ولكن المحلِّل السياسي عمر عبد العزيز، يرى على الحكومة أن توضح الآلية والمعايير التي ستختار بها، وأن الاختيار على الانتماء الجغرافي الغرض منه الموازنة. وأن هذا المعيار ليس به إشكال، لأنه ستقدم أكثر من قائمة أسماء إلى رئيس مجلس الوزراء ومن ثم يختار من يمثل الوزارة بشرط الكفاءة والاستقلالية غير الحزبية، لأنه إلى الآن لا يوجد مجلس تشريعي ولا حاضنة تمثل الولايات لعملية الاختيار .
معايير ضعيفة
فيما قال رئيس مكتب حركة العدل والمساواة بإسرائيل زكريا عثمان: إن النظام البائد كان يعتمد في اختيار الوزراء على معايير ضعيفة جداً تتمثل في العلاقات الشخصية والمجاملات وأهل الثقة وهذا ما تعودت عليه البلاد وأن هذا المعيار هو الذي تسبب في كثير من المشاكل وأصبح الشعب هو من يدفع الثمن، وقال لـ(اليوم التالي): أما الآن بعد ثورة ديسمبر اختلفت الأوضاع تماماً، ويجب مراعاة في الاختيار رغبة الشارع الذي أصبح واعياً لكل القرارات لذلك لابد من تحديد المعايير والآلية التي يتم بها اختيار الوزراء، وهناك عدة معايير للاختيار أهمها الكفاءة، القدرة، الخبرات، الإنجازات، والتاريخ بجانب النزاهة وعفه اليد، وليس هنالك حرج في الاختيار على التمثيل الفئوي والانتماء الجفرافي، وهذا يؤدي إلى تلاشي الاختلال في السلطة والانتماء الجغرافي به بعض من الموازنات ربما تصبح مقبولة لدى الشارع السوداني.