مبادرة الحسن الميرغني.. هل تفلح في تقريب وجهات النظر أم تهزمها خلافات الحوش؟
مبادرة الحسن الميرغني.. هل تفلح في تقريب وجهات النظر أم تهزمها خلافات الحوش؟
الخرطوم- نجدة بشارة
منذ الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي، مازالت المبادرات الرامية لإيجاد حل للأزمة بين مكوِّنات الطبقة السياسية، تتعدد وتتكاثر في محاولات مستمرة للبحث عن حلول لانسداد الأفق تعيد البلاد إلى المسار الديموقراطي.
وعلى خطى المبادرة الأممية، ومبادرة الجد ودبدر، و مبادرة الشيخ كدباس، وغيرها .
أعلن الحزب الاتحادي الديموقراطي الأصل بقيادة محمد الحسن الميرغني، عن مبادرة لتوسعة قاعدة الاتفاق السياسي الإطاري.
وقال بيان للمتحدث باسم الحزب هاشم عمر: إن تحرُّكات الحسن تصب في اتجاه”توسيع قاعدة الاتفاق السياسي الإطاري، ودعم الانتقال المدني الديموقراطي، في اتجاه التوافق الوطني العريض واستقرار الفترة الانتقالية”.
وحثَّ هاشم عمر القوى السياسية للالتحاق بالاتفاق، ووصفه بالضامن للأمن والاستقرار وإعادة الدعم الدولي.
وقال: إن المرحلة الحالية تتطلب: “تغليب المصلحة الوطنية، والتسامي على الأنانية والذاتية”.
هل تُهزم من داخل الحوش؟
بالنظر للمشهد السياسي عن قرب نرى أن الأزمة الحالية ومآلاتها، وبعد التوقيع على الاتفاق الإطاري بين الحرية والتغيير والعسكريين، أصبح الوضع ليس بحاجة لمبادرات جديدة، بل لجهود لتوحيد القوى السياسية المعارضة والرافضة على الحد المناسب للتوافق وكيفية تهيئة المناخ لإجراء حوار مباشر بينهما للخروج بمقترحات لحل الأزمة.
ويعتقد مراقبون على أن نجاح مبادرة الحسن الميرغني يقف على قدرتها في إقناع الأطراف السياسية الرافضة حولها وهذا الأمر إذا توفر للمبادرة يمكن أن تفلح في حل الأزمة، ويمكن القول إن المبادرة يمكن أن تحقق نجاحاً في حال جمعت الأطراف جميعهم إلى اتفاق لحل الأزمة السياسية في البلاد.
لكنهم ألمحوا إلى أن المبادرة ربما تُهزم من داخل حوش الميرغني لجهة الخلافات بين السيدين جعفر والحسن، بعد تباين آرائهما حيال الأزمة السياسية التي يعاني منها السودان، حيث يؤيد الأخير الدستور الانتقالي الذي أعده محامون موالون للحرية والتغيير، بينما يتحالف جعفر مع مجموعة التوافق الوطني المؤيدة للبرهان.
ومؤخراً قرَّر الحزب الاتحادي الديموقراطي الأصل الأحد، تجميد عضوية رئيس قطاع التنظيم محمد الحسن الميرغني، متهماً إياه بارتكاب مخالفات تنظيمية.
تقريب وجهات النظر
في السياق قال هيثم عبد الله السكرتير العام للحزب الاتحادي الموحد لـ(الصيحة): إن إطلاق الحسن الميرغني لمبادرة لتوحيد جبهة وطنية عريضة، عبر حث المكوِّنات الوطنية الحقيقية تعتبر مشروع مرحلي مهم، وإضافة للفصيل السياسي الداعم لخط التوافق الشامل، ويساهم في إخراج القوى السياسية من التشاكس والتناحر، إلى دائرة الفعل الإيجابي واسترداد الدولة المدنية، إضافة إلى معالجة القضايا العالقة مثل معاش الناس والاقتصاد، إضافة إلى التحديات الأمنية الناتجة من سيطرة بواقي الفلول النظام السابق على مفاصل البلاد.
وقال حسب وجهة نظري: إن هذه المبادرة ممتازة..وسوف تكون إضافة سياسية قد تساهم في تقريب وجهات نظر القوى المعارضة .
وفيما يتعلق بتأثير خلافات حوش الميرغني، على مبادرة الحسن يرى عبد الله، أن دعوة مولانا الحسن صريحة وصحيحة في اتجاه توحيد الجبهة الوطنية، وتوسعة المشاركة السياسية، وخطوة ممتازة يمكن أن تصيب مرمى التوافق.
وقال: نحن في الحزب الاتحادي”الموحد” نناشد بدورنا القوى الوطنية الرافضة والممانعة للاتفاق الإطاري، والقوى المدنية كافة إلى النظر إلى مصلحة الوطن وترك المصالح الحزبية الضيقة وأن تتسامى لديهم قضية البلاد، وزاد: “الوطن يعلى ولا يعلى عليه “.
ليست الأولى
ولعل مبادرة مولانا محمد الحسن الميرغني، لم تكن الأولى حيث سبق وطرح مبادرة بذات المضمون للوفاق الوطني في أغسطس العام الماضي، ودعم المبادرة بلقاءات مع المكوِّنات السياسية ومعرفة آرائهم.
حول أهمية التكاتف في المرحلة الانتقالية وصولاً إلى انتخابات حرة، الاتحادي وأشار في حينها إلى أن هناك آمال كبيرة على تحقيق مرحلة الوفاق الوطني باعتبارها مرحلة جديدة يقودها الحزب من أجل مصلحة السودان.
دعم وتأييد
من جانبه رأى الكاتب مصطفى البخيت، أن السيد الحسن الميرغني، منذ عودته للبلاد دخل فى اجتماعات ولقاءات مستمرة، شملت لقاء الآلية الثلاثية، والذي أكد فيه على دعم ومساندة الحزب الاتحادي الديموقراطي الأصل لجهود الآلية ممثلة في بعثة الأمم المتحدة برئاسة مبعوثها فولكر بيرتس، والاتحاد الأفريقي والإيغاد، إضاقة إلى جهود الرباعية الدولية أمريكا وبريطانيا والسعودية والإمارات، لإيجاد مخرج سريع وآمن للأزمة السودانية، كما جدَّد دعم الحزب الاتحادي لمسودة مشروع الدستور الانتقالي المقترح من لجنة المحامين، كأساس للتفاوض على أن يكون الباب مفتوحاً للمقترحات والملاحظات كافة التي تطوِّر المقترح باعتبار أنه حظي بتأييد أكبر الأحزاب والقوى السياسية السودانية الرئيسة، وكما أكد على استعداد حزبه للعب دور إيجابي في إقناع الممانعين بضرورة تجاوز المرارات الشخصية لصالح الوطن والمواطن، والعمل على قيام فترة انتقالية قصيرة تقود البلاد لانتخابات حرة ونزيهة يقول فيها الشعب كلمته وينتخب من يحكمه.
ورأى أن مبادرته قديمة مستحدثة، لجهة أنه طوال الفترة السابقة التي أعقبت التغيير الذي حدث بالبلاد بعد ثورة ديسمبر المجيدة، ظل يدعم مبادرة والده مولانا السيد محمد عثمان الميرغني، رئيس الحزب الاتحادي الديموقراطي الأصل للوفاق الوطني الشامل، ويقدِّم المبادرة تلو المبادرة والتي تدعو جميعها السودانيين للجلوس للحوار الوطني الشامل بعيداً عن المصالح الحزبية والشخصية الضيِّقة، وصولاً للتوافق الوطني، داعياً إلى وضع مصلحة البلاد فوق كل شئ حرصاً استقرار السودان .
وقال البخيت: ندعم ونؤيد المبادرة والخطوة الجريئة التي يقودها الحسن، لأننا في هذه المرحلة في حاجة ماسة وعاجلة للحكماء وصوت العقل لتجنيب بلادنا الخراب والدمار والانهيار، وكنا ندعو باستمرار الجميع للجلوس لمائدة الحوار الوطني من أجل الوصول لتسوية سياسية تعيد ترتيب المشهد السياسي المحتقن في البلاد والذي ينذر بانفجار الأوضاع في أي لحظة، في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيش فيها البلاد والوضع المعيشي الصعب الذي يعاني منه المواطن، والوضع الأمني المتردي وتنامي الصراع القبلي والجهوي بصورة متسارعة ومخيفة .