(1)
المذيعة نسرين النمر نموذج حقيقي لتفوق الصحفي في مجال الإعداد والتقديم البرامجي .. وبروزها بهذا الشكل المثير للدهشة يؤكد على انها استفادت من الصحافة في التقديم والقدرة على إدارة حوار عميق يحتشد بالرؤية والأسئلة الساخنة.. أصبح النضج أكثر وضوحاً في تجربتها مع التقديم البرامجي .. فهي تطاولت على كل الأشكال العادية في الطرح البرامجي .. ولعلها الآن الأميز ما بين المذيعات السودانيات إن لم تكن الأفضل بمطلق الكلمة..
مواصفات علمية:
الكلام أعلاه لم نقله جزافاً ولكنه يستند على واقع علمي بحت وليس كلاماً عاطفياً.. فهي أولاً تتمتع بالشكل المقبول، وصفاتها الشكلية في منتهى القبول والجمال السوداني.. وتتميز كذلك بصوت واضح وجهور، لا سيما في مخارج الحروف، وتتمتع بحسن الإلقاء والإصغاء وتعرف اللحظة التي تقاطع فيها ضيفها بلا خلل، كما أنها متقنة تماماً لقواعد اللغة العربية السليمة والقدرة على المزاوجة ما بين اللغة العربية والدارجية السودانية، كل في موضعه.. كما أنها صاحبة بديهة سريعة تمكنها من تلافي الأخطاء وأخطاء الضيوف وتتخلص من المواقف المحرجة.
مذيعة نموذجية:
والذي لا شك فيه أنها مذيعة واسعة الثقافة والاطلاع وتستطيع إدارة دفة الحوار ونطق أسماء الأشخاص والأماكن.. ويتمظهر فيها كمذيعة ناضجة.. انها واسعة الحلم ، صبورة ، متأنية، لا سيما في إدارة الحوار وعلى الضيوف.. كل تلك المكونات والصفات جعلت منها مذيعة نموذجية ويمكن القول بانها مذيعة (ستاندر) يمكن القياس عليها.
(2)
الفنان العظيم عثمان حسين.. كانت تنسج حول أغنياته العديد من القصص والأساطير .. ولعل أطرفها أن (الجن) يلحن له أغنياته .. وهذا النوع من النسج الخيالي وغير الواقعي.. لو قمنا بتغيير زاوية الرؤية نجد فيه الكثير من التقدير والمحبة لعثمان حسين.. رغم إنه يتسم بالمبالغة.. ولكن لأن الألحان التي ألبسها لأغنياته هي بالفعل تعبر عن عبقرية لحنية خارقة .. لا تنتمي إلا للجن والجنون .. فكل أغنية عند عثمان حسين هي تجربة لحنية وشعورية مختلفة.. وأغنياته من حيث الصياغة اللحنية لا تتشابه .. فهو ظل يتفوّق على نفسه في كل اغنية.. يضع بصمة ولونية مغايرة.
تجربة عثمان حسين في عمومياتها وجدت التقدير .. وصنفته كواحد من رموز التجديد في الأغنية السودانية من حيث المحتوى اللحني والمضمون الشعري والشعوري .. ولعله يعتبر رائد ومؤسس مدرسة الشجن في الأغنية السودانية رفقة صنوه حسين بازرعة .. ورغم ذلك السكب الوجداني الدافق .. قد تجد إنساناً لا يحب أغنيات عثمان _ وذلك حقه بالطبع _ ولكن ذات ذلك الإنسان تجده (يحترم) التجربة رغم عدم انحيازه لها.
شخصياً أضع لعثمان حسين تقديرا خاصا ليس كمغن فحسب .. بل (كإنسان محترم)، ويعتبر عندي نموذجا يحتذى في احترام النفس والآخرين .. فهو حينما شعر بأن صوته ليست على ما يرام وفقد الكثير من جمالياته .. توقف الرجل عن الغناء ليحتفظ بتاريخه الجمالي عند الشعب السوداني .. ذلك هو عثمان حسين الذي قدم محراب النيل .. شجن .. قصتنا .. ليالي الخريف .. الوكر المهجور .. خاطرك الغالي .. عشرة الأيام .. أوعديني وكيف لا أعشق جمالك وغيرها من الروائع الخالدة في وجدان الشعب السوداني.
(3)
بدأ الأستاذ خضر بشير الغناء في العام 19 وعاصر كرومة وسرور وتغنى مع الفنان إبراهيم شمبات قبل أن يكون ثنائيا مع الفنان عوض شمبات، وكان يغني أغاني حقيبة الفن بأسلوبه الخاص وذلك بإضافة لونيته وطريقته الغنائية ، وهو ما أسميه جامعة خضر بشير في الغناء والأداء.. الأستاذ خضر بشير في فترة الحقيبة لم يكن يلتزم بأسلوب أدائها وكان يغنيها بطريقة سابقة ومتقدمة على ذلك الشكل وحينما ظهرت الآلات الموسيقية واكب معها لذلك تجد أداء خضر بشير مرتبطاً بشكل وثيق مع شكل الألحان والتأليف الموسيقي لأغنياته وهو حتى إذا تغنى بأي أغنية من الحقيبة أو التراث كان يضيف لها ومثال لذلك أغنية “برضي ليك المولى البوالي”.. وألحان خضر بشير يمكن أن تغنيها بمجموعة موسيقية أو أورغن فقط أو بفرقة جاز وهي قابلة لكل أشكال التنفيذ الموسيقي والإضافات لأنها ألحان يمكن أن نسميها السهل الممتنع، فيه سعة وخيال بقدر المساحات التي في صوته.. وهو يرى نفسه أفضل من كرومة وكان يعرف قدر نفسه جيداً.