الخرطوم- سارة إبراهيم
يشارك السودان في أعمال القمة العربية الصينية التي تقام بعاصمة المملكة العربية السعودية الرياض اليوم، بمشاركة عدد من القادة والزعماء العرب والرئيس الصيني شي جين بينج.
وتبحث القمة أزمات الطاقة، الغذاء، الحرب الروسية الأوكرانية وإيجاد سبل لتعزيز التنمية المشتركة ضمن مبادرة التنمية العالمية، التي أطلقها الرئيس الصيني بعد مبادرة (الحزام والطريق).
حيث غادر رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، لحضور القمة العربية الصينية، بالمملكة العربية السعودية.
وشدَّد خبراء تحدثوا إلى (الصيحة) على أهمية أن يكون للسودان رؤية واضحة ومشروعات محدَّدة يقدمها لهذه القمة لانزال التعاون العربي الصيني لأرض الواقع.
السودان البلد الأخضر
وقال الخبير الاقتصادي د. عادل عبد العزيز الفكي، بتقديري أن المشروعات التي ينبغي تقديمها للقمة العربية الصينية كثيرة، حيث تتوفر لدينا في الوقت الحالي فرصة كبرى لاستغلال مواردنا الضخمة في القطاع الزراعي، في ظل ظروف دولية مواتية للغاية، حيث تمثل أزمة الغذاء العالمية، والتغييرات المناخية، والحرب الروسية الأوكرانية فرصة لبلادنا لن تتكرر.
وأضاف: يمكن الاتفاق على دخول الشركات الصينية في المشروع من خلال مبادرة الأمن الغذائي العربي، التي وافقت عليها القمم العربية، وتتابع تنفيذها جامعة الدول العربية.
وذكر أن الوثائق التي تم نشرها عن مبادرة الأمن الغذائي العربي المجازة يتم فيها استهداف السودان في سبع قطاعات من الأحد عشر قطاعاً، المكوِّنة للمبادرة، هذه القطاعات تشمل: مشروع التوسع في زراعة الذرة الشامية للاستخدام العلفي، مشروع التوسع في زراعة الذرة الشامية للاستخدام الغذائي، مشروع التوسع في زراعة الذرة الرفيعة والدخن كبديل محل الذرة الشامية كغذاء، والتوسع فيهما كغذاء للأبقار للذبيح، والتوسع فيهما كعلف للدواجن، مشروع التوسع في زراعة زهرة الشمس، مشروع التوسع في زراعة فول الصويا.
وأوضح أن جملة الاستثمارات المطلوبة للمشروعات التي ينتظر تنفيذها في السودان تبلغ (41) مليار دولار، من جملة الاستثمارات المطلوبة للأحد عشر مشروعاً، وهي (77) مليار دولار. وهذا نصيب كبير ومقدر علينا أن نستعد له ونكون قدر التحدي.
الشراكة العربية الصينية بالنسبة للمشروعات الزراعية في السودان تتمثل أولوياتها في: تحسين نظم الري بمشروعي الجزيرة والرهد، وإنشاء سدود كجبار والشريك ودال، واستصلاح وزراعة مليون فدان في أعالي نهري عطبرة وستيت، ومليون فدان في وادي الهواد، وإنشاء محطة توليد غازي عملاقة بطاقة ألف ميقا واط، بولاية البحر الأحمر، مع تأهيل الميناء والسكة حديد لاستقبال حجم كبير من الصادرات الزراعية.
تحسين نظم الري بمشروعي الجزيرة والرهد سيمكن من أحداث طفرة هائلة في إنتاج الذرة الشامية والفول السوداني وفول الصويا والذرة، وستوفر السدود الثلاثة الطاقة الكهربية اللازمة لري مساحات هائلة بولايتي الشمالية ونهر النيل تخصص لزراعة القمح، فيما تخصص المليون فدان بأعالي نهري عطبرة وستيت لزراعة الخضر وتربية الحيوان، وتوفر المحطة الغازية العملاقة ببورتسودان الطاقة اللازمة لعمل الميناء، ولتشغيل مخازن تبريد وتجميد كبرى للمنتجات الغذائية بالميناء الرئيس.
وهكذا تتكامل مكوِّنات مشروع عملاق، بمشاركة عربية صينية يمكن أن يشكل أساساً لنهضة البلاد، من خلال صادرات غذائية لدول الخليج وللصين بقيمة 25 مليار دولار، في السنة في بداية المشروع.
الضغوط الغربية
ومن جانبه أشار الخبير الاقتصادي هيثم فتحي، في حديثه لـ(الصيحة) إلى قفز الميزان التجاري بين الدول العربية والصين من (36.7) مليار دولار، في نهاية عام 2004 إلى 330 مليار دولار، بنهاية عام 2021 بزيادة قدرها (37%) وأن العرب ظلوا شركاء رئيسيين للصين في مجال الطاقة (نفط وغاز)، حيث يمدون الصين بـأكثر من (50%) من حاجتها من النفط والغاز المستورد من الخارج وظلت الدول العربية ملتزمة بالشراكة في هذا القطاع الحيوي بالرغم من الضغوط الغربية التي تظهر من وقت لآخر.
استراتيجية جديدة
وقال هيثم: إن الأزمة في أوكرانيا التي أظهرت حيوية الشراكات في هذا المجال تؤكد من جديد القيمة الاستراتيجية الحالية والمستقبلية للشراكة العربية الصينية في قطاع الطاقة.
الرئيس الصيني شي جين بينغ، قد أعلن في كلمته أمام الجامعة العربية في يناير 2016 بأن الصين ستقدم (10) مليار دولار، قروض خاصة بدفع عملية التصنيع في الشرق الأوسط كما ستقدم (15) مليار دولار، لتعزيز الإنتاج الصناعي في المنطقة، إضافة إلى قروض ميسرة بقيمة (10) مليارات دولار. مع إنشاء صندوقين للاستثمار المشترك بقيمة (20) مليار دولار، مع كل من دولة قطر ودولة الإمارات العربية المتحدة للاستثمار في الطاقة التقليدية، كما أقامت الصين مركزين لمقاصة العملة الصينية في قطر والإمارات.
ومن المتوقع أن تدعو الصين إلى ضرورة تنفيذ المشروعات المرتبطة بمبادرة الحزام والطريق، وزيادة التعاون في مجالات ومشروعات البُنى التحتية، وربط الدول العربية بشبكات طرق سريعة، وسكك حديدية، كما ستدفع بأهمية تطوير موانئ جديدة، وزيادة التعاون في مجال التكنولوجيا الفائقة، شبكات الجيل الخامس، الذكاء الاصطناعي، الفضاء والتكنولوجيا النووية للاستخدام السلمي مثل: تحلية مياه البحر وغيرها، والتعاون في مجال الطاقة المتجددة، والتجارة الإلكترونية.
حل أزمة الغذاء
وأوضح هيثم، امتلاك السودان الذي لـ (175) مليون فدان، صالحة للزراعة، يمكن أن يقوم بإقناع الدول العربية والصين بالاستفادة من هذه الأراضي الخصبة، مع العلم أن أوكرانيا كانت تغطي احتياجات العالم قبل حربها مع روسيا بزراعة نحو (9) ملايين فدان،
فعلى السودان تجديد الدعوة لتحقيق الاكتفاء الذاتي للأمن الغذائي لدول الخليج والعرب بالاستثمارات الخليجية مدعومة بالتكنولوجيا الصينية الزراعية خاصة مع تصنيف برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة (السودان) من الدول التي يمكن الاعتماد عليها في حل أزمة الغذاء المتوقعة على مستوى العالم .